آراء وأعمدة

طلحة جبريل يكتب «هنا والآن»: يا لها من صحيفة!

طه بلحاج الخميس 28 مايو 2020
TALHA_GIBRIEL_MUSA
TALHA_GIBRIEL_MUSA

AHDATH.INFO

يا لها من صفحة أولى. يا له من عنوان. يا له من صحافي.

قبل أن أخوض في التفاصيل، أقول إن عودة الصحافة ورقية وإلكترونية إلى الواجهة، بات مؤكداً. على الرغم من الظروف الضاغطة التي تعيشها هذه الصحافة، خاصة الورقية.

ألخص مصاعب هذه الصحافة كالتالي:

* أرتفاع تكلفة الإنتاج، ويشمل ذلك الطباعة وكتلة الأجور والمصاريف إدارية، وتدني المداخيل (الإشهار والتوزيع).

* المنافسة من طرف القنوات الفضائية وخدمات الهواتف الذكية.

*مشكلة المحتوى بسبب ضعف الإستثمار، وصعوبة التوجه نحو الصحافة الاستقصائية.

* منظومة تعليمية لا تشجع على القراءة.

بيد أن الصورة ليست قاتمة، إذ هناك بعض الحلول التي يمكنها أن تؤدي إلى انفراج، خاصة مع قرب عودة الصحف الورقية إلى منافذ البيع. في هذا الصدد أقول يجب إعادة النظر في «مجانية» الحصول على الأخبار عن طريق «الهواتف الذكية». على سبيل المثال تفرض بريطانيا منذ سنوات طويلة ضريبة على شراء أي جهاز تلفزة من مختلف المتاجر وترصد هذه الضريبة لتمويل «بي بي سي» بجميع قنواتها التلفزية والإذاعية ومواقعها الإلكترونية.

هناك أيضاًَ ضرورة تعدد قنوات التوزيع، من ذلك الإشتراكات المنزلية واشتراكات الإدارات والشركات، إضافة إلى اشتراكات المؤسسات التعليمية، كان هناك اقتراح قبل سنوات في هذا الصدد جرت مناقشته في البرلمان لكنه اندثر.

على صعيد المحتوى، المؤكد الآن أن التدفق المهول للأخبار الزائفة عبر الشبكات الإجتماعية ومنصات التواصل، وخاصة عبر «الهواتف الذكية» جعل شبكات ضخمة مثل «فيسبوك» و«تويتر» تسعى حثيثاً لإيقاف تسونامي الأخبار الكاذبة، إلى حد أن خلافاً نشب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وشبكة تويتر وخرج إلى العلن، بعد تحذير من «تويتر» بشأن صحة المعلومات الواردة في إحدى تغريدات ترامب. ووضع تويتر «وسم» أول أمس (الأربعاء) على إحدى تغريدات ترامب، ولأول مرة علامة تحذير تدعو القراء إلى تدقيق المعلومات الواردة في التغريدة.

الآن أعود إلى ما بدأت به.

نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» في طبعتها الورقية صفحة أولى مميزة وغير مسبوقة، ولا أظن أنني أبالغ إذا قلت إنها أقوى صفحة أولى في تاريخ الصحافة. إذ نشرت الصحيفة بطول الصفحة الأولى جميع أسماء الأميركيين الذين رحلوا بسبب الفيروس اللعين، وعمر كل واحد منهم ومهنته والمدينة التي يتحدر منها. اختارت الصحيفة عنواناً أعتبرها أقوى عنوان قرأته طيلة مسيرتي المهنية، يقول العنوان «عدد موتى أميركا يقترب من مائة ألف.. في خسارة لا يمكن أن تحصى» مع عنوان فرعي يقول «هم ليسوا فقط أسماء في لائحة.. هم نحن».

يا له من صحافي الذي كتب هذا العنوان. يا لها من صحيفة.