ثقافة وفن

ما بين "الغواية" وخط الاستقامة .. "ذوات" تتناول في عددها 62 حدود العلاقة الشائكة بين الإبداع والعقيدة

سكينة بنزين الاثنين 20 أبريل 2020
Capture
Capture

AHDATH.INFO

ما هي حدود العلاقة بين الشعر والدين، وبعبارة أخرى: هل يمكن للدين أن يسيج حدود الإبداع؟ هل يجب على الشاعر أو الكاتب أن يخضع إبداعه لميزان الحلال والحرام ؟ إنه السؤال القديم الجديد الذي اختارت مجلة "ذوات" طرحه خلال عددها 62، لتستل عددا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤطر صورة الشاعر داخل النص المقدس.

ما بين الغواية وخط الإستقامة، يبقى اللجوء للحرف من سنده المقدس مصدر إلهام للشاعر، الذي يجد نفسه أحيانا أمام مدفع التكفير تحت مسمى "التطاول على النص المقدس"، وهو ما لا يستقيم مع أدوات النقاد وفق ما أشارت له سعيدة شريف، رئيسة تحرير مجلة "ذوات"، خلال كلمة العدد، موضحة أنه "لا مجال للمعيار الديني العقدي في الحكم على الأعمال الشعرية، وتكفير أصحابها لمجرد أنهم استلهموا بعضا من النصوص القرآنية المقدسة في أعمالهم، لأن هذا هو أس الأصولية الدينية التي تكفر كل شيء يقترب من الدين الإسلامي، معززين بذلك وهم "الأدب الإسلامي"، المنكر للثقافة العربية القديمة، والجاهل بالحدود المعرفية، وهذا للأسف هو ما نشهده في السنوات الأخيرة مع المد الأصولي، وتكفير العديد من الشعراء، وبل حتى الفنانين، لمجرد أنهم تجرأوا على استلهام القرآن في أعمالهم، ولا أدل على ذلك من تكفير الشاعر المصري أحمد الشهاوي أكثر من مرة، ورفع دعاوى قضائية عليه، والشاعر والأديب اليمني عامر السعيدي، وكذلك الفنان مارسيل خليفة، وغيرهم من الأدباء والشعراء والفنانين.

غلاف العدد من مجلة "ذوات"

وتسترسل شريف في القول، لتعرج على تشعب العلاقة التي تجمع الشعري بالعقدي في مختلف الديانات، مما يصعب معه الخروج بخلاصة محددة كما يتوهم البعض عند بداية تناول الموضوع، لتخلص أن المقدس كان دائما مصدرا لإغناء "الملمح الشعري مثلما هي الحال في تجارب شعرية عالمية اتخذت من الكتب المقدسة نصا غائبا".

وكعادتها تطرق مجلة ذوات بوابة الأسئلة الجريئة، من قبيل الفرق بين المعرفة الشعرية والمعرفة الدينية؟ ما موقف الدين من الشعر؟ وما رؤية الشعر إلى الدين؟ ما الفرق بين الشاعر والنبي؟ ما الحمولة التي اتخذها مفهوم النبوة عندما وجد طريقه إلى توصيف المنجز الشعري؟ كيف اشتغل المقدس في الشعر من خارج ما هو ديني؟ فيم ينفصل بناء اللغة الشعرية، بمختلف مستوياتها، عن بناء اللغة في القرآن؟

ملف العدد الذي أعده الكاتب والناقد والمترجم المغربي الدكتور خالد بلقاسم، تحت عنوان "الشعر والدين: بين التجاوب والتوتر"، يعرف مشاركة عدد من الأقلام العربية التي حاولت تناول الموضوع من زوايا مختلفة، كالشاعر والناقد التونسي الدكتور منصف الوهايبي بـمقال بعنوان "بين المعرفة الشعريّة والمعرفة الدينية"، والناقدة اللبنانية الدكتورة نايلة أبي نادر بمقال "الدين والشعر في تداول المعنى"، والناقدة التونسية حياة الخياري بمقال "الشعر والدين: سيمياء الخلق بين الإمكان والتحقق"، والناقد المغربي الدكتور يوسف ناوري بمقال "الشعر وسؤال المقدس"، فيما تم تخصيص حوار الملف للشاعر المصري أحمد الشهاوي، لأن مجمل أعماله الشعرية انشغلت بجزء من القضايا التي تثيرها علاقة الشعر بالقرآن، ولأن ممارسة هذا الشاعر النصية حرصت على استثمار هذه العلاقة بنفس صوفي، مكن الجسد من حضوره ومن متعته في آن، زيادة على أنه تعرض للتكفير بسبب استلهامه للنص القرآني في أعماله الشعرية.