اقتصاد

الشامي: تجويد الخدمات الاجتماعية أنجع للحفاظ على الطبقة الوسطى من الزيادة في الأجور

فطومة نعيمي الأربعاء 19 فبراير 2020
الشامي
الشامي

AHDATH.INFO

قال رئيس المجلس الاقتصادي، أحمد رضا الشامي، إن تطوير وتجويد الخدمات الاجتماعية أنجع من الزيادة في الأجور .

وأوضح الشامي، خلال افتتاح أشغال المنتدى البرلماني الدولي الخامس للعدالة الاجتماعية الأربعاء 19 فبراير 2020، أن تجويد  الخدمات الاجتماعية وتيسير الولوج إليها أنجع في تحسين الوضعية الاجتماعية للأفراد بالنظر إلى أنها تقلص الإنفاق على هذه الخدمات. واعتبر أنها مفتاح الحفاظ على الطبقة الوسطى.

وفي هذا السياق، دعا الشامي إلى الحسم في تحديد الطبقة الوسطى وخصائصها باعتماد معايير جديدة تتضمن القدرة الشرائية فضلا عن باقي المعايير الأخرى المعتمدة من مثل الدخل والاستهلاك.

وشدد الشامي على الأدوار الحيوية لهذه الطبقة بوصفها مكونا ضروريا لضمان الاستقراروالتماسك الاجتماعي، وفاعلا أساسیا في التعبئة والمواطنة النشیطة، ومساھما في تفعیل الإصلاحات، ومحركا أساسیا للنمو عبر الادخار، والاستھلاك، والابتكار والمبادرة والإبداع.

وكذلك، نبه الشامي إلى ضرورة تقوية الطبقة الوسطى وليس فقط توسيعها حيث أشار إلى مختلف الإكراهات، التي تعترضها وتقوضها ارتكازا على خلاصات التقارير المنجزة من قبل مجلسه.

وعاد الشامي للتذكير، في هذا السياق،  بآثار حملة المقاطعة، التي شملت منتوجات شركات مغربية في 2018، حيث اعتبر أنها الحملة، التي كشفت الحاجة إلى إعمال القانون في مجال حمایة المستھلك. إذ "شكلت حركة المقاطعة، التي عرفتھا بلادنا سنة 2018 أكبر تجسید للمصاعب، التي تواجھھا القدرة  الشرائیة للطبقة الوسطى، حیث عبر  مواطنون ومواطنات خلال ھذه الحركة عن استیائھم من أوجه القصور المسجلة  على مستوى تَقْنِین الأسواق وحماية المستهلك" يقول الشامي.

واعتبر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن هذه الطبقة تعاني من قصور السياسات العمومية الموجهة لها، وتحتاج إلى سياسة خاصة بها تحديدا حيث لفت إلى أن من أبرز نواقص السياسات العمومية هي التركيز على محاربة الفقر دون التفكير في تعزيز قدرات هذه الطبقة وخاصة قدرتها الشرائية في ظل  اختلالات خدماتية حادة وتزايد احتياجاتها مما يرفع من مديونيتها من خلال اللجوء إلى الاقتراض.

وزاد الشامي مؤكدا  أن " الطبقة الوسطى تلجأ إلى القطاع الخاص في الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم بحثا عن الجودة في ظل تقاطب الخدمات الأساسية، الذي يخلق تعايش منظومتين هما القطاع العام والخاص على مستوى كل خدمة من الخدمات الأساسية . وهو التعايش الذي يكرس عدم الالتقائية ويفاقم من الفوارق الاجتماعية ويزيد من إنفاق الطبقة الوسطى" يوضح الشامي.

وفي نفس السياق، شدد الشامي على أن هذه الطبقة تعاني من العبئ الضريبي غير المتوازن . وزاد الشامي مؤكدا على ضرورة وضع ضريبة على الأسر عوض الفرد وذلك لتقليص العبئ الضريبي على الطبقة الوسطى، ذلك أن الهدف هو تقوية هذه الطبقة  وليس توسيعها ينبه الشامي.

و لفت الشامي إلى أن الأولويات الأساس، التي خلص إليها مجلسه من خلال مختلف الدراسات المنجزة، والتي تناولت الطبقة الوسطى بشكل عرضاني، تتمثل في الرفع من القدرة الشرائية لهذه الطبقة وتجويد الخدمات الاجتماعية وتيسير ولوجها إليها،  وتحديث تدبير الموارد البشرية لتحسين القابلية للشغل، والعمل على تناسب الأعباء الضريبية مع قدرات الطبقة الوسطى والحرص على ضمان مزيد من الإنصاف والتدرج في النظام الجبائي، وجعل المراكز القروية أقطابا للتنمية الاقتصادية تتمركز فیھا الخدمات العمومیة الأساسیة والأنشطة الفلاحیة والصناعیة والسیاحیة،  وذلك من أجل الحد من الھجرة القرویة وخلق فرص الشغل والتشجیع على بروز طبقة وسطى قروية.

ومن جهته، نبه رئيس مجلس المستشارين، حكيم بن شماش، إلى الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية السلبية الناجمة عن تراجع قاعدة الطبقة الوسطى بالمغرب. وذلك، ارتكازا على بعض التقارير ومنها التقرير الصادر عن البنك الدولي في 2017 تحت عنوان" المغرب في أفق 2040، الاستثمار في الرأسمال اللامادي لتسريع الإقلاع الاقتصادي".

وهو التقرير، الذي أشار إلى أن الطبقة الوسطى بالمغرب لا تتجاوز عتبة 25 في المائة من مجموع الساكنة، بل إنه مع مراعاة العديد من الأعباء والتكاليف الإضافية، على غرار غلاء العقار، وارتفاع كلفة التعليم الخصوصي، وضعف وسائل النقل العمومية ذات الجودة، وضعف جودة المنظومة الصحية العمومية، والتغطية الصحية المحدودة ومستويات عالية لمساهمات الأسر المعيشية في الإنفاق على الرعاية الصحية..، فإن هذه النسبة تتقلص إلى 15 بالمائة فقط ، وهو ما يعادل حوالي 5 ملايين نسمة من إجمالي ساكنة تناهز 34 مليون نسمة. وكان ذات التقرير قد حدد 10آلاف درهم كعتبة لدخل الأسر لتصنيفها ضمن الطبقة الوسطى.

وأوضح بنشماش أن هناك الكثير من المؤشرات، التي تعكس مقدار تآكل الطبقة المتوسطة، من بينها  تمدد الطبقة الفقيرة، واتساع الفجوة بين الطبقة العليا والطبقة المتوسطة، والمستوى المرتفع لمديونية الأسر، الذي سجل 30 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2017، تتوزع إلى 64 في المائة  كقروض عقارية، و36 في المائة قروض استهلاكية .

واعتبر بنشماش أن إنصاف الطبقة الوسطى مسألة مستعجلة لإنجاح أي نموذج تنموي، إذ لفت إلى ضرورة  أن يفتح النموذج التنموي الجديد الآفاق أمامها، وأن تكون حاضرة على مستوى مراكز القرار، سواء داخل الدولة أو في المؤسسات العمومية أو الجهات، وكذلك على مستوى استفادتها من عائدات النمو، ومن الفرص، التي ستفتح من خلال العمل على تنزيل المساواة بين المواطنين، وتخليق الحياة العامة، والقضاء على جيوب ومشاتل الريع، وإشراكها في الحياة السياسية.

ونظم مجلس المستشارين بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي،  تحت رعاية الملك محمد السادس، وبتعاون مع مؤسستي وستمنستر للديمقراطية وكونراد أديناور، المنتدى البرلماني الدولي الخامس للعدالة الاجتماعية، تحت شعار "توسيع الطبقة الوسطى: قاطرة للتنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي".

ووفق ما تضمنته أرضية المنتدى، فإن تنظيم هذا المنتدى يأتي تفعيلا للتوصية الصادرة عن الدورة التأسيسية للمنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية المنعقد بتاريخ 20 فبراير 2016، الداعية إلى تنظيم المنتدى على نحو دوري ومنتظم احتفاء باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، الذي يصادف عشـرين فبراير كما أقرته الأمم المتحدة اعتبارا من الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة سنة 2007.

وتكمن دوافع المنتدى في الرهان على الأدوار الحيوية للطبقة الوسطى، بوصفها عنصراً هاماً لبناء نموذج مجتمعي يسوده التوازن والاستقرار والعدالة الاجتماعية.

ويعتبر المنتدى أن الاهتمام بهذه الطبقة يقتضي صياغة استراتيجية تنموية جديدة، تتحدد أولوياتها وبرامجها طبقا لاحتياجات مختلف الفئات الاجتماعية وعلى رأسها الفئات المتوسطة، مع تشجيع النمو المستدام والمدمج وإعادة النظر بشكل شمولي في آليات توزيع الثروة، بما في ذلك الآلية الجبائية والضـريبية والتمويلية ومنظومة الأجور وإقرار التدابير الضـرورية لضمان تكافؤ الفرص والعدل والإنصاف والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، بالإضافة إلى التشجيع على المزيد من المشاركة في الحياة السياسية والمدنية وإلى إصلاح المنظومة البنكية بما يضمن من التخفيف من عبء الدين على الطبقة الوسطى وتشجيعها على الادخار والاستثمار.

ويسعى المنتدى البرلماني الدولي في نسخته الخامسة إلى إثارة انتباه مختلف الفاعلين إلى ضرورة الوعي بأهمية الطبقة الوسطى ودورها في المجتمع بل وتمثل رغباتها وتطلعها، غير أن هذا الوعي يجب ان يقترن بإرادة سياسية قوية تجعل هذه الطبقة في صلب النموذج التنموي الجديد.

كما يسعى المنتدى إلى المساهمة أيضا في تعميق التفكير والنظر في سبل صيانة وتوسيع الطبقة الوسطى، وذلك عبر الإسهام  المتوقع للمتدخلين، من فاعلين سياسيين واقتصاديين واجتماعيين ومدنيين.

وترتكز أشغال المنتدى على أربعة محاور أساسية تتصل بمكانة الطبقة الوسطى في الأجندة المؤسساتية الدولية والوطنية؛ وبخصائص ومميزات الطبقة الوسطى؛ ومحددات وإعداد بزوغ طبقة وسطى بالعالم القروي؛ وتعزيز الطبقة الوسطى كخيار استراتيجي في النموذج التنموي الجديد.

ويعد هذا المنتدى الخامس من نوعه، الذي يحتضنه مجلس المستشارين بعد أن سبق له ونظم النسخ الأربع السابقة منذ 2016.