آراء وأعمدة

حكاوي طارق جبريل.. البرنس

طارق جبريل الأربعاء 27 مايو 2020
tarik jibreel
tarik jibreel

AHDATH.INFO

تابعت مع الكثيرين مسلسل «البرنس»، الذي قام ببطولته الممثل المصري المثير للجدل محمد رمضان ومن تأليف وإخراج محمد سامي، حبكة مليودرامية نجحت في شد المشاهد العربي طيلة شهر رمضان الكريم، وساعدتها الجائحة أن تكون الرقم واحد في كل ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي.

نجح محمد سامي في تقديم ثنائية الخير والشر مستفيدا من حرفية كل طاقم التمثيل في العمل وليس محمد رمضان فقط، حرفية جعلت المشاهد يتعامل معهم على أساس أنهم شخصيات حقيقية وليست شخوصا في مسلسل درامي.

دون شك حاول المخرج تقديم رسائل مجتمعية بحرفية عالية من خلال أحداث الحلقات، نجح في الكثير منها، على سبيل المثال الرسالة الخاصة بتناول المخدرات وسوء عاقبتها من خلال موت «ليلى» حبيبة «عادل» الشقيق الأصغر لـ«البرنس»، كما أن «روح الخير» التي أبان عنها «الأسطى محمود وزوجته» في تربية «مريم» ابنة البرنس واحتضانها كابنة حقيقية بعد تركها في الشارع من طرف «أعمامها» كان رسالة قوية لانتصار قوى الخير على الشر، «الأسطى» محمود الذي لم تنفع تربيته لـ«الصبي كيلاني» الذي أغرته أموال «فتحي» فاختطف طفلة متسولة من «معلمتها» واختفى عن الأنظار.

بالمقابل، كانت هناك رسائل سلبية، أو لنقل إنها رسائل خاطئة، لبطل المسلسل وإن لم تمنع المشاهد متابعة العمل بشغف كبير، رسائل تحتاج إلى تفنيد المهتمين بالعمل التربوي وعلماء النفس لشرح خطورتها على جيل يضع محمد رمضان كقدوة له. حين يوجه البطل رسالة مفادها: «أوعك تسيب حقك»، الرسالة في جوهرها فاضلة، لكن خطورتها في كيفية أن تأخذ هذا الحق، ما هو الطريق أو الأسلوب الأنجع والذي يساهم في سيادة القانون كي تأخذ حقك ممن ظلمك؟

هناك بون شاسع بين الانتقام وبين أخذ الحق بالقانون، الانتقام مصيره الفوضى ولغة الغاب وشريعتها، في حين أن القانون يسمح لك بدرء المظلمة في مجتمع متساكن لك فيه حقوق وعليك واجبات، وهنا ربما فات على المخرج الجانب القانوني في الحبكة الدرامية.

قام البطل في الحلقة الأخيرة بتسجيل مشاهد لـ«فتحي» وهو يقتل ضحاياه دون أن يمنعه أو يبلغ السلطات الأمنية أو حتى يقوم بإسعاف الضحايا، أكتفى فقط بالتسجيل والمشاهدة ووفقا للقانون: «مساعدة شخص في حالة خطر»، هذه جريمة مكتملة الأركان بالتستر وعدم الإبلاغ، بل صار دون وعي قانوني شريكا فيها، وهنا فات على المخرج الجانب القانوني رغم أهميته الكبرى، وانساق إلى التشويق والإثارة، فكانت هذه الرسائل السلبية من بطل العمل والقدوة في آن.

إنا لله..! بعض الأعمال الدرامية العربية بها جهد كبير وحرفية عالية لكن بعض الثغرات التربوية والقانونية «تفرمل» أهمية العمل ككل.