آراء وأعمدة

حكيم بلمداحي يكتب: مغرب ما بعد كورونا

طه بلحاج الاحد 12 يوليو 2020
OTMANI MASQUE
OTMANI MASQUE

AHDATH.INFO

«مغرب ما بعد كورونا لن يكون هو مغرب ما قبلها». هذه الجملة ترددت على الألسن مع بداية الأزمة التي تسبب فيها فيروس كوفيد 19.

المقصود من هذه الجملة ليس الخسائر التي سوف تترتب عن مرحلة الهروب من الوباء بالحجر الصحي وتوقف الحياة الاقتصادية والاجتماعية، بل القصد منها أسلوب السلوك والتفكير والعمل لمواجهة المرحلة.

لقد ترتب عن شهور الاختباء من الفيروس واقعا جديدا سماته أزمة اقتصادية واجتماعية وصدمات سيكولوجية. هذا الواقع الذي يتطلب نمطا جديدا من التعامل على كل المستويات. والمقصود بالتغيير في أسلوب التعامل هو المغرب السياسي الذي يستوجب تصرفا جديدا يشكل قطيعة مع ما أظهر وباء كورونا أنه غير صحي للمجتمع وللدولة.

السؤال الذي يفرض نفسه، هل هناك بوادر للتغيير في الأفق؟

الجواب على هذا السؤال يجد صداه في ما يعتمل في الساحة السياسية المغربية وينذر باستمرارية لا معنى لها، وكأن سياسيي البلاد لم يتأثروا بالجائحة سوى من جانبها السيكولوجي الذاتي ولم يتمكنوا من بلورة أسلوب جديد يرتقي بعملهم إلى مستوى ما تتطلبه المرحلة.

مخلفات أزمة كورونا ليست هينة. والخسائر ما تزال متأصلة لأن النزيف لم يتوقف بعد. لكن رد الفعل، الذي من المفروض أن يكون بالسرعة والفعالية المطلوبتين، لم يظهر له أفق لحد الآن.

لا بد هنا من الإشارة إلى أن الإدارة كانت في مستوى اللحظة في تدبيرها للأزمة. وقد شعر الجميع بهذا التدبير المتميز، الذي لا يخلو من هفوات طبعا، لكنه تدبير لقي استحسان الجميع وبرهن عن قدرة وإرادة متميزتين. غير أن المجتمع السياسي يتحمل مسؤولية إبداع الحلول وخلق أجواء بناء مجتمع ما بعد كورونا بعقلية جديدة وبأسلوب عمل فعال.

المؤسف له هو أن المجتمع السياسي بالمغرب بنخبه وقياداته يعطي انطباعا لحد الآن بأنه ملتصق بالهاجس الانتخابي النفعي والتقليدي البئيس الذي لم يعد مقبولا في المغرب. وقد تبين هذا الأمر من خلال التدبير الحكومي لملفات عدة، وأيضا من خلال سلوكات الأحزاب السياسية وهي سلوكات يتبين أنها لم تستفد مما وقع.

طبعا هذا الأمر لن تكون له سوى نتيجة واحدة، هي اتساع الهوة بين المجتمع وبين الوسائط السياسية التي ستفقد ما تبقى لها من منسوب ضعيف للثقة. ولا يخفى على أحد خطورة هذا الأمر لما تنفصل الوسائط عن مجتمعها.

لقد خلفت الجائحة واقعا مغربيا جديدا وفاقمت من الأزمات على كل المستويات. الأمر ليس بالسهولة بل ينذر بأزمات مستقبلية. هذا الآتي لا يمكن مواجهته بأحزاب سياسية وبنخب لا تعي خطورة انتهازيتها. المرحلة التاريخية فارقة، والوضع لا يقبل استمرار الانتظارية والمسكنات. ومسؤولية السياسيين والنخب ثابتة والتحرك يجب أن يكون بحجم الأمر الطارئ. غير ذلك سوف نعرض بلادنا لهزات لا نأمل أن تحصل.

المرحلة صعبة جدا باعتراف الجميع وبقساوة التوقعات. وقد حان الوقت لفتح نقاش مجتمعي عمومي.

الأحزاب السياسية والنخب يجب أن تكون الآن أو لن تكون...