آراء وأعمدة

أحمد الشرعي يكتب: أساس الديمقراطية هو احترام الآخر

طه بلحاج الجمعة 09 أكتوبر 2020
AHMED-CHARAI
AHMED-CHARAI

AHDATH.INFO- أحمد الشرعي

المركز الدولي لتكوين الصحافيين مؤسسة أمريكية تدافع عن الصحافة منذ عقود، وعن أركانها الأساسية المتمثلة في حرية التعبير، وأخلاقيات المهنة عبر العالم.

بداية هذا الأسبوع نظمت هذه المؤسسة احتفالها السنوي استثناء عبر العالم الافتراضي، نشطه نجم التلفزيون الأمريكي المعروف وولف بليتزر. خلال الحفل، كرم المركز الدولي صحافيين من العالم أجمع، بينهم الصحافي الشهير فريد زكريا من قناة «سي ان ان» والصحفية المصرية لينا عطا الله والصحفي الروسي رومان أنين. جاء التتويج ترجمة لمجهودات الصحفيين المقترنة دائما بالمهنية.

غير أن الأهم في الموضوع يوجد في سياق آخر. المركز الدولي لتكوين الصحافيين فضاء ديمقراطي حقيقي. أعضاء مجلس إدارة المركز والناشرون المنتمون إليه، ذوو حساسية سياسية تقدمية، غير أن هذا لم يلغ الصحافة المحافطة من الوجود والتعبير عن وجهات نظرها بكل الحرية الممكنة، وهو ما يتجلى في النقاش داخل مجلس إدارة المركز الذي يطبعه الاحترام ولا يقصي الآخر. الأمر يتعلق بفضاء ديمقراطي يجعل من التعددية مصدر غنى، وليس مدعاة لاحتقان مسترسل. عندنا في المغرب، ننسى هذه القاعدة البسيطة.

الديمقراطية ليست إجماعا إجباريا ولا أغلبية عددية متنازع حولها، الديمقراطية تدبير للاختلاف وقد تتطلب توافقات إيجابية بالمعنى الديمقراطي للتوافق.

يوجد الاختلاف في صميم الديمقراطية.

قبول الآخر واحترام وجهات نظره، النقاش دون تعنيف لفظي ودون تهجم على الأشخاص من المفروض أن يشكل السلوك العادي لكل ديمقراطي. ليست الانتخابات فقط المعيار الوحيد للمجتمعات الديمقراطية، لكن أن يجد الحق في التعبير ولو جاء من الأقليات طريقه للعلن. يعود النقاش حول هذه الفكرة لأننا نعيش في مرحلة مضطربة وصعبة للغاية.

مواقع التواصل الاجتماعي تنشر الحقد والإسفاف على مدار الساعة، حتى في وجود قوانين تؤطر محتوياتها. لقد تحولت إلى أداة فاعلة في رفض الآخر، عبر صفحات مجهولة تنشط في السرية التامة. وبمجرد أن يفصح عن رأي، تنهال الشتائم والتهديدات من كل حدب وصوب.

والمفارقة أن مواقع التواصل الاجتماعي وجدت أصلا من أجل تحرر جماعي يفسح المجال لأي كان بالتعبير عن مواقفه. غير أن المعنى تحور وصار أداة طيعة في يد مروجي النوايا السيئة، مادفع بمفكرين وسياسيين لهجرة الفضاء الأزرق.

استعادة مزايا النقاش الديمقراطي ضرورة إذا ما أردنا المشاركة في بناء مجتمع منسجم ومتصالح مع ذاته. في المغرب كما في العالم. إنه عمل طويل الأمد، وبيداغوجية ممتدة في الزمن، يفرض نفسه علينا جميعا.

بوسعنا جميعا أن نعبر عن عدم موافقتنا، أو الدخول في النقاش، لكن دون رمي الآخر بأقذع النعوت، ولا التسلح بالأكاذيب من أجل تسفيه آرائه.

للأسف، صارت هذه السلوكات المشينة طبيعة ثانية لدى عدد كبير من المساهمين في النقاش العمومي. الأمر محبط، ولا يسهم سوى في تفقير النقاشات وتأجيج الحقد والكراهية والتأسيس لسلوكات بئيسة.