مجتمع

البروفيسور الحسين بارو: الحالات الخطرة في تزايد والحل بيد المواطن

طه بلحاج الثلاثاء 11 أغسطس 2020
PROFESSEUR BAROU 2
PROFESSEUR BAROU 2

AHDATH.INFO- حاورته سميرة فرزاز/تصوير وراق

قال رئيس مصلحة الإنعاش والتخدير بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدرالبيضاء في حوار لأحداث أنفو إن الحالات الحرجة للإصابة بفيروس كورونا لم تعد حكرا فقط على ذوي الأمراض المزمنة والفئات الهشة بل امتدت إلى فئة الشباب.

بداية، بروفيسور الحسين بارو، كم عدد الحالات الحرجة والخطرة المصابة بكوفيد 19، التي توجد حاليا بقسم الإنعاش والتخدير بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد؟

حاليا يوجد بمستشفى ابن رشد ثلاثة أقسام تضم الحالات الخطرة، التي تصل إلى 37 حالة مصابة بكوفيد 19، إلا أن هذا الرقم يتغير على مدار ساعات اليوم، لأن هناك من يتوفاه الله بسبب تمكن الفيروس منه، وهناك أعداد أخرى تتوافد على رأس كل أربع ساعات كمعدل. والمستشفى يستقبل ما بين 7 و10 حالات في اليوم.

ونظرا لأن هاته الأقسام الثلاثة امتلأت عن آخرها، فإن المستشفى في طور تهييء قسمين إضافيين على أمل ألا نحتاج إلى تجهيز أقسام أخرى.

في أي خانة تصنف جميع هذه الحالات؟

هذه الحالات تصنف كحالات خطرة تحتاج إلى الإنعاش، فأغلبها يحتاج إلى التنفس الاصطناعي، وهذا يعني أن رئة هؤلاء المصابين لم تعد تقوم بوظيفتها، والمعلوم أن الرئتين هما العضو الرئيسي في الجهاز التنفسي، تساعدان الشخص في الحصول على الأوكسجين والتخلص من ثاني أكسيد الكربون، ويجري التبادل الغازي في أكياس الهواء الصغيرة التي تحتوي على جدران سميكة من خلية واحدة فقط. الدم يمتص الأكسجين ويسلمها إلى كل خلية في الجسم، وهذا يعني أن الفيروس إذا تمكن من رئة المصاب احتاج إلى الأوكسجين مما يضطرنا إلى تقديمه له بشكل اصطناعي، وفي أغلب الأحيان تنتهي حياته، فـ80 في المائة من هاته الحالات تموت للأسف.

هل تقتصر الحالات الخطرة على الفئات الهشة من المصابين بأمراض مناعية أو مسنين؟

لم يعد الأمر للأسف مقتصرا على الفئات الهشة، بل أصبحت أقسام الإنعاش تستقبل حتى المصابين من الشباب، وهذا معطى خطير، مما حتم فتح مصالح جديدة واللجوء إلى أخرى، لم يتم تشغيلها منذ بداية الجائحة لمواجهة هذه الوضعية، والأسبوع المنصرم توفيت أم حامل في خمسة أشهر لم تتجاوز بعد 27 سنة تاركة وراءها طفلين.

فيروس كورونا المستجد سريع الانتشار، ويستهدف جميع الأشخاص ولا يختار بينهم، ينتقل عبر الإفرازات، لأنه عندما يتحدث الإنسان المصاب أو يكح أو يعطس تخرج من فمه أو أنفه إفرازات تحوي الفيروس، وتتم العدوى عندما يصل الرذاذ إلى الشخص السليم بسبب عدم ترك مسافة بينه وبين المصاب أو عدم وضع الكمامة أو عن طريق لمس الأسطح التي وقع عليها هذا الفيروس، طبعا دون غسل أو تعقيم اليدين.

وهنا أقول يجب اعتبار كل شخص مصابا بفيروس كورونا المستجد، إذن، أنا مصاب وأنت مصابة وهو مصاب، كل واحد يجب أن يحمي نفسه من الآخر، والطرق معروفة وليس هناك غيرها، غسل اليدين باستمرار وعدم التصافح والتباعد ووضع الكمامة.

بماذا تفسر ارتفاع عدد الحالات التي تحتاج إلى التنفس الاصطناعي في الآونة الأخيرة؟

أولا إلى عدم اكتراث الناس بخطورة الفيروس وتراخيهم في الالتزام بالإجراءات التي سطرتها الحكومة كأن الفيروس لم يعد له وجود، في حين أنه موجود ويعيش بيننا، ثانيا في كون المصابين عادة لا تظهر عليهم الأعراض.

كيف ذلك؟

عندما لا تظهر الأعراض على المصاب يعني أن الفيروس يتغلغل في الجسم في صمت، وبالتالي يحدث مضاعفات في الجهاز التنفسي وفي جسم المريض، فالوضع اليوم شبيه في بداية الجائحة في مارس المنصرم، مما يعتبر مؤشرا على خطورة الوضع الوبائي.

تصوري معي سيدتي أننا قبل شهر فقط لم نعد نسجل حالات حرجة أو خطرة مصابة بفيروس كورنا المستجد، حيث أصبحنا نستقبل مصابين بأمراض أخرى، والآن عدنا لنستقبل مرضى كوفيد 19 بل نتهيأ لفتح أقسام نظرا لتزايد المصابين الذين يحتاجون إلى الإنعاش أو التنفس الاصطناعي باستمرار.

وما هو مؤسف هو أننا نستقبل حالات مصابة بالفيروس تحتاج إلى التنفس الاصطناعي عند أول احتكاك لها بالطبيب نظرا لتأخر تشخيص حالته، وهناك من يموت عند بوابة المستشفى بعد أن دمر الفيروس رئتيه.

هناك رأي يقول إنه نظرا لارتفاع الحالات المصابة ومخالطيهم يوميا، أصبحت المصالح المختصة بوزارة الصحة تجد صعوبة في تشخيص الفيروس والتكفل بالمصابين في وقت مبكر؟

في بداية الجائحة في المغرب لمسنا عند المواطنين وعيا تاما بأعراض الفيروس، وبالتالي كانوا يطلبون المساعدة وهو في حالة غير متقدمة، وكانوا عند خروجهم إلى الشارع واحتكاكهم بالآخرين يأخذون بوسائل الاحتياط، لكن للأسف، الآن أغلب الناس لا تلتزم بارتداء الكمامة وبالتباعد الاجتماعي وبغسل اليدين باستمرار، وبالتالي ارتفعت الحالات مع التخفيف في الحجر وأصبحنا نتجاوز سقف الألف في عدد الإصابات وارتفعت الحالات المصابة بالفيروس، وارتفعت معها الحالات الحرجة والخطرة والوفيات كذلك.

هنا من الضروري التنبيه إلى الخصاص الكبير في الموارد البشرية المختصة في التخدير والإنعاش وطب المستعجلات، أمام ارتفاع عدد الإصابات وتزايد الحالات الخطرة بأقسام العناية المركزة يوما بعد يوم. فالوضعية الوبائية بالمغرب تتطلب تعاونا فعليا بين القطاع الطبي العام والخاص والمجتمع المدني، وذلك استعدادا لما هو قادم.

إن مواجهة هذا الوضع الوبائي الخطير الذي تعيشه بلادنا هاته الأيام وتقليص الإصابات والحالات الخطرة والوفيات على حد سواء، هو بيد المواطن الذي يجب أن يفكر في غيره قبل أن يفكر في نفسه، وأن يلتزم بالإجراءات التي سطرتها الحكومة وهي تفادي الازدحام وارتداء الكمامة وغسل اليدين بالصابون بشكل متكرر وعدم التصافح، إجراءات بسيطة كنا نقوم بها جميعا في بداية الجائحة والآن تناسينا هذا الأمر كأن الفيروس قد انتهى من العالم.

هذه الإجرءات بسيطة جدا، لكنها مهمة لأنها مفتاح تجاوز هذه الأزمة التي نعيشها والتمكن من العودة الطبيعية إن شاء الله.