الصحراء

خبير.. الأحزاب لم تتملك مفهوم "نموذج تنموي"

أحمد بلحميدي الاحد 26 يناير 2020
صورة إدريس الفينا
صورة إدريس الفينا

AHDATH.INFO

أبانت النقاشات التي باشرتها اللجنة المكلفة بصياغة النموذج التنموي مع الأحزاب السياسية, عن أسئلة تتعلق بإصرار بعض الأحزاب عل طرح إيديولوجيا محدد في قلب تصور تنموي جديد يصعب عليه الجمع بين متناقضات في المنطلقات. في هذا الحوار نتساءل مع الخبير الاقتصادي إدريس الفينا* حول ما  إذا كانت الأحزاب قد ارتقت إلى تصور نموذج تنموي جديد أم مازالت سجينة رواسب الماضي.

هل ارتقت مقترحات الأحزاب السياسية إلى تصور نموذج تنموي أم أنها كانت أقرب إلى البرامج الانتخابية؟

قبل ذلك، دعني أولا أشير إلى أن اللقاءات التي تجريها اللجنة المكلفة بإعداد النموذج التنموي الجديد مع مختلف الفعاليات ومنها الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية بالطبع هي مؤطرة بالخطابين الملكيين الأخيرين وبالإرادة الملكية، حيث  دعا الملك إلى بلورة نموذج جديد، مقدما الخطوط العريضة لهذا الأخير. الملك دعا إلى إعادة النظر في النموذج الحالي عبر تشخيص استراتيجي واستشرافي، لطي صفحة طويلة تمتد منذ الاستقلال من أجل الانتقال إلى مرحلة جديدة، تسمو على السياسوية، والاكنباب بدل ذلك على نقاش اقتصادي وتنموي لما فيه صالح البلاد. لذلك يتعين أن تتأطر هذه  النقاشات-سواء تعلق الأمر بالأحزاب أو بغيرها-بالخطاب الملكي والخطوط العريضة والمحاور التي رسمت مجال إصلاح النموذج التنموي لتفادي الفوضوية في النقاش.

 لكن هل كانت الأحزاب في الموعد؟

أقول إن الأحزاب ليست مهيأة بعد لطي صفحة والانتقال إلى صفحة جديدة، عنوانها المساهمة في إصلاح النموذج التنموي عبر نقاش بعيد عن ألسياسوية. لكن للأسف نرى جل الأحزاب السياسية مازالت حبيسة مزايدات المرحلة السابقة.

من الانتقادات الموجهة للأحزاب الطابع الإنشائي لخطابها، وانغماسها في العموميات دونما الإجابة عن سبل إنتاج وتوزيع الثروة؟

الأحزاب بارعة في العموميات وفي تعويم المواضيع، لأنها تعاني نقصا في الخبراء، وهذا يظهر بالملموس، حيث نرى أحزابا غير قادرة على تسيير الشأن العام على كافة مستوياته، لهذا نجد أن الدولة ظلت حريصة على المواكبة الفعلية الدائمة لمتطلبات التنمية على المستوى المحلي والمركزي.

 الأحزاب ضخمت كل ما هو سياسي. إقحام القيم مثلا في النموذج التنموي؟ 

هذا يعني أنها لم تتخلص من إرث الماضي. لقد تتبعت الوثائق التي أنتجتها الأحزاب في هذا الإطار والنقاشات التي دارت داخلها، ليتبين أنها لم تتملك بعد مفهوم نموذج تنموي وما يخفيه هذا النموذج من عمق استراتيجي متعلق بإنتاج الثروة بالمغرب وإعادة توزيعها، هذا بارتباط مع مختلف المنظومات المؤسساتية والقانونية والانتاجية.

 عدم تملكها لمفهوم نموذج تنموي، يحيل إلى افتقارالأحزاب للخبراء والكفاءات. لماذا؟

في ظل الوضع الحالي للأحزاب، خصوصا الوضع الديمقراطي الداخلي لا يمكنها أبدأ أن تكون مستقطبة للخبراء والكفاءات. فكيف تطالب الأحزاب بالديمقراطية وليست لها القدرة على ممارسة الديمقراطية الداخلية، هذا فضلا عن عدم القدرة على التنظيم، وقبل ذلك هل يمكن لأحزاب سياسية تتلاعب بقوانينها الداخلية أن تستقطب كفاءات؟

* إدريس الفينا أستاذ بالمعهد العالي للإحصاء والاقتصاد التطبيقي