ثقافة وفن

لغزيوي يكتب: المغرب والوضع القادم من / إلى الشرق !

بنعبد الله المغربي الجمعة 04 سبتمبر 2020
files-23293
files-23293

AHDATH.INFO

تقول التقارير المنذرة، الصادرة عن مراكز الدراسات التي تتوقع الآتي قبل أن يحدث، إن السعودية تنتظر التفرقة إلى أكثر من دولة، واحدة في الشرق تدين لإيران بالولاء، وثانية في نجد والحجاز لا تتخلى عن التقاليد الصارمة للوهابية، وأخرى تنفتح على العالم الانفتاح الأكبر مثلما يتخيل محمد بن سلمان ولي العهد الحالي.

تقول التقارير ذاتها إن الإمارات طلبت الحماية الأمريكية الإسرائيلية لئلا يصيبها الزلزال القادم إلى المنطقة، ولأنها لاترى أي بديل لها سوى طلب المظلة التي تبدو لها الأقدر على البقاء وسط « مدن الملح »، التي تحدث عنها الكاتب العبقري قبل هذا الوقت بكثير.

تواصل التقارير ذاتها التنبؤ وهي تقول إن البحرين، يتأرجح بين تسليم نفسه في أي لحظة للمد الشيعي الطاغي عليه، وبين البقاء قادرا على المقاومة بقيادة ملكه السني، في انتظار حسم قادم.

وتواصل العرافة المقدسة، مثلما أسماها أمل دنقل ذات يوم الاستشراف، مؤكدة أن لبنان لاتستطيع بناء دولة دون اليد الشيعية المسلحة، التي تعلن عن نفسها الوقت بعد الآخر قادرة على ضبط اللعبة في بلاد الأرز أكثر فأكثر، وإن كان حادث المرفأ قد أتعبها قليلا وفرض عليها بعض التوافق الضروري تحت إشراف الرئيس الفرنسي ماكرون.

الحكي ذاته يؤكد أن سوريا والعراق واليمن لم تعد دولا بالمعنى المتعارف عليه. أضحت أماكن لتجريب أنواع السلاح بين أيدي بدائية تكتشف بالكاد قدرة الرشاش على قتل الآدميين بهذا الشكل الفظيع.

أما الكويت والسلطنة، سلطنة عمان، فهي على الطريق ذاته، طريق التسليم للإيراني أو طريق الاحتماء بالإسرائيلي/الأمريكي.

ثم لا يجب أن ننسى أن ليبيا عادت قبائلها إلى الظهور، ورجعت إلى الأصل الأول قبل ملكها السنوسي، وقبل حاكمها « القوس » أو la parenthése ، معمر القذافي بماعليه وماعليه أيضا لأن ما له كان قليلا بالفعل، فيما تونس حائرة تسأل نفسها « لماذا بدأت الياسمين وماأسمته وسائل الإعلام ثورته؟ ولماذا صوتت على رئيس يتقن فقط اللغة العربية الفصحى، ويترك للنهضة أن تتقن بقية الأشياء؟ »

في المكان المقابل لشرق المتوسط، (*) ودعونا نترحم مجددا على الكاتب العبقري فقد تنبأ بكل شيء قبل الأوان بوقت طويل، يستعد السلطان العثماني أردوغان لوضع التاج، تاج الخلافة على رأسه.

لن يفعلها مجازا هاته المرة. سيضعه بشكل حقيقي. سيرتدي جبة السلاطين العثمانيين، سيتخيل نفسه مثلما تخيل المسلسل التلفزيوني الذي ذاع صيته في العالم العربي الغبي « سليمان القانوني » مثل السلطان القديم تماما. وسيسأل نديمه وخليله إبراهيم عن الوجهة المقبلة للغزوة القادمة. لا حريم لدى السلطان أردوغان. القرن الواحد والعشرون يفترض وجود زوجة واحدة، وعدم الإدلاء بغيرها في البلاط، لذلك هو يكتفي بالزيجات السياسية المتعددة، تلك التي تمنحه كل مرة حق الدخول ببلاد ما ومن فيها، وحق عدم الخروج منها أبدا إلى إشعار آخر.

هاته المرة سيحتفي أردوغان بالذكرى المائوية الأولى لنهاية الخلافة العثمانية بإعلان نفسه سلطانا سنة 2024 وسيدخل قصر الخلافة الذي بناه منذ سنتين، وسيضع التاج الذي نفض عنه الغبار منذ فترة غير هينة، هو الذي اختار القطري وكيلا ضامنا للإخوان بعد أن تخلت السعودية والإمارات عن لعب هذا الدور الاستراتيجي، الذي كان الملك عبد الله بن عبد العزيز مصرا عليه حتى الختام لمعرفته أن « الإخوان » ثعبان يجب أن تحرسه جيدا داخل قفصه، وأن توفر له المأكل والمشرب لئلا يتسلل من الجحر ويعاجلك بالقرصة السامة التي يتخصص فيها.

قطر من جهتها لم يعد لها خيار منذ « الحصار »، إلا أن تحتمي بالسلطان أردوغان، هو الذي فتح كل أبواب تركيا للإخوان الهاربين من كل مكان، وكلف بهم ياسين أقطاي لكي يكفلهم ولكي يلبي طلباتهم، ولكي يكون المخاطب لهم عوضا عنه، فيما قطر عبر قناتها الشهيرة توفر لهم اللجوء الإعلامي، وتقصف عبرهم كل الذين تريد بهم سوءا.

اللعبة الإعلامية الإخوانية مست مصر أم الدنيا والشقيقة الكبرى، ويكفي أن يعرف القارئ هنا، أن معتز مطر المهاجم الدائم عبر « الشرق » للسيسي يتلقى عن كل حلقة من حلقات هجومه مبلغ 25 ألف دولار، وأن محمد ناصر نجم قناة « مكملين » لا يبتعد عنه كثيرا في الرقم المحصل عليه نظير كل هذا « النضال التلفزيوني » المدر للربح الكثير، فيما مصر تحاول بناء حلفها الاقتصادي الفقير/المقاوم مع الأردن والعراق، هي التي تلقت ضربة كبرى من خلال سد النهضة الذي بني بالسواعد الإثيوبية، لكن بالمال القطري وبالتخطيط التركي الخطير، وتتلقى الضربات اليومية الراغبة في تركيعها وتلقينها الدرس نظير تمردها على ماكان يراد تقديمه في حينه وأوانه باعتباره « الفتح العظيم » قبل رابعة واعتصام رابعة وفك اعتصام رابعة بالطريقة التي يعرفها العالم أجمع .

هذه هي الصورة العربية تقريبا، مع بعض القفز الضروري على كثير الفواصل العابرة، لكن ماذا عن الوضع مغربيا؟ وماذا عن الذي ينتظرنا نحن هنا أقصى العالم العربي/ الإسلامي، وسط كل هذا الركام من التحولات التي جعلت « سايكس بيكو » في الشرق الأوسط مجرد ذكرى قديمة لم تعد الحاجة قائمة إليها على الإطلاق؟

نتحدث لاحقا عن هذا الأمر في قادم الأيام…

(*) مدن الملح وشرق المتوسط أعمال روائية للكاتب عبد الرحمان منيف