مجتمع

المدارس الخاصة والأسر.. دروس نزاع متشابك

طه بلحاج الاحد 07 يونيو 2020
MOLIERE_ECOLE_PRIVÉ
MOLIERE_ECOLE_PRIVÉ

AHDATH.INFO

مسلسل شد الحبل بين المدارس الخاصة وآباء وأولياء تلاميذ هذه المدارس مازال مستمرا، على الرغم من تدخل وزير التربية والتعليم سعيد أمزازي على الخط، الذي انتهى بما يشبه الوصول إلى اتفاق قد يؤدي إلى انفراج في نهاية نفق طويل ابتدأ من إعلان حالة الطوارئ الصحية في المغرب وما ترتب عليه من توقيف للدروس الحضورية، وتأجج بعد تشبث بعد المدارس الخاصة بضرورة استيفاء الحقوق المادية الكاملة عن تمدرس التلاميذ.

تأدية واجبات التمدرس لشهري ماي ويونيو بعد تمديد حالة «الطوارئ الصحية» أثار استياء أسر تلاميذ هذا القطاع، وعاد النقاش مجددا بين الطرفين، بسبب رفض عديد من مدارس التعليم الخصوصي تخفيض رسومها نظير الخدمات التي تقدمها للتلاميذ في فترة العزلة الصحية المنزلية.

في اتصال هاتفي بـ«الأحداث المغربية» تساءل أحد الآباء عن مشروعية المبررات التي ساقتها إدارة المؤسسة الخاصة التي يتابع فيها ابنه دراسته وسط العاصمة الاقتصادية، في الوقت الذي أصبح فيها مسؤولا «ماديا» عن مجموعة خدمات كانت على عاتق المؤسسة الخاصة إلى غاية 16 مارس الماضي. وأضاف: «الروح الوطنية والانخراط في المجهود الجماعي الذي اختاره المغاربة فرض علينا أن نقوم بالأمر ذاته في البيت مع أبنائنا، حيث اضطر العديد منا إلى اقتناء حواسيب وأجهزة ذكية، ومواجهة فوترة كهربائية استثنائية، لمنح الفرصة للأبناء باستكمال دراستهم في ظروف جيدة، وهو ما يعني نقص هذه المصاريف على المؤسسات المعنية».

اتحاد آباء وأولياء تلاميذ مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب أنشأ صفحة خاصة على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك قبل حوالي شهر، نجحت في استقطاب ما لا يقل عن 34 ألف متابع في ظرف وجيز. وتحمل تعاليق الآباء وأولياء التلاميذ آلاف الشكايات اليومية حول ما اعتبرته التعليقات «إخلالا ممنهجا من هذه المؤسسات بدورها البيداغوجي المتفق عليه معها في العلاقة التي تجمعها بالأسر»، فيما ذهبت تعليقات أخرى إلى اتهامها بـ«التنصل من مسؤوليتها الوطنية.. انطلاقا من تشبثها غير المبرر بتلقي المقابل عن خدمات لم تعد تقدمها للتلاميذ كالتأطير التربوي المباشر والأكل والنقل وغيرها..».

في تصريح لـ«الأحداث المغربية»، أصر أحد أولياء التلاميذ على ضرورة استجلاء كل مضامين القانون 06.00 الذي يفصل العلاقة بين مؤسسات التعليم الخاص وأولياء التلاميذ خصوصا عندما ينص على أن الخدمات المؤداة لها تتضمن التأطير التربوي والإطعام والنقل والتنظيف وغيرها، مضيفا على أنه من غير المعقول مطالبة الأسر بأداء كل واجبات التمدرس في هذا الظرف الطارئ.

تصعيد متبادل

أمام الضغط الذي مارسته فروع اتحاد آباء وأولياء تلاميذ المؤسسات الخاصة، اختارت مدارس خاصة، سلوك منطق تصعيدي عوض التفكير في آلية للنقاش تضمن حقوق الجميع وتراعي الوضع الخاص الذي يجتازه المغرب مع انتشار وباء كوفيد 19. في هذا الصدد، توصلت الأحداث المغربية بوثيقة «غريبة» من مؤسسة تعليمية خاصة بالبيضاء، عبارة عن استمارة بعثت لبعض الأسر طلبت تخفيض واجبات أداء تمدرس أبنائها عن شهري أبريل وماي الماضيين، وتضمنت أسئلة وصفها أولياء التلاميذ بـ«اختراق المعطيات الشخصية»، في الوقت الذي كان يكفي مثلا أن يدلي الآباء بما يفيد تخفيض رواتبهم في القطاعات التي يمارسون فيها نشاطهم.

إنذار لأحد الآباء بالأداء (وثيقة)

وعاينت «الأحداث المغربية»، في الوثيقة التي ننشرها بالصور، خانات طالبت الأسر مثلا بتحديد ما إذا كانت تتوفر على سكن خاص، وتحديد مساحته، وإعطاء معلومات دقيقة عن عدد المقيمين فيه. كما فرضت إدارة هذه المؤسسات الخاصة في جزء آخر من الاستمارة إجابة من أولياء التلاميذ لا تقل غرابة تمحورت حول الامتيازات التي يستفيدون منها في العمل، كنوع السيارة والسكن الوظيفي والاستفادة من خدمات الماء والكهرباء والهاتف، والسكن الثانوي وتذاكر الطائرات.

تصعيد آخر لجأت إليه المؤسسات الخاصة، كما جاء على لسان أحد رؤساء فرع من فروع اتحاد آباء وأولياء تلاميذ مؤسسات التعليم الخاص كشف عنه لـ«الأحداث المغربية» حين قال «بعض المؤسسات الخاصة أصبحت تهدد الآباء بعدم تسليم نقط التلاميذ أو شهادة المغادرة في حالة رفض تأدية واجبات التمدرس»، ملوحا بكون «بعض الأسر أعربت عن رغبتها في ترحيل التلاميذ إلى التعليم العمومي في بداية الدخول المدرسي».

بالمقابل، لوحت مؤسسات تعليم خاصة بكل من الدارالبيضاء والرباط وفاس والقنيطرة ومراكش وطنجة إلى إمكانية اللجوء إلى القضاء للحسم في مسألة التعاقد التي تربطها بأسر التلاميذ، باعتبار كونها متضررة أيضا من جائحة كورونا، ما يدعم حقها في استيفاء واجبات التمدرس. وهو ما علق عليه أب لتلميذ يتابع دراسته بمؤسسة خاصة قائلا «إنهم يلجأون إلى سياسة الهروب للأمام».

بداية انفراج؟

في حوار مع «الأحداث المغربية» نشر في وقت سابق هذا الأسبوع، دعا سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية، إلى إعمال المادة 22 من القانون رقم 06.00 على أن تكون بمثابة النظام الأساسي للتعليم الخصوصي المدرسي، وتمنح للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين فقط سلطة المراقبة التربوية والإدارية لمؤسسات هذا القطاع وكذا التقويم المنتظم لمردوديتها، مضيفا أنه استقبل كلا من رابطة التعليم الخاص بالمغرب والهيئات الممثلة لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ من أجل الإنصات للطرفين وتقريب وجهات النظر بينهما، كما دعا الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية إلى لعب دور الوساطة من أجل إيجاد الحلول المناسبة لكل حالة أخذا بعين الاعتبار الوضعية المالية الصعبة التي تعيشها بعض الأسر وكذا بعض المؤسسات الخاصة، وذلك وفق مع تقتضيه المصلحة الفضلى للمتعلمات والمتعلمين.

تحركات انتهت باتفاق ضم جمعيات ممثلة لآباء وأمهات وأولياء التلاميذ مع ممثلين عن القطاع الخاص للتعليم في المغرب على تجاوز الخلافات، التي ترتبت عن توقف التعليم الحضوري، بسبب حالة الطوارئ الصحية المفروضة في المملكة منذ شهر مارس الماضي. وجاء في بلاغ مشترك وقعته فيدرالية ممثلة لأولياء التلاميذ وجمعيات ممثلة لمدارس التعليم الخاص أن الطرفين اتفقا على استمرار المؤسسات الخصوصية في تقديم خدماتها التربوية وإتمام جميع العمليات المرتبطة بآخر السنة الدراسية. وجاء هذا الاتفاق بعد اجتماع عقد الجمعة الماضية بمقر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالدارالبيضاء سطات، بناء على توجيهات وزير التربية الوطنية للقيام بدور الوساطة بين ممثلي مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي وممثلي أولياء التلاميذ.

وبموجب هذا الاتفاق التزمت المؤسسات الخصوصية، بعدم حرمان أي تلميذ من الاستفادة من متابعة الدروس المقدمة عن بعد لأي سبب كان، وعدم مطالبة الأسر التلاميذ بواجبات خدمات النقل المدرسي وواجبات الإطعام منذ توقف الدراسة الحضورية إلى نهاية السنة الدراسية الحالية، إضافة إلى تعاملها بكل مرونة مع الأسر المتضررة ماديا من الوضعية الوبائية.