ثقافة وفن

نافع يكتب: حدك تمة، لون الراية دم القلب، ولعروق نجمة..

سعيد نافع الأربعاء 30 أكتوبر 2019
1522949728
1522949728

AHDATH.INFO

احتل العلم المغربي واجهات الصفحات الإلكترونية في كل وسائط التواصل الاجتماعي التي ينشط فيها المغاربة بالملايين. وتحول العلم أو «الدرابو» كما يطلق عليه المغاربة في دارجهم الجميل والبسيط إلى أداة استنكار قوي وحضاري ضد ما جرى في ساحة «الباستيل» وسط العاصمة الفرنسية باريس، حين أقدم مرتادو الفكر الانفصالي العنصري على ارتكاب، ما وصفته تدوينات المغاربة، بالجريمة الأكبر ضد رمز الوطن الأول، عبر تصوير عملية إحراقه ونشرها عبر الانترنيت.

واعتبر المغاربة، الذين رفضوا هذا الفعل الجبان والأخرق، عبر تدويناتهم المختلفة، أن الرمز الوطني الأول، العلم المغربي، خط أحمر لا ينبغي على أي كان أن يمسه بسوء. وتفاعلت التدوينات بالقول «من يحرق العلم يحرقنا».. و«جريمة إحراق العلم الوطني.. إعلان حرب ضد كل المغاربة داخل الوطن وخارجه». فيما ذهبت تدوينات أخرى إلى حد تهديد من يقدم على هذا الفعل الجبان، لأن العلم يعتبر وجهنا المشترك أمام كل العالم، فيما قارن ناشطون فايسبوكيون بين ارتفاع الحس الوطني لدى متظاهرين لبنانيين جابوا ساحات باريس الكبرى في نفس اليوم، ورفعوا علم بلادهم بعنفوان واعتزاز، وبين غياب هذا الحس لدى دعاة الانفصال، متسائلين إن كان يحق لنا أن نصفهم كمغاربة.

ناشطون آخرون على مواقع التواصل الاجتماعي، ممن تتوفر لديهم بعض المعرفة بالحس التاريخي للنضال في المغرب، قارنوا بين مناضلي الأمس بأسمائهم الكبيرة ونضالاتهم التي تحدت الاعتقال والمنع والنفي، دون أن تدفعهم معاناتهم إلى التنصل من الرموز الوطنية أو الإساءة إليها، وبين مناضلي آخر ساعة، الذين يجتهدون في المزايدة على الوطن ورموزه، ولو لم يمسسهم ضر بسيط من ما مس مناضلي الزمن الماضي. تصبح المزايدة على الوطن سجلا تجاريا تذوب فيه المصلحة الوطنية أمام مصالحهم الصغيرة، يعلق هؤلاء الناشطون.

حتى الناشطون المحسوبون على تيارات سياسية معارضة كان لهم موقف واضح من جريمة إحراق العلم الوطني في مسيرة الانفصال المفضوحة التي شهدتها باريس في 26 أكتوبر الجاري. دعا العقلاء إلى ضرورة التخلي عن مواقف عدوانية وصبيانية مماثلة، أولا لأنها لا تقدم أية خدمة لمن يطالبون بإصلاحات أو تغييرات في المغرب، وثانيا لأنها تعبر عن حقائق أخرى، لا تمت للنضال أو المواقف الشجاعة بصلة. وقدم هؤلاء الناشطون درسا حقيقيا في الوطنية لمقترفي هذه الزلة الخطيرة، عبر تذكيرهم بأن رموز الهوية التي تجمع المغاربة لا تعني أشخاصا قد نختلف أو نتفق مع طريقة تسييرهم للقطاعات التي يسهرون عليها، أو مع الجهاز التنفيذي أو نواب البرلمان وغيرهم من ممثلي المؤسسات الوطنية.

تفاعل المغاربة مع هذه الجريمة البشعة في حق العلم الوطني، تحول إلى درس ممتد عبر شبكات التواصل الاجتماعي حول مفاهيم الإرث الحضاري للشعوب. ونسجت المقارنات بين أشكال الاحتجاج في العالم كله، بما فيها الدول التي تشترك معنا في الكثير من الأشياء، حيث ظل العلم الوطني خيطا أحمرا يجمع المشاركين فيه، ويتصدر واجهة المطالب المرفوعة ضد السلط أو المؤسسات فيها أو الأجهزة، وبين غياب العلم الوطني في مسيرات الحسيمة أولا، ثم اشتراك عتاة الانفصال في الفعل الممنهج في ساحة الباستيل. في زمن احتجاجات الريف ظل السؤال عالقا: أين العلم ؟ يوم الأحد الماضي ومن عمق العاصمة الفرنسية جاء شيء من الرد.

أبدع المغاربة في ردع الانفصاليين. ووجد كثير ممن ساندهم بالأمس، عن علم أو بغيره، نفسهم في موقف حرج للغاية. وحدهم الأصليون، الأصيلون، لم يفكروا مرتين في الموضوع. كتاب، أدباء، مفكرون، صحفيون، فنانون، رياضيون، اعتبروا أن الدفاع عن العلم قضيتهم الأولى. من بين أجمل الردود، أنقل لكم ما تفتق عن عبقرية الزجال الرائع إدريس بلعطار لتلخص هذا الرفض الشعبي:

حدك تمة

لون الراية دم القلب

ولعروق نجمة..