ثقافة وفن

خيي : هذه قصة نجاح « سلمات أبو البنات » من السيناريو إلى الشاشة

حاوره أحمد ردسي الجمعة 08 مايو 2020
IMG-20200508-WA0031
IMG-20200508-WA0031

Ahdath.info

محمد خيي قامة كبيرة على الركح و أمام الكاميرا وأيضا قامة كبيرة في الحوار، صدق في القول و عمق في التحليل و المحاججة و ووضوح في الرؤية والموقف في الفن والحياة كل ذلك بنكهة تمغربيت الأصيلة المنغرسة في وجداننا وبنبرة الرواة الذين يسحرون كل مستمع ،، سألناه عن أسرار أو وصفة نجاح مسلسل « سلمات أبو البنات » وعن شخصية المختار وعن المسرح هذه الطاقة التي لاتنفد وأشياء أخرى فكان هذا الحكي الاستثنائي.

حقق مسلسل « سلمات أبو البنات » الذي تلعب بطولته إلى جانب العديد من الوجوه المعروفة والمجربة والأسماء الشابة والواعدة نجاحا كبيرا، لو سألناك كواحد يساهم في قصة النجاح هاته ويعيشها عن العناصر الأساسية التي أدت إلى هذه النتيجة ..؟

أود في البداية أن أتوجه بالشكر الجزيل لكل الإخوان والأخوات المشاركين في الفيلم من طاقم فني وتقني و إداري وإنتاجي .. والذين بذلوا مجهودا كبيرا وتوجت مجهوداتهم بهذه النتيجة التي نحن سعداء جدا بها..

هناك عدة عناصر اجتمعت أو تظافرت لتخلق قصة نجاح هذا العمل الذي أحسسنا أن المغاربة كلهم أحبوه ، هناك سيناريو جيد ومخرج جيد ومشخصين جيدين وكاستينغ جيد وأيضا تقنيين جيدين ، ناس يحبون هذه المهنة وعندهم غيرة عليها، إذا أردنا أن نتحدث عن المخرج هشام الجباري الذي هو كاتب السيناريو مع الأخت كوثر المطواح فسنجد مجهودا كبيرا وهناك فكرة جميلة جدا وبناء الشخصيات والأحداث والفكرة في حد ذاتها هي التي جعلت المغاربة يحسون بتمغربيت والأسرة المغربية وجدت نفسها في المسلسل .

يعني أن أي مغربي يشاهد المسلسل سوف يجد نفسه أو فردا من أفراد أسرته أو عائلته في هذا العمل وشخصياته ، حيث سوف يرى والده أو والدته أو إخوانه وأخواته ويستعيد الجو الأسري والعائلي كما كنا نعيش فيه و أتمنى بالمناسبة ألا نفقد حلاوة العيش التي كانت تتسم بها العائلة المغربية والاحترام المتبادل بين أفرادها والتآزر ما بين الناس حيث تحس بأن كل واحد متضامن مع الآخر « أنا منك وأنت مني ، أنت ما تفرط فيا و أنا ما نفرط فيك »…

زيادة على ما سبق وإضافة إلى جودة السيناريو هناك جودة المشخصين سواء من الوجوه المعروفة ذات التجربة أو من الوجوه الشابة والواعدة في المجال، الكاستينغ كان له دور في قوة ونجاح العمل وهنا لا بد أن أشدد على الدور الذي قام به المخرج في هذا الباب حيث عرف ونجح في أن يضع كل مشخص في مكانه وهذا شيء جميل جدا.

زيادة على الإنتاج والمجهود الكبير الذي بذلته الأخت فاطنة بن كيران ( منفذة الإنتاج عبر سبيكطوب ) ومساعديها الذين وفروا لنا كل الظروف المواتية للاشتغال و لاننسى الجو السائد فيما بيننا جميعا حيث الاحترام المتبادل بين الفنانين ومختلف طواقم المسلسل ومنهم التقنيون الذين كانوا حقيقة مبدعين ومتفانين في عملهم وساهموا في إيصال الصورة الجميلة للمشاهدين بعملهم وما وفروا لنا من أجواء عمل مريحة.

تحدثت فيما سبق عن المخرج هشام جباري الذي له رصيد كبير من النجاحات في الدراما المغربية وأيضا الكوميديا كيف كانت إدارته لفريق مسلسل « سلمات أبو البنات»، ولمسته التي طبع بها العمل علما أنه سبق لك أن اشتغلت تحت إدارة العديد من المخرجين من أجيال مختلفة في التلفزيون والسينما ؟

المخرج هشام الجباري كان له دور كبير في العمل وفي النتيجة التي حققها بطريقة عمله والاحترام الذي كان يتعامل به مع كل طاقم المسلسل من مشخصين سواء من ذوي التجربة أو من الوجوه الشابة الواعدة أو التقنيين ..

نفس الاحترام للكل بدون تمييز بين هذا أو ذاك ناهيك عن روح التعاون والتآزر التي زرع بين جميع المشاركين في العمل، وأيضا انفتاحه وحواره مع الجميع وأسلوبه في تبليغ ما يريد للممثلين ولكل طاقم العمل ..

هذه كلها أشياء ساهمت في إخراج المسلسل وإيصاله إلى المشاهد بالحلة التي يعرض بها على الشاشة وكل واحد قام المهمة الموكولة إليه على أحسن وجه، هناك مسألة يجب التأكيد عليها في سياق الحديث عن مسلسل « سلمات أبو البنات » هو أن محفزنا على العمل وبذل المجهود فيه هي رغبتنا جميعا في أن نوصل الدراما المغربية إلى مستوى معين وأن نجعل الجمهور المغربي والمغاربة عموما يفتخرون بدراما بلدهم وبصناعها من ممثلين وتقنيين ومخرجين ومنتجين ونمنحهم شيئا يفرحهم ويمتعهم ونتمنى أن نكون قد وفقنا في هذا المسعى وحققنا هذا الهدف الذي كنا نطمح له جميعا.

وهذه النتيجة التي حققها المسلسل ليس فيها سر و إنما ركيزتها وعمودها الرئيس هو العمل الجاد والغيرة على الدراما المغربية وحب وطننا ورغبتنا في الدفع بهذا الميدان إلى أرفع مستوى وتصير له القيمة التي يستحقها ويتقبلها المغاربة بكل الحب والتقدير .

وهذا الأمر ليس مقتصرا فقط على طاقم « سلمات أبو البنات » بل هناك أعمال أخرى بذل القائمون عليها مجهودا كبيرا، و أود بالمناسبة أن أتوجه بالشكر لكل من اشتغلوا في مسلسلات رمضان والذين كل واحد منهم بذل مجهودا من أجل أن يمتع المغاربة في هذا الشهر الكريم ..

وهذا يعني أن الدراما المغربية تشق طريقها و إن شاء الله نحن مستعدين للتنافس مع الدراما العربية ولنا الطاقات والكفاءات في جميع التخصصات وما نحتاجه هو ثقتنا في بعضنا البعض وتشجيع كل طرف للآخر ونحسس بعضنا البعض بأننا نقوم بشيء من أجل الوطن ومن أجل هذا الشعب الجميل والأبي والمبدع ،، المنفتح على مختلف أشكال الفرجة والدراما من مختلف بقاع العالم وعلى الثقافة الكونية وهو ما يدفعنا ويفرض علينا أن نبذل جهدا مضاعفا لكي نرضيه.

‫ شخصية المختار سلمات فيها قوة وصرامة وأيضا حنان .. ومرح و روح فكاهة .. كيف استطاع محمد خيي أن يلبس هذه الشخصية ويقدمها بتلك الطريقة التي ظهرت بها في المسلسل ؟‬

أنا أومن بالدراما كما هي دراما والكوميديا كما هي وبالمواقف المضحكة كل جنس مستقل بذاته له ميكانزماته ودواعيه، المختار سلمات هو كباقي الناس عندما يكون في موقف الصرامة فإنه يتوسل بلغة الصرامة وعندما يكون الموقف يستدعي الضحك فإنه يضحك .

الموقف هو الذي يستدعي الضحك أؤكد على ذلك وما علي أنا إلا أن ألعبه، وبالنسبة لي أنا إن أردت أن أضحك الناس أو الجمهور فإني أتوسل بالجدية ، فمن خلال هذه الأخيرة ينبعث الضحك أو الكوميديا لا أريد أن أقع في مطب أن أكون أنا أضحك والجمهور يكون له رد فعل سلبي أو معاكس ..

أريد أن يكون مروري من ظروف ومواقف صعبة أو غير مريحة يستدعي ضحك الجمهور على سبيل المثال عندما كان المختار مع بناته في شاطئ البحر حاولت زوجته في المسلسل الممثلة السعدية لديب أن تتخفف من بعض الملابس فكان له وهو المغربي الغيور على بناته وزوجته رد فعل رافض لذلك بتلك الطريقة التي ظهرت على الشاشة وهو ما استتبعه ضحك الجمهور لكون العديد من المتابعين سبق لهم أن عاشوا هذه المواقف أو اللحظات…

أهم شيء هو أن أكون كمشخص داخل الشخصية بكل حب وكل صدق ولا يهمني إلا الصدق في أداء موقف ما ولعب شخصيتي ودوري من البداية إلى النهاية ورسم نفسيتها ودواخلها والسمات التي سوف تميزها طيلة مدة التصوير والحفاظ عليها بذلك الشكل وبالبناء والتركيب التي هي عليه و كيفية تطورها من حدث إلى حدث أما المواقف المضحكة فهي مكتوبة ومحددة في السيناريو لا أريد أن أضحك لأني محمد خيي أريد كذلك ولكن يلزم أن يكون الموقف الذي وجدت الشخصية فيه نفسها هو الذي يخلق أو يثير الضحك .. أنا لا أحب افتعال الضحك .

‫‬ المسرح بالنسبة لمحمد خيي كمرتكز أوطاقة يتزود بها في عمله في السينما أو التلفزيون ..؟‬

كثير من الشباب واليافعين عندما يلتقون بي يسألونني عن الطريق الذين يمكن أن يسلكوه من أجل دخول عالم التمثيل أنا أنصحهم بضرورة المرور عبر بوابة المسرح والركح لأن المسرح يمنحك فرصا وقدرات هائلة في التشخيص لكونك تشتغل على دواخلك ومشاعرك لمدة طويلة أثناء التداريب..

وتكون في هذه الحالة مثل ممارس رياضة كمال الأجسام تشتغل على تقوية عضلاتك من أجل أن تكون على أحسن وجه في يوم المسابقة أو العرض ..

أنا أعتبر أن التداريب على الأعمال المسرحية هي تمارين رياضية لذواتنا لدواخلنا ، لفكرنا وعقلنا ومخيلتنا، نعم يلزمنا أن ندرب مخيلتنا لكي تكون معيننا في أدوارنا وشخصياتنا ومواقفنا، نستدعيها في أمر معين فتستجيب لنا، المسرح يعلمك هذه الأشياء وغيرها ويمنح فرصة تكوين شخصيتك كشخصية قائمة الذات، المسرح إذا قمت به عن وعي يمنحك من المزايا ويهيء لك فرصة تعلم الكثير من الأمور.

المسرح يتيح لك شيئا لا يتيحه لك غيره وهو المواجهة المباشرة مع الجمهور وهذا يكون له وقع كبير عليك كمشخص أو ممثل، تبذل مجهودا على الركح وتنال الجزاء عليه مباشرة، في نفس المكان واللحظة كماأنك تتعرف على ردود فعل الجمهور وتعيش معه كيفية استقباله للعمل من خلال ضحكه أو تنفسه ..

ردة فعله تحس بها وأنت على الركح وهو ما يزيد من تشجيعك على البذل والعطاء ..

بصيغة التأكيد أقول أن أي شخص أراد أن يلج مجال التمثيل والتشخيص فيلزمه أن يمر عبر المسرح لأنه مدرسة زيادة على ذلك فإنه تجربة بعد تجربة تتمكن من كيفية التعامل مع الشخصية في هذا العمل أو ذاك ويعلمك كيفية الاستفادة مما يجري ويدور في المجتمع وكيف ترى الناس و يمنحك خاصية الملاحظة الدقيقة للناس، كيفية تعاملهم مع بعضهم البعض، كيفية تحركهم وطريقة كلامهم ..كيف يغضبون أو يفرحون أي كل الحالات التي يمر منها البشر.. أقول وأؤكد أن الإنسان الذي يريد أن يدخل هذا الميدان عليه أن يستفيد من المسرح الكبير ألا وهو الحياة.

‫ محمد خيي له مسار خاص به نحته بطريقته بصبر وتأن واجتهاد .. كيف يكون هذا المسار قدوة للجيل القادم والمواهب الصاعدة التي تبهرها أضواء الشهرة السريعة والتي قد تسلط عليهابقوة وقد تنطفىء أيضا بسرعة ..؟‬

أي ميدان تريد أن تلجه وأي مجال تريد أن ترتاده لابد أن تواجهك في دروبه صعاب وعراقيل، يبقى كيف سوف تتعامل مع هذه الصعوبات والحواجز ولكي تواصل المسير وتطور تجربتك يلزمك أن تؤمن بما تقوم به، وتعرف لماذا اخترت هذا الميدان دون غيره.

فإذا كنت اخترت هذا المجال كشاب أو يافع يبحث عن الشهرة والأضواء السريعة فسوف يستهويك بريق السينما والتلفزيون لمدة معينة ثم يحرقك وتجد نفسك لم تقدم أي شيء يبقى به ذكرك.

أماإذا كنت قد ولجت المجال عن قناعة وإيمان ومن أجل رسالة تريد توصيلها عبر فنك فهذا شيء آخر ، أنا أشبه عمل الفنان بعمل الطبيب يلاحظ أعراض علل وأمراض المجتمع ويشخصها ويفرز الإيجابيات و السلبيات ويبينها للناس المسؤولين لكي يتعاملوا معها ويعالجوها بطريقتهم وأدواتهم ..

لذا فأي واحد لا يحب مجال الفن من الأحسن أن يتركه إلى مجال آخر لأنه سوف يعذب نفسه ويعذب معه الناس ، عندما تختار أو تحترف مهنة مثل مهنة الفن والإبداع، فأنت تستمع بها وبقدر ما تستمع بها تمتع الجمهور والمتلقي والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو بالنسبة لي .

هذا المجتمع الذي أعيش في وسطه وهذه البلاد وهذا الوطن الذي اسمه المغرب وأعيش على أرضه وتحت سمائه ماذا ينتظر مني أنا كفنان هل لا ينتظر أي شيء، فقط أن أخذ صورا مع الناس وأصبح مشهورا .. ‪وماذا بعد ذلك ؟ أنا أر‬ى كفنان أني ملزم بتقديم خدمة وعمل إذا شاهده الناس في التلفزيون أو السينما يكون مفيدا لهم وتبعا لذلك يمكن أن يكون هناك نقاش داخل المجتمع ‬

 على سبيل المثال ماهو النقاش الذي خلقه « سلمات أبو البنات » أو الرسائل التي أوصلها عبر شاشة التلفزيون ..؟‬

أنا يعجبني عندما أقوم بعمل ما، يخلق هذا العمل نقاشا داخل المجتمع ومابين الناس فمثلا فمع متابعة المشاهدين لحلقات مسلسل « سلمات أبو البنات » استعادوا واستحضروا ملامح وصور آبائهم وذكرياتهم معهم والكثيرون منهم تذكروهم بحرقة بسب غيابهم عنهم وكمثال على ذلك ففي إحدى لقطات المسلسل وعندما كنت أهم بشراء حذاء أثناء عطلتنا بمدينة تطوان جاءت عندي ابنتي وطلبت مني 150 درها لشراء حاجة لها فما كان مني إلا أن تراجعت عن شراء الحذاء ومنحتها المبلغ الذي عندي .

هذا المشهد ذكر الكثيرين بنفس تعامل آبائهم أو أمهاتهم معهم وكتبوا تعاليق وتدوينات تصب في هذا الإطار واستحضروا قيمة الأباء والأمهات والفراغ الذي يتركه غيابهم وهذه رسالة أثارت انتباه الشباب والمجتمع المغربي إلى أنه يلزمنا أن نحافظ على العلاقات الأسرية والعائلية لأنه بتمغربيت يمكن أن نتقدم وهذا العمل بتمغربيت يمكن أن يكون له تأثير وصدى حتى لدى الجمهور العربي .