ثقافة وفن

فنيش يكتب.. التوت من "حرب الفراوله" إلى "واقعة للا ميمونة"

أحداث انفو الجمعة 19 يونيو 2020
fraises_1
fraises_1

Ahdath.info 

 

لغو : عبد المجيد فنيش

 

للمخرج المصري الكبير  خيري بشارة، فيلم كبير شارك فيه كبار تقدمتهم يسرا، التي كان على يمناها محمود حميدة، و على يسراها سامي العدل, وكان ذلك سنة 1994.

هذا الفيلم استطاع أن يشغل الناس طويلا بفعل موضوعه الجديد قياسا مع مواضيع سينما ذاك الزمن، إضافة إلى خصوصيات مخرجه التي لا تخلو من استفزاز.

وليس بغريب على الفراولة أن تشغل العباد ، لا لأنها فاكهة مغرية، و لكن لطبيعة رمزيتها الدلالية المحيلة على: الطري, الرهيف, الأخاذ بلونه ...

و وجب لفهم هاته الإحالة، أن نتذكر أن الفراولة، هي النسخة المزيدة والمنقحة ل "التوتة", تلك الشجرة التي تثمر توتا لذ وطاب ، و ورقها كساء و غذاء لأشهر دودة في النقاء ، إنها دودة القز. و لذلك، فلا عجب مطلقا من أن يصف المغاربة "ذات الحسن و الكمال" ب "التوتة"، بدل اجترار ما تزخر به القواميس من مفردات وصف الحسن المترادفة.

وللإخوة الأقباط  في مصر، شهر مقدس إسمه" توت"، كما كان للفراعنة إله يحمل نفس الإسم، أو إسما مركبا من أسماءٍ في مقدمتها" توت".

وحدث أن انقرضت شجرة التوت - أو كادت- فتسيدت الفراولة بقوامها المخروطي و زهرتها البيضاء ولونها الأحمر. وإذا كان الوصول الى ثمر شجرة التوت يقتضي صعود الشجرة, فإن الوصول إلى الفراولة يقتضي الإنحناء أرضا، والوضعان معا مكلفان ، و أحلامهما مر، لكن ما الحيلة لبلوغ الطيب الحلو؟!، و "المْلِيحْ بْثَمَنُو" .

لكن - وما أغرب لكن- ، ها قد أتى زمن أصبحت فيه الفراولة "فأل سوء" ، و ما عادت " التوتة" تغري ، بل أصبح ذكر اسمها مقززا مرتبطا بالمأساة ، وأصبحت نذير شؤم لا غير. ذلك ان الفراولة التي اشتعلت من أجل نيلها والتفرد بها حرب (خيري بشارة) ، هاهي الآن تشعل حربا خارج بلاطوهات السينما ، و بالضبط في امتداد "غرباوي" باذخ بكل صنوف الفاكهة .

فمن يسرا نجمة سينما العرب الى للا ميمونة ، نجمة خصوبة "الغرب" - المغربي- التي اعتلت سلم مؤشر الوباء اللعين ، بين عشية و ضحاها، حيث أضحت تربة للا ميمونة, البؤرة الولود لفيروس الكوفيد في تحد صارخ لكل الحسابات وكل التوقعات و كل الترتيبات. إنها الفراولة ثانيا وثالثا و.....، وهاهي تصب الزيت في نار كورونا التي خلنا في الأمس أنها تصارع لحظات السكرات.

الآن يتأكد أن سقوط أوراق التوت يعري ويعري...، نعم وقد عرى اليوم السلوك الأرعن لكل الذين استهانوا بالحقيقة المرة، حين استصغروا العدو الخفي، و سعوا في الارض يبغون التوت والفراولة، لكن بدون الوسيلة حيث ألقوا ب " الكمامة" ارضا، او جعلوها قلادة في الجيد . إن الساعي إلى الفراولة بدون تدبير وقائي ، كالساعي الى الهيجاء بلا سلاح.

لطفك يا الله

سلا يوم 19 يونيو 2020