السياسة

حكومة الإنقاذ.. عقيدة المؤامرة وجريمة التفكير!

يونس دافقير الاثنين 25 مايو 2020
صورة مؤامرة
صورة مؤامرة

AHDATH.INFO

حين تكون كسول العقل، أو صاحب وضع تسعى للمحافظة عليه، سترى كل جديد من حولك على أنه مؤامرة تستهدفك. وسترى كل من حولك أفراد عصابة، ومرجون يتآمرون ضدك ليل نهار.

هذا ما يحدث لكثير من مناضلي الساعة الخامسة والعشرين، وكثير أيضا من مناضلي عقيدة «الحكومة إرث من الله، وليس لنا عنها بديلا»، كلما طرحت في ساحة النقاش العمومي أفكار تغيير من قبيل: «حكومة تقنقراط» أو «حكومة إنقاذ وطني» وحتى حكومة «وحدة وطنية».

في عز أزمة وباء كورونا طرح على ساحة النقاش الوطني أسئلة من قبيل: كيف يمكن تدبير مرحلة ما بعد الوباء؟ كيف يمكن تحقيق الإقلاع الاقتصادي والإنقاذ الاجتماعي؟ ما أجوبة الحكامة الاستثنائية على أسئلة وضع استثنائي؟

وتطوع بعض المغاربة للمساهمة في هذا النقاش، بعضهم قال إنه يرى ضرورة تشكيل حكومة كفاءات من التقنقراط. البعص قال إنها حكومة إنقاذ وطني، وآخرون ذهبوا إلى أنه يمكن أن تكون حكومة تقنقراطية انتقالية لتهيئة البيئة الحاضنة لحكومة سياسية بنفس جديد، ومن بين الناس من رأى أن الوضع، في حال استفحال، قد يستدعي تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وهذا نقاش في جذوره سابق بكثير على زمن كورونا. منذ أن أثيرت مسألة الكفاءات في التعديل الحكومي الأخير، بدأ كثيرون في تداول هذه الأفكار، ليس بسبب أزمة تدبير الوباء من طرف سياسيي الحكومة، بل وقبل ذلك بسبب انهيار تحالف حكومي لم يعد يصلح لغير إثارة الاحقتان السياسي…

وكان من الممكن لهذا النقاش أن يبقى في حدود الفكرة أو الأفكار التي تحتمل الخطأ مثلما تحتمل الصواب. لكن «الذين في نفوسهم مرض» لهم «رأي» آخر، أو هوى مغاير.

كل ما جرى «مؤامرة منظمة» لإسقاط حكومة العدالة والتنمية واستبعاده من حكومة 2021.!! وهذا النقاش لم يظهر إلا كرد فعل على التقارب بين سعد الدين العثماني ونزار البركة ونبيل بعبد الله بعد ندوتهم الفايسبوكية الأخيرة!! ثم جاء من رفع سقف المرض والعبث عاليا ليقول: إن هذا النقاش مؤامرة تستهدف الملك والوطن!!

تتفرق السبل والأهواء بهؤلاء، ثم يجمع بينهم مصادرة حق الناس في التفكير بحرية، ومصادرة واجبهم في المساهمة في النقاش العمومي.

مازال لدينا الكثير مما نناقش به هؤلاء وأولئك لكشف تهافتهم، لكن الآن سنطرح سؤالا جديا للغاية: كيف يمكن أن تحترم قناعات يبنيها أصحابها على منطلقات مغلوطة؟ كيف يمكن أن تعتبرها وجهات نظر وهي تتوسل بالتدليس إلى عقول وعواطف الناس؟.

الأسئلة كثيرة ومتشعبة، ومن المهم أن نجعلها تستأنس بهذه المقتطفات حول مرضى عقيدة المؤامرة.

يقول الكاتب أحمد عناب: «نظرية المؤامرة هي أحد أسباب الموت البطيء للأمم والشعوب والتي تبدأ من دعوة إلى الركون عن التغيير، وتنتهي بتفسير كل ما هو غير مألوف على أنه من صنع المؤامرة فلا يوجد أي ذكاء سياسي ولا تخطيط استراتيجي ولا تطور تقني ولا حتى مشاريع مستقلة ذات أهداف مستقلة كل ما يدور في منطقتنا يصنف على أنه من صالح العدو الخفي الذي يترصد بنا مع إهمال كل مسببات الأحداث أو الجذور التاريخية للمشاكل».

لكن أخطر ما في عقيدة المؤامرة هو الذي يذهب إلى أن خطورتها لا تقتصر «على تبرير الهزيمة للجيل الجديد، أو على جعله يتقبل الهزيمة ويستسلم لها، ولكن خطورتها أنها تعمل على تسطيح وعي الشباب والمجتمع، وبمرور الوقت تصبح أي فرصة للإصلاح مظهرا من مظاهر التمرد، ويتكتل الجميع من أجل محاربتها بأي شكل».

هذا بعض مما في الأمر، وكل «مؤامرة» وأنتم في استسلام وسطحية.