مجتمع

كورونا تعمق معاناة المغربيات .. إقصاء وبطالة وأعباء إضافية

سكينة بنزين الخميس 09 يوليو 2020
المغربيات أولا
المغربيات أولا

AHDATH.INFO

لغة الأرقام تكشف أن حصيلة الخسائر التي يراكمها العالم بسبب جائحة كورونا، ترمي بثقلها على النساء في مختلف المجالات،  فحسب المعطيات الصادرة عن المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة العربية، تمثل النساء والفتيات بالدول العربية الفئة الأكثر تضررا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والصحي، إلا أن الملامح الأولى لاستراتيجيات الخروج من الجائحة، تظهر غياب خطط ذات أولوية للنساء باعتبارهن الأكثر تضررا.

فعلى المستوى الصحي، شكلت النساء 80 في المائة من طواقم التمريض والرعاية في الدول العربية، مما يعني أنهن الفئة الأكثر عرضة للعدوى بسبب تواجدهن المستمر على خطوط التماس مع المرض داخل المستشفيات، كما أن الأمر أثر على حياتهن الأسرية، حيث اضطرت بعضهن إلى الابتعاد عن أسرهن وأطفالهن خوفا عليهم من العدوى، مفضلات المكوث بعيدا والتعايش مع ضغط العمل والفراق، في الوقت الذي صرحت الكثيرات أن حياتهن الأسرية تأثرت بشكل مباشر وصل حد التهديد بالطلاق بسبب الغياب المستمر.

أما النساء اللواتي فرضت عليهن ظروف الجائحة العمل من البيت، أو ربات البيوت العربيات، فقد حملن على عاتقهن مسؤولية الأعمال المنزلية والرعاية غير مدفوعة الأجر بوتيرة تفوق أربع مرات ما قام به الرجال، وهو أعلى معدل في العالم، رغم مكوث الرجال في البيت بسبب الحجر الصحي، إلا أنهم لم يقدموا أي مساعدة تذكر للتخفيف من العبء على النساء،  والذي حاولت الجهود الأممية التنبيه له من خلال مبادرة "حيت أنا راجل"، التي انخرط فيها مشاهير يتقاسمون لحظات المشاركة في أعممال البيت، لكن يبدو أن انعكاس المبادرة على أرض الواقع لم يكن له كبير أثر، مقابل ارتفاع منسوب العنف المنزلي الذي كشفت عنه العديد من الجمعيات المغربية، التي تلقت الكثير من المكالمات، كما رصدت عنفا لفظيا متزايدا على مواقع التواصل.

وفيما يرتبط بالوظائف، فإن العالم العربي مهدد بفقدان 1.7 مليون وظيفة، 700 ألف منها تشغلها النساء، لكن الحيف الممارس ضد النساء يكشف أن مستوى البطالة سيتفاقم بين صفوف النساء بنسبة أعلى، ذلك أن العقلية الذكورية ترجح كفة الرجل باعتباره رب أسرة، بينما يسهل التخلي على النساء وإن كن معيلات للأسرة، خاصة أن منهن عازبات يعلن أنفسهن وأسرهن الفقيرة، وأرامل يعلن أطفالهن، وقد خلقت هذه النقطة جدلا على مواقع التواصل بالمغرب، حين أشار أحد المستشارين في المجال القانوني على التلفزيون العمومي، أن المرأة يمكنها أن تدبر نفسها حتى لو لم تحصل على دعم من صندوق الجائحة!! وهي العبارة الملتبسة التي تظهر سطحية التعامل مع مشاكل فئة كبيرة من المجتمع تتحمل تبعات الهشاشة.

ولتفادي اهمال النساء ضمن خطط الخروج من الجائحة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى ضمان المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة للتعافي بشكل أسرع.

وفي المغرب تشكل نسبة الأسر التي تعيلها امرأة أزيد من 18 في المائة، حسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط، 22.8 في المائة منهن تعشن بمفردهن، كما أن 7 من أصل 10 نساء يعلن أسرهن هن من الأرامل والمطلقات، وأغلبهن أميات، مما يجعل أغلب أعمالهن بسيطة، وهو ما نسف بعدد من فرص الشغل خلال جائحة كورونا، وعلى سبيل المثال فإن العامالات في الحمامات والنادلات، صاحبات "الفراشات"، والعاملات في مجال الحلاقة والتجميل في المحلات الصغيرة، والخياطات، وعاملات الحقول الموسميات، وعاملات النظافة بالأماكن التي شملها الإغلاق خلال فترة الحجر الصحي، وغيرهن من صاحبات المهن البسيطة في القطاع غير المهيكل، تضررن بشكل مباشر منذ تسجيل الحالات الأولى لكورونا في المغرب، لترمي الجائحة بظلالها عليهن بشكل متفاوت، وذلك حسب عدد الأفراد الذين تعيلهن، ويزداد الأمر سوء  داخل الأسر التي يعاني أحد أفرادها من مرض مزمن أو إعاقات بدنية أو عقلية أو أمراض نفسية، مما يتطلب مصاريف إضافية.

وتزداد حدة التضرر بين صفوف نساء المغرب العميق، حيث تبخس جهود النساء العاملات داخل البيت وخارجه، مع صعوبة الحصول على تعويضات تجبر ضررهن ولو مرحليا، كما هو الحال مع المئات من القرويات اللواتي حرمن من تعويضات صندوق كورونا، بسبب جهلهن بطريقة التعامل مع العالم الرقمي، حيث لجأ بعضهن للاستعانة بمن يقدم طلباتهن مقابل 100 درهم، في الوقت الذي غابت فيها وكالات القرب، وتواجد عدد من المعيلات داخل بيت واحد، مما رفض طلبات بعضهن بسبب تقديم نفس العنوان، في الوقت الذي لا تتوفر أخريات على بطاقة تعريف تمكن من ملء استمارات الاستفادة ...

وتترجم البؤر الصناعية للمرض، التي تمثل النساء أغلب الإصابات بداخلها، الوجه البشع لظروف اشتغال النساء في وضعية هشة، حيث تغيب أولوية الحفاظ على سلامتهن داخل مصانع وضيعات لا تحترم اجراءات السلامة المتعارف عليها ضمن بروتوكول تدبير خطر العدوى في أماكن العمل.