مجتمع

الإعلامي وحيدي : النموذج التنموي الجديد ... كورونا تقدم تشخيص دقيق لحاجيات المجتمع

مجيدة أبوالخيرات الاثنين 03 أغسطس 2020
رضوان وحيدي
رضوان وحيدي

AHDATH.INFO

 مجموعة معطيات وقف عليها " رضوان وحيدي " الإعلامي بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في تحليل دقيق للاشتغال اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد والإكراهات الموضوعية التي أوقفت عمل اللجنة بعد انتشار جائحة فيروس " كورونا " ، مبرزا في قراءته أهمية اشتغال النموذج التنموي الجديد على تقييم السياسات العمومية للحكومات السابقة وتطوير مجموعة مخططات قطاعية حققت نجاح كبير رغم انتشار جائحة كوفيد 19 ، وهو ما يقدمه الإعلامي رضوان وحيدي في دراسة تصب مجملها في ما يلي :         

قبل أيام جلالة الملك محمد السادس يوافق على طلب رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد شكيب بنموسى وفحواه مهلة زمنية لإعداد التقارير والخلاصات ومخرجات التشاور واسع النطاق مع كل مكونات المجتمع المغربي هيئات حزبية ونقابات ومؤسسات الحكامة والنسيج المدني ومواطنين ، هذه اللقاءات تعد بمثابة جلسات استماع تنموية توقفت فجأة وخارج التوقعات بعد انتشار جائحة كورونا منذ مارس المنصرم ببلادنا وما فرضتها من الطوارئ الصحية والحجر الصحي .

كوفيد 19 وما نتج عن انتشاره السريع الذي فرمل مؤقتا النهج التواصلي للجنة شكيب بنموسى هو نفسه كوفيد الذي وفر وقدم تشخيصا وتشريحا واقعيا وموضوعيا كل المعطيات عن الأوضاع سوسيو اقتصادية للمغاربة وحاجاتهم الملحة والثانوية الحاضرة والغائبة الدفينة .

كورونا إذن جاءت بالنبأ اليقين للحكومة وكل المتدخلين في تدبير السياسات العمومية مركزيا جهويا ومحليا في كافة المجالات .

كوفيد 19 يؤكد أوليات المغاربة الآن وغذا القريب ، وهي الأوليات التي تسطرها الأحزاب السياسية غالبا في برامجها الانتخابية والحكومات في مخططات. برامج عملها لكنها غالبا لا ترى إلا بصيصا من النور عند انتهاء كل ولاية انتذابية .

كورونا تذكر اليوم المسؤولون عن تدبير شؤون المواطنين بهذه الانتظارات الكفيلة بتحقيق سلم اجتماعي حقيقي واستقرار مستدام وتقدم ونماء .

انتظارات مدسترة منذ بدايات القرن الماضي وزكاها بل وعددها دستور 2011 وأقواها تمكين المواطن من حقوقه الأساسية وبخاصة الاجتماعية والاقتصادية في مقدمتها الحق في الصحة الجيدة  والتعليم المفيد والسكن اللائق والشغل المستدام الناجع الضامن للكرامة الإنسانية ، في هذه الظروف الاستثنائية برزت الحاجة الملحة للأمن والبيئة النقية النظيفة  والحق في التعبير الحر وغير ذلك كثير من مختلف الحقوق التي أظهرت كورونا حاجة المواطن إليها من أجل المحافظة على حق دستوري يكن له المغرب كل التقدير والاحترام والحب ومضمون بقوة في المواثيق الدولية ، الحق في الحياة ، لكن الولوج إلى هذا الحق اليوم يطرح إشكالية الجودة ، جودة الحياة في كل تجلياتها وأبهى صورها . 

مما لا شك فيه أن الحياة الجيدة تعني ببساطة الجودة في الخدمة العمومية والولوج إليها بسلاسة لا بيروقراطية فيها ولا زبونية تتحكم فيها ولا إقصاء يهدد تحقيقها للعموم على قدم المساواة والإنصاف والعدالة الاجتماعية ، ولا غرابة أن تحقيق الجودة في الخدمات العامة يتطلب بالضرورة الرؤية الواضحة والإمكانات المادية والبنى التحتية اللازمة والكفاءات البشرية والتدبير الحكيم في كل المجالات ، فقطاع الصحة مثلا والتي أبانت كورونا حيوية أدواره في المجتمع ومهامه الحاسمة في تحقيق الحق في الحياة ، أسمى حقوق الإنسان، لن تقوم به قائمة دون العدة والعتاد من أطقم طبية ومستشفيات  جامعية وإقليمية مختبرات  وكليات الطب وصناعة دوائية قوية وبحث علمي ومراكز صحية ومستوصفات تستجيب للمعايير الصحية المعتمدة ، وقبل كل ذلك الحكامة التدبيرية وارتباطا بالكفاءات لا بد من عمل في العمق لتأهيل العنصر البشري وتسهيل الولوج إلى التعليم المنتج والتنموي ومحاربة الأمية بمفهومها القديم والحديث بالمجالين القروي والحضري ،

التعليم الجيد يفيد في بلوغ الشغل الجيد النافع للوطن والمواطن ، الشغل ، الشغل الشاغل الحكومات والأسر والأفراد والمقاولات والمستثمر لابد فيه من معيار فاصل هو الكفاءة والعطاء وحب الوطن ، والنموذج التنموي الجديد مدعو للاشتغال على ملف التشغيل بشروط جدية وجديدة لا ريع فيها ولا محاباة فقط الاستحقاق .

وباء كورونا وحجره الصحي أبرز الحاجة الماسة إلى سكن لائق يتسع لقاطنيه بمرافق تقيهم قلق الضيق ،وهنا للمهندس المعماري دور لابد أن يلعبه بفنية تتناغم مع مواطنة المنعش العقاري ،

النموذج التنموي الجديد لن يكتمل دون مراعاة حق المواطن والوطن في بيئة نظيفة دون تلوث ، هنا أيضا للصناعة مهمة الحفاظ على هواءنا ومائنا مع ما يلزم من دعم للصناعة الوطنية وتعزيز تنافسيتها العالمية ومراعاة حقوق الفاعلين فيها وفي التجارة عند إبرام العقود والاتفاقيات الدولية ،

النموذج التنموي الجديد لابد أن يشتغل على تطوير المخططات القطاعية التي حققت نجاحا كبيرا الفلاحة نموذجا مخطط المغرب الأخضر تصدى لفيروس كوفيد بتوفير كل المنتجات الغذائية وبأسعار  مناسبة ، غير أن الفلاح وخاصة الصغير والمتوسط عانى كثيرا زمن كورونا بتزامن مع الجفاف وغلق الأسواق ، قطاع أخر تضرر كثيرا بسبب كورونا السياحة وعائداتها المهمة من العملة الصعبة والتشغيل وترويج قطاعات مرتبطة كالصناعة التقليدية والنقل فضلا عن الإشعاع الثقافي والحضاري لذلك وجب الاشتغال ضمن مشروع  لجنة السيد بنموسى على دعم هذا القطاع وتشجيع سياحة داخلية مستدامة على طول السنة ، طبعا لا تنمية دون توفر أركانها متعددة منها الإعلام القوي الموضوعي الاحترافي المهني القادر على صناعة رأي عام في مستوى تحديات البلد وقادر على لعب دوره في الإخبار التثقيف والترفيه وبجودة فكيف يستحضر أعضاء اللجنة هذه القضية ؟ .

قطاعات الرياضة والثقافة وخدمات الترفيه لابد أن تحظى باهتمام اللجنة الموقرة باعتبار أهميتها المادية واللامادية ودوره في التنمية بمعناها الواسع .

باعتقادي المتواضع أن اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد تدرك جيدا أهمية العودة للتاريخ والنهل من عطاءات وإبداعات فكر وعلم ومواطنة العلماء والمفكرين والسياسيين النجباء الذين قدموا للوطن بلا حدود ودون مساومة أو ابتزاز سياسي أو مادي ولنا نماذج راقية في هذا الصدد : العالم الفقيه الحكيم والزعيم علال الفاسي والمفكرين عابد الجابري وعبد الله العروي والراحل المهدي المنجرة عالم المستقبليات الذي تحدث عن الحكامة وفك الارتباط مع التبعية الاقتصادية والثقافية وتحقيق الاكتفاء الحضاري والهوياتي كمدخل للنماء و التقدم .

النموذج التنموي الجديد الذي ينتظره المغاربة في كلمات ( الكرامة الديمقراطية  الحرية  العدالة المساواة ) والمواطنة الحقة .

نموذج ممكن إذا ما توفرت له الأرضية والإرادة والحنكة وحب الوطن ؟ .

وربما ضارة نافعة كورونا المزعجة تمهلنا وقتا إضافيا لمزيد من التشاور والإنصات والعمل .