ثقافة وفن

أوجار: نعيش استعصاء في الانتقال نحو الديمقراطية

عبد العالي دمياني الأربعاء 30 أكتوبر 2019
0-4
0-4

AHDATH.INFO

تواصلت أشغال ندوة «من أجل فكر عربي جديد»، التي نظمتها مؤسسة الفكر العربي على مدار يومي الإثنين والثلاثاء بالعاصمة الرباط، حيث قدمت أوراق تشخص حال العالم العربي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. وتمهد الندوة لمؤتمر «فكر 17» المنعقد في دجنبر بالسعودية.

وقال محمد أوجار، وزير العدل السابق، إن العالم العربي هو الإقليم الوحيد في العالم الذي يشهد حالة استعصاء في الانتقال نحو الديمقراطية. وأضاف في ندوة «من أجل فكر عربي جديد» أن حوالي 90 في المائة من البلدان الإفريقية تشهد انتقالا ديمقراطيا فيما نحن نفتقر إلى جواب عن سؤال التحول هذا.

وعزا أوجار، الذي سير جلسة «العرب والمتغيرات الكبرى في العالم اليوم» هذا الاستعصاء إلى ما أسماه عدم شجاعة الفكر العربي، لافتا إلى أن ثمة جوابا مرفوضا يقدمه الفكر الجهادي من خلال «الخلافة الإسلامية» غير أن الإسلام السياسي يـظل إجمالا مفتقرا هو الآخر إلى أجوبة واضحة وعجز عن إنتاج فكر جديد.

وأبرز المتحدث أننا غدونا اليوم العدو رقم واحد للغرب بوصفنا مسلمين، رغم أنه قام بالتواطؤ مع نوع من الإسلام السياسي. وتابع قائلا أن حضورنا عبر العالم أصبح سلبيا بل كارثيا من خلال إعلام الغرب وتمثلاته وسياساته، حيث يتم استحضارنا فقط من خلال داعش والقاعدة وباقي الجماعات المتطرفة، بشكل يحجب عطاءات حضارتنا وتاريخنا وفكرنا، الذي عليه أن يعيد صياغة خطاب جديد يتواصل به مع العالم.

وأكد محمد أوجار أن التطورات في بلداننا انتصرت للجهلة والأغنياء والشعوبيين، مبديا امتعاضه من الضحالة الفكرية السائدة اليوم في مجتمعاتنا. واعتبر أن الإسلام السياسي في المغرب الكبير يقدم صورة مختلفة عن نظيره في المشرق، متمثلا بحزب النهضة في تونس الذي قام بمراجعات جذرية، والعدالة والتنمية في المغرب، وهما معا توليا تدبير الشأن العام لسنوات، حيث تم إدماجهما من قبل السلطة في تجربة تستحق المصاحبة لكون إنضاجها يتيح الانتقال الفعلي إلى دولة الحق والقانون.

من جهته قال محمد العاني، المدير العام لمؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، إن الحرب على الإرهاب خلخلت الروابط بين السلطة والمجتمع في العالم العربي. وأوضح أن الغرب في استراتيجية حربه على الإرهاب، ينسجم مع نسقه، في حين أن هذه الحرب لدى السلط العربية، التي تبنت نفس الاستراتيجية، تشكل تعارضا مع النسق الثقافي العربي الإسلامي.

وأضاف العاني أن الحرب على الإرهاب بهذا المعنى أفضت إلى مواجهة الذات العربية مع نفسها، وإلى تغليب مصالح الغرب على حساب المصالح القومية العربية، وهو ما بدا أنه مؤامرة على الهوية وتعلة دفعت الجماعات الأصولية إلى استغلاله لصالح مشروعها التدميري.

وأرجع محمد العاني بداية تدهور الأوضاع في العالم العربي إلى أحداث 11 سبتمبر، لحظة إعلان الحرب على الإرهاب وفق استراتيجية غربية، مشيرا إلى أن لهذه السياسة مفعولها على انتفاضة الشعوب فيما يسمى بالربيع العربي. وذكر أن المنظومة الثقافية والقيمية للمجتمع في علاقتها بالمجال السياسي تفتت، مما أفضى إلى انفجارات متتالية كان اللاعب الأساسي فيها هو الشارع، الذي استغل وسائل التواصل الاجتماعي في تحركه.

وأبرز المتحدث أن توسل الشارع العربي بالعالم الافتراضي جعل السلطة أمام لاعب يستحيل التفاوض معه لأنه بدون قيادات، وهو ما دفع الجماعات الأصولية إلى استغلال ارتباك السلطة أمام الشارع لصالحها. وقال العاني أن الربيع العربي بالرغم من خطورته كحدث كبير أفرز تغيرات عميقة لم يخضع بعد للدراسة العميقة، مشيرا إلي نماذج بعينها تستحق الدراسة بعناية كما هو حال المغرب وتونس وموريتانيا ودول الخليج العربي.

وأنهى العاني حديثه بالإلحاح على ضرورة بناء استراتيجية ثقافية حقيقية في هذا السياق الهش، الذي تتفجر فيه الطائفية والقبلية وباقي العصبيات، وقطع دابر الفساد، الذي أخرج الناس إلى الشارع، مؤكدا أن الفساد صار اليوم نقطة فاصلة والخيارات أمامه محدودة أمام ما أفرزه من تشقق للأنظمة من الداخل، إذ لم تعد تكفي معه الإصلاحات التسكينية في عصر يحمل كل بوادر الجنون.