السياسة

ملامح مخطط استخباري قذر يستهدف المغرب

طه بلحاج الجمعة 03 يوليو 2020
AMZAZI BOURITA RAMID 8
AMZAZI BOURITA RAMID 8

AHDATH.INFO- عبد الكبير اخشيشن

ملامح الضابط الأجنبي المعني بالاستخبار عن المغرب، والذي ورد في بلاغ الحكومة، بدأت تنكشف الخيوط المؤدية له، سواء من حيث الإشارات التي تضمنها البلاغ بشكل ضمني، أو من خلال تجميع خيوط العديد من الوقائع التي يصعب تبريرها بالصدفة.

بلاغ الحكومة، الذي ندد باستغلال منظمة العفو الدولية للصحفي-المتدرب، عمر الراضي، الذي يتابع من أجل المس بأمن الدولة بسبب علاقاته مع ضابط دولة أجنبية، أوضح أن الضابط المعني له ارتباط بموضوع تسريبات سنة 2013.

وبناء على هذه الإشارة يكون المخبر، الذي يتهم عمر الراضي بالتعامل معه، هو ضابط في جهاز إم أي6 (MI6)، وهو جهاز الاستخبارات الخارجية للمملكة المتحدة، ويتعلق الأمر تحديدا بضابط تم الكشف عن هويته سنة 2013 من قبل إدوارد سنودن مفجر وثائق ويكليكس، هذا المخبر البريطاني اشتغل في طهران (إيران) وكابول (أفغانستان) وموسكو (روسيا)، كما شغل منصب مستشار سياسي للمفوضية العليا البريطانية في أوتاوا بكندا.

المخبر المذكور كان عضوا في القيادة العسكرية للقوات البريطانية في يوغسلافيا السابقة، ولديه خبرة كبيرة في مجال الاستخبارات، وحسب مختصين متابعين للملف، فإن المعطيات التي أوردتها أمنستي عن المغرب واستنفارها للحديث عن وجود اختراق الهاتف تعود بنا لما ذكرته وثائق سنودن، من كون المغرب تعرض لعملية تنصت كبيرة على الهواتف والإيميلات، من قبل هذه الجهة، وأن هذا الاستهداف المبرمج لا يمكن بلعه بسهولة، سواء من حيث حجم الاستثمار فيه أو المجازفة المرتبطة به.

ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي

التحقيقات الجارية قد تكشف عن جزء كبير من استهداف هذه الجهة الاستخباراتية للمغرب، واستغلال شبابه عبر وسائل جهنمية تقودها لحصد معلومات ثمينة لحروبها القذرة.

الانفجار القوي، الذي عرفته قضية اتهام المغرب بالتنصت على صحافي متدرب، وظهور متواز للموضوع في الصفحات الأولى لجرائد كبرى في فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، طرح منذ البداية علامات استفهام عن هذا الأمر.

غياب دليل

خروج منظمة العفو الدولية بتقريرها الذي تضمن تفصيلة غريبة تتعلق بإجراء هذه المنظمة الحقوقية لبحث تقني بمواصفات بوليسية استخباراتية على جهاز الصحفي المتدرب عمر الراضي، طرح علامات استفهام عريضة، وتحدث متابعون عن أن هذه المنظمة ذات المنشأ المشترك مع موطن الضابط المخبر في بلاغ الحكومة المغربية ستواجه إحراجا كبيرا في حال عدم إثباتها للتهم الموجهة ضد المغرب في هذه القضية، وتفتح المجال لكل الفرضيات.

وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، قال الخميس بالرباط إن عدم تقديم منظمة العفو الدولية لأدلة على الادعاءات التي تضمنها تقريرها الأخير الصادر بتاريخ 22 يونيو 2020، يجعل المغرب يتساءل حول خلفية هذا التقرير.

وأوضح بوريطة، خلال الندوة الصحفية التي عقدها بمعية وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، سعيد أمزازي، عقب انعقاد مجلس الحكومة، أن المغرب طالب منظمة العفو الدولية بإعطاء هذه الأدلة منذ خمسة أيام، دون أن تقدم هذه الأخيرة أي جواب إلى حدود الساعة، مسجلا أن المملكة لا يمكنها قبول الادعاءات الواردة في هذا التقرير بدون أدلة واضحة.

بوريطة أضاف خلال هذه الندوة التي شارك فيها إلى جانب وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، المصطفى الرميد، أنه إذا لم تتوفر هذه المنظمة على الأدلة الضرورية، فيجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها، وأن لا تستمر في هذه المقاربة التي تعتمد فقط على التشهير بدون تقديم حجج.

الوزير استطرد بالقول أنه «إذا لم ترد المنظمة إعطاء المغرب الأدلة حول تقريرها، فيجب عليها أن تقدمها للعالم خلال ندوة صحفية»، مسجلا أنه يمكن إثبات ما تدعيه هذه المنظمة من اختراق للهاتف النقال لصحفي متدرب، بطريقة علمية وذلك باللجوء إلى المختبرات الخاصة.

سعيد أمزازي الناطق الرسمي باسم الحكومة

وسجل بوريطة أن المغرب يتوفر على مؤسسات وطنية تشتغل على هذا المجال، ولاسيما مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية التابع للمديرية العامة لأمن نظم المعلومات، مشيرا إلى أن هذا المركز سبق وأصدر خمسة إشعارات موجهة لجميع المواطنين المغاربة تنبههم إلى إمكانية استغلال هواتفهم الذكية، ولاسيما من خلال الأنظمة التي تشير إليها المنظمة.

تحامل واستهداف

بوريطة، الذي ربط بين هذه الوقائع قال إن ما يجري الآن ينضاف إلى مسلسل تعامل «غير احترافي» تنهجه منظمة العفو الدولية مع المغرب منذ سنوات، وذلك عبر استهداف مستمر وممنهج للمملكة من خلال تقارير وبيانات تصدرها هذه المنظمة.

وزيادة في تفصيل المعطيات أشار بوريطة إلى أن منظمة العفو الدولية أصدرت خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية تسعة بيانات وتقارير تهم المغرب، فيما أصدرت منذ سنة 2016 ما مجموعه 72 وثيقة تهم المملكة، علاوة على الحملات الدولية والإعلامية التي تستهدفها بها.

وجدد الوزير رفض المغرب للمنهجية التي تشتغل بها منظمة العفو الدولية فيما يتعلق بالقضايا التي تهم الشأن المغربي «لأنها لا تتفاعل أبدا مع السلطات المغربية، وتكون مصادرها دائما مجهولة، علاوة على اللجوء إلى التشهير الإعلامي قبل صدور أي تقرير».

وأشار بوريطة إلى أن المغرب لاحظ هذا الأمر سنة 2014 خلال الحملة التي أطلقتها هذه المنظمة ضد التعذيب، كما يلاحظها اليوم حيث يتم إصدار تقرير لا يتوفر على أي تفاعل مع الحكومة المغربية، ويتم نشر هذا التقرير في مجموعة من الوسائل الإعلامية بهدف المس بسمعة البلد وصورته.

تعامل مجحف وغير منصف

من جهته، دعا وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، المصطفى الرميد، بنفس المناسبة منظمة العفو الدولية (أمنستي) إلى مراجعة طريقة تعاملها مع المغرب وعدم التسرع في إصدار الأحكام والبيانات والتقارير التي لا تستحضر المكاسب الوطنية في مجال حقوق الإنسان، وذلك على خلفية تقرير المنظمة الصادر بتاريخ 22 يونيو 2020، والذي تضمن اتهامات خطيرة ومغرضة ضد المملكة.

وقال الرميد، خلال الندوة الصحفية المشتركة: «أتمنى أن تقوم (أمنستي) إما بإعطاء الدليل، وفي هذه الحالة سيكون لزاما على المغرب أن يتفاعل بالطريقة الملائمة، أو أن يستنتج ذوو النيات الطيبة فيها، خاصة أن ما قامت به يعد تجاوزا في حق المغرب، وأن يكون هناك نوع من المراجعة التي تؤدي إلى التعامل معه بإنصاف، وعدم التسرع في إصدار الأحكام والبيانات والتقارير التي لا تستحضر المكاسب الوطنية».

وأبرز الرميد خلال هذه الندوة التي شارك فيها إلى جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن الحكومة المغربية تؤكد أن ما تدعيه هذه المنظمة، لاسيما في تقريرها الأخير، «عديم الأساس، والمغرب اليوم لا يكتفي بنفيه، بل يواجه هذا الادعاء بالتحدي، ويطالب من يدعيه بأن يأتينا بالدليل».

مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان

وأشار الرميد إلى أن رئيس الحكومة راسل الأمين العام لمنظمة (أمنستي)، وجدد مرة أخرى طلب الحجة على ادعاءاتها، معتبرا أن «الأمر هنا لا يتعلق بتقييم واقع معين ومعطيات مجردة يختلف الناس حولها، بل نحن الآن إزاء واقعة يمكن أن تثبت تقنيا ويمكن أن لا تثبت».

واعتبر الوزير أن «ما قامت به المملكة المغربية اليوم هو نوع من التقدم المهم في التفاعل مع المؤسسات الحقوقية الدولية حتى تعود الأمور لنصابها»، مبرزا في الوقت ذاته الحاجة إلى كل المنظمات الوطنية والدولية لكي تكون شريكة للمغرب في مواكبة التطورات التي يعرفها «ولكن ليس بالادعاءات المجانية».

موقف حازم

وكان مجلس الحكومة قد تداول يوم الخميس الماضي التهم التي وجهتها منظمة العفو الدولية للمغرب، حيث طلبت منها السلطات تقديم الحجج والأدلة المفترضة، التي اعتمدتها في إصدار تقريرها المتحامل، يوم 22 يونيو 2020، وما تضمنه من اتهامات خطيرة ومغرضة ضد المملكة المغربية، لاسيما فيما يتعلق بادعائها «أن صحفيا مغربيا كان ضحية عملية تجسس من طرف السلطات المغربية، من خلال تعرض هاتفه لهجمات متعددة باستخدام تقنية متطورة لشركة أجنبية».

وأكد بلاغ حكومي في الموضوع أن «المملكة المغربية لا تخفى عليها خلفيات هذا التحامل الممنهج ضدها، وتعرف من يقف دائما وراء هذا التحريض المقصود وهم الذين لا يذخرون أي جهد لمحاولة الإساءة لمكاسب الوطن الحقوقية والتنموية. لذا، ستتخذ المملكة المغربية ما يلزم من تدابير للدفاع عن أمنها القومي، وكذلك من أجل تنوير الرأي العام الوطني والدولي بشأن هذه المغالطات المرفوضة».

وأضاف البلاغ أنه أمام تماطل المنظمة في تقديم الحجج التي تثبت اتهاماتها ما يعكس ارتباكها وتورطها، لا يسع المملكة المغربية إلا أن تضع هذا التقرير في سياقه الحقيقي، والمتعلق: من جهة بالتحامل المنهجي والمتواصل منذ سنوات، ضد مصالح المغرب، وتبخيس ما حققه من تقدم ومكاسب مشهود بها عالميا، خاصة في مجال حقوق الإنسان؛ وقد تجاوز هذا التحامل كل الحدود، من خلال سعي هذه المنظمة إلى التحول إلى فاعل سياسي داخل الساحة المغربية، تحركها في ذلك أطراف معروفة وحاقدة على المؤسسات الوطنية المغربية.

ومن جهة أخرى، بمحاولة استغلال وضعية صحفي مغربي متدرب ادعت أمنستي أنه تعرض لعملية التجسس المذكورة. وهو نفس الصحفي المتدرب موضوع بحث قضائي حول شبهة المس بسلامة الدولة، لارتباطه بضابط اتصال لدولة أجنبية، تتحفظ المملكة المغربية عن الكشف عن هويته الحقيقية، انسجاما مع أعراف وتقاليد المجتمع الدولي. وهو الضابط الذي كان موضوع تسريبات في يوليوز 2013 بهويته الكاملة، بعدما اشتغل تحت غطاء ديبلوماسي منذ 1979 في المناطق الساخنة عبر العالم.
وإن المملكة المغربية لتجدد رفضها جملة وتفصيلا لتقارير منظمة العفو الدولية الأخيرة، وذلك لارتباطها بأجندة لا علاقة لها بالدفاع عن حقوق الإنسان كقيم كونية، ونخص بالذكر تقريريها الصادرين في أكتوبر 2019 ويونيو 2020، والتي تتعمد معاكسة مسار التاريخ وتوجهات المجتمع الدولي، التي ما فتئت تشيد وتقدر جهود ومبادرات المغرب في مختلف المجالات، وخصوصا الحقوقية منها.