مجتمع

أمهات مغربيات يتحدثن عن المحظور .. "ابني مثلي ولن أتبرأ منه"!

سكينة بنزين الثلاثاء 07 يوليو 2020
المثلية-الجنسية
المثلية-الجنسية

AHDATH.INFO

تجربة غير اعتيادية، صادمة، جريئة، مرفوضة مجتمعيا، لكن من عشنها فضلن تقاسمها من خلال بودكاست أسمع بالصوت ما يتم تناقله في أحيان كثيرة بالهمس والتعتيم .. " لو رميته في الشارع لتألمت أكثر ، في النهاية هو ابني ولا يمكنني التخلي عنه" تقول مليكة، الأم الأربعينية لأربعة أبناء، والتي تشتغل شيف بمطعم جهة الشمال.

مليكة التي ترى في ابنها عبد الرحيم اليوم، الابنة التي لم تلدها، تشعر بالذنب لأنها اختارت طريق العقاب حين لاحظت على طفلها تصرفات تميل للأنثى "كان يقلدني ويقلد صديقاتي وشقيقاتي، وحين كان يرسم كان يحرص على رسم كل ما هو أنثوي فكنت أعتقد أنه يميل لتصميم ملابس النساء، لكنه كان يعيش صراعا ليظهر بمظهر الذكر رغم ميوله الأنثوية بسبب معاقبتي المستمرة له"، تقول مليكة التي صدمت في نهاية الأمر أن ابنها قرر الاعتراف بمثليته إصابته بفيروس نقص المناعة في سن العشرين، مما ضاعف معاناته التي لم يتردد في مشاركتها بوجه مكشوف للتوعية بخطر السيدا.

الأم التي كانت بدورها تعيش مشاكل الطلاق، استسلمت في النهاية للأمر الواقع، وتقبلت ابنها بعد رفض سنوات، لكنها تعيش اليوم ألما نفسيا مضاعفا بسبب نظرة المجتمع، "لا يجب أن نكذب على أنفسنا، نحن نعيش في مجتمع لا يتقبل فكرة الابن المثلي، ثقافتنا ديننا أعرافنا ترفض الأمر، قلة من تتقبل الوضع، وهذا ما يجعل الأم تعاني أكثر من نظرة الناس لها لأنها تقبلت ابنها، وأصبحت وصمة عار وحديث مجالس النميمة والنظرة التي تؤلم أي أم أكثر من ابنها المثلي" تقول مليكة التي لم تجد من عزاء سوى الآية القرآنية " عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"، بعد أن رأت في معاناة ابنها تجربة تستمد منها القوة لمواجهة المجتمع بعد أن اختارت الحفاظ على ابنها.

وكأي أم تقول مليكة أنها تفضل أن تبقى قريبة منه، رغم تحاشيه الحديث عن مثليته بطريقة مباشرة، وتنصحه بأن لا يهرب من الدين وتربيته التي تلقاها داخل البيت، بعد أن اقتنعت أن أسلوب التعنيف لن يغير الهوية الجنسية لابنها، كما نصحته بأن يتمسك بالابداع لتحويل معاناته ورفضه في المجتمع إلى طاقة ابداعية في الاخراج والمسرح.

وضمن سلسلة "دابا بودكاست"، التي تحاول الانفتاح على واحد من الطابوهات المتعلقة بالجسد والجنس والجندر، اختارت سعيدة البالغة من العمر 67 سنة، والتي قدمت نفسها كموظفة متقاعدة وأم لولدين، تقاسم تجربتها التي اختارت أن تبقى سرا من أسرارها رغم إقامتها حاليا بإحدى الدول الأوروبية، معبرة عن مخاوفها من رفض وقطيعة معارفها في حال علموا بحقيقة تقبلها حقيقة ابنها المثلي.

سعيدة قالت أنها تفاجأت بالأمر الذي وقع عليها كالصاعقة مباشرة بعد وفاة زوجها، بعد أن اكتشفت أن ابنها البكر الذي عاش هادئا وبدون مشاكل، على عكس شقيقه الصغير المشاغب، قد كان مثليا، ورغم تقبلها سابقا لفكرة وجود مثليين في المجتمع، إلا أنها لم تتخيل أن يكون ابنها واحدا منهم، وهو ما أصابها بانهيار " تقهرت وبكيت" تقول الأم التي اكتشفت أن ابنها الأصغر كان على علم بحقيقة شقيقه.

تواجد الأم رفقة ابنائها في أوروبا حيث تروج فكرة تقبل المثليين، لم يخفف عنها قلق الرفض، "حتى في أوروبا هناك من يرفض المثليين، بعضهم يتعرض للسخرية والضرب في الشارع .. كأم الأمر مخيف، فالعنف جريمة" تقول سعيدة التي اعتبرت أن ميزان الأم يختلف عن ميزان المجتمع فهي ستتقبله باختلافه الجنسي كما تتقبل الامهات أبنائهم بإعاقاتهم الجسدية والدهينة، بعد أن اختارت في النهاية سعادته بعد سنوات من الوحدة والحزن .

قد يبدو الأمر غريبا لها، لكنها في النهاية تجد نفسها تسافر وتخرج رفقة ابنها وشريكه، بعد أن كانت تحلم برؤية أطفاله، معتبرة أنها غير مخيرة في هذا الأمر كأم يجب أن تقبل ابنها كما هو.

البودكاست الذي نشر على منصة "تانيث" النسوية، يمهد لتجارب مماثلة يراهن فيها عدد من الناشطين على اعتماد "لغة عاطفية" وتناول يسلط الضوء على تفاصيل صغيرة في شؤون الجندر والجنسانية.

وللإشارة فإن هذا الموضوع أثير في أكثر من مناسبة خلال الأشهر الأخيرة، وقد انطلق مع الفنان المصري هشام سليم، الذي لم يتردد في الحديث عن تجربة ابنته في الانتقال من أنثى إلى ذكر، خلال شهر رمضان بعد أن استضافته المخرجة إيناس الدغيدي في برنامج "الجريئة وشيخ الحارة"، وهو الأمر الذي حصد الكثير من التعاطف، خاصة أن الفنان المصري أشار أن ابنته أجرت عملية تصحيح بسبب خلل في جيناتها، إلا أنها كشفت العكس في فيديو تم تداوله بعد انتحار الناشطة المصرية سارة حجازي، حين طالبت متابعيها بتقبل مثلية سارة كما تم تقبل تحولها إلى ذكر، مؤكدة أنها كانت أنثى وقررت تحويل جنسها، وفي نفس الإطار تقدم بعض المحاميين في مصر بدعوى قضائية ضده، بتهمة "نشر المثلية الجنسية" ..