مجتمع

بعد أن فضحه تسجيل صوتي.. القضاء يشرع في محاكمة "سمسار المحاكم"

رشيد قبول الأربعاء 08 أبريل 2020
99B634A0-93FA-4637-BE69-27BFEF3C2A00
99B634A0-93FA-4637-BE69-27BFEF3C2A00

Ahdath.info

من المنتظر أن تحتضن المحكمة الابتدائية باكادير، غدا الخميس تاسع أبريل الجاري، الجلسة الثانية من محاكمة المستشار الجماعي ببلدية كلميم المتابع على ذمة قضية تتعلق بمزاعم التدخل في أحكام وملفات معروضة أمام القضاء.

فبعد أن أنهى قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية بآكادير، التحقيق التفصيلي، في ملف من بات يعرف ب "سمسار المحاكم"، الذي تفجرت قضيته عبر تسريب تسجيل صوتي يفضح عينة من "التدخلات غير القانونية" التي كان يقوم به المتهم المتابع في حالة اعتقال، من أجل التخفيف من الأحكام أو  الإفراج عن بعض المتورطين، شرعت المحكمة في النظر في قضيته.

وبإحالة الملف على القضاء الجالس، يكون الملف الذي أثار زوبعة بمحكمة آكادير واستأثر باهتمام الكثيرين بمدينة كلميم، قد دخل مرحلة الحسم ابتدائيا، بعد أن شرعت المحكمة الابتدائية بعاصمة يوس، مدينة آكادير، بداية الأسبوع الجاري، في محاكمة المتهم الذي ورطه التسجيل المسرب لمكالمة هاتفية في متابعة قضائية، مازال العديد من سكان مدينة كلميم ينتظرون ما ستسفر عنه، خاصة أن المتهم يعتبر مستشارا جماعيا بمجلس المدينة.

فبعد الجلسة الأولى التي عقدتها المحكمة يوم الاثنين الماضي، قررت المحكمة تأخير الجلسة إلى غاية بعد غد الخميس من أجل إعطاء مهلة للمحامين الذين تنصبوا لمؤازرته من أجل الدفاع عنه.

ويأمل المتضررون من مثل هذه التصرفات المعيقة لسير العدالة ببلادنا، أن يشكل الحكم مناسبة يتحقق فيه الردع الخاص الذي سيطول المتهم، حال ثبوت التهمة في حقه والتي تواجهه فيها المحكمة بدليل االتسجيل الصوتي، إضافة إلى السعي لتحقيق الردع العام لمنع مثل هذه التصرفات المسيئة للقضاء والقضاة.

وكان قاضي التحقيق، بالمحكمة الابتدائية بأكادير قرر إيداع المستشار الجماعي، الذي يعمل مقاولا بمدينة كليميم، السجن المحلي بأيت ملول والاحتفاظ به رهن الاعتقال الاحتياطي، على خلفية التسجيل الصوتي الذي تم نشره على نطاق واسع، وعبر تطبيقات التواصل السريع، يدعي من خلاله صاحبه قدرته على التوسط في قضايا معروضة على القضاء.

وكانت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بولاية أمن أكادير، أحالت الموقوف على أنظار النيابة العامة لدى المحكمة الإبتدائية بأكادير، حيث قرر قرر وكيل الملك إحالته على قاضي التحقيق في إطار التحقيق التفصيلي.

يذكر أن النيابة العامة بآكادير، كانت أصدرت تعليماتها من أجل البحث في حقيقة صاحب الشريط وحقيقة إدعاءاته، بعد أن فضحه تسجيل هاتفي لمكالمة، يدعي فيها تدخله في ملفات قضايا معروضة أمام المحاكم، سواء لدى قضاة الحكم أو النيابة العامة، حيث يتحدث في التسجيل مخاطبا شخصا آخر وصفه ب “الرئيس”.

وهو التسجيل الذي كان قد أحدث زوبعة بمحكمة آكادير ما جعل النيابة العامة بعاصمة سوس تصدر بلاغا أكدت فيه أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بأكادير، و"على إثر ما تم تداوله من تسجيل صوتي على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد الأشخاص يزعم من خلاله قدرته على التدخل لحل قضايا معروضة على القضاء، فقد تم فتح بحث قضائي للوقوف على حقيقة الادعاءات المضمنة بالتسجيل الصوتي، وترتيب الآثار القانونية على ضوء ذلك".

وكان المتحدث في التسجيل الصوتي، الذي خاطب محدثه ب «سعادة الرئيس»، قال إن موعد الجلسة هو يوم الاثنين، ليخبره قائلا: "راني مشيت لاكادير على قبل ذاك الدري ديال طانطان… وراه غادي نفك وحايلو”، مضيفا في إشارة إلى أن تدخلات تفيد أن يتولى الوساطة في الأحكام بمقابل مادي: "باغين واحد الأمانة راه غادي نعطيها ليهم باش نفكوه".

وفي سياق يفيد تعوده على مثل هذه التدخلات المريبة في الملفات، قال لمن يكلمه: "هداك النائب ديال التعليم نهار الاثنين غادي يخرجو ولدو ولا خوه ولا ولد ختو…" (كذا) وكأنه يتحكم في زمام الأمور ويخرج من يشاء من السجن.

ويقول المتحدث ذاته خلال نفس التسجيل: "المسائل الثانية.. الناس صحابي اللي غادين يفكو الأمور راهم مستعدين لكلشي…"، مردفا "هداك شوية قاضي التحقيق خفنا ايلا يعكس لينا، ولكن دابا راه درنا ليه الطريق"، ليختم مكالمته بالتأكيد على سعيه الحثيث لخدمة المتوسلين بواسطته لدى المحاكم قائلا: "هادشي راني خدام فيه 200 في المائة".

وكانت هذه القضية أعادت إلى الأذهان قضية "سمسار الأحكام" بالمحكمة الزجرية عين السبع، التي كانت قد أثيرت قبل أشهر قليلة، بعد أن ظهر في شريط مصور، وهو يزعم قدرته على التدخل لتخفيف الحكم الذي سيصدر في حق إحدى المتهمات، حيث أدين المتهم الرئيسي فيها ب 5 سنوات حبسا نافذا، فيما أدين رفيقه ب 3 سنوات حبسا نافذا.