آراء وأعمدة

الأمن والإرهاب وشهداء الواجب والأصوات النشاز

طه بلحاج الخميس 29 أكتوبر 2020
image 2020-10-28 à 16.05.06
image 2020-10-28 à 16.05.06

AHDATH.INFO

 يوم الخميس 10 شتنبر الماضي نفذت عناصر المكتب المركزي للتحقيقات القضائية التابع لمديرية مراقبة التراب الوطني عملية أمنية منسقة تحت إشراف المدير العام عبد اللطيف الحموشي، الذي وقف على كل صغيرة وكبيرة منذ انطلاق عملية التدخل إلى حين اعتقال المتهمين. وفي حينه قلنا إن إشراف الحموشي على العملية كانت له الكثير من الدلالات لعل أبرزها قوة الخلية، التي تم تفكيكها وأهمية المواد المحجوزة، التي تدخل في صناعة المتفجرات، وكذا تهييء الخلية لأحزمة ناسفة ما يدل على قرب مرورها إلى تنفيذ مخططاتها الإرهابية.

كان للعملية الأمنية صدى كبير داخل المجتمع لما رافقها من متابعة إعلامية كشفت عن معطيات مهمة حول الخلية، كما كشفت عن مقاومة زعيمها للأمن وإصابة أحد عناصر البسيج، كما تابعتها أيضا وسائل إعلام أجنبية باهتمام.

لكن في كل مرة كانت تخرج بعض الأصوات النشاز لتشكك في عمل الأمن وتدعي أن الأمر يتعلق بمسرحية يتم عرضها على الرأي العام لتوجيهه أو لإشغاله عن قضايا أخرى أكثر أهمية.

ذلك ما كانت تدعيه هذه الأصوات متناسية اعتداءات إرهابية سابقة أسقطت الكثير من الضحايا الأبرياء، أبرزها اعتداءات الدارالبيضاء وتفجير مقهى أركانة بمراكش. وبالرغم من المعلومات التي تسربت من التحقيقات أو التحريات الأولية التي نشرتها مصالح الأمن في بلاغاتها بخصوص المتهمين أو بخصوص المواد المحجوزة، التي تم إخضاعها للفحص من طرف خبراء الشرطة العلمية وتقنيي رصد المتفجرات، فقد ظلت هذه الأصوات تغرد خارج السرب وتسمم بمزاعمها عقول بعض الأشخاص الذين تطربهم مثل هذه الأسطوانات المشروخة.

غير أن ما وقع بسجن تيفلت 2 يوم الثلاثاء 27 أكتوبر الجاري يدل على أن كل هذه الادعاءات ليست سوى خرافات من نسج خيال أصحابها.

حادثة قتل حارس السجن الشاب الحبيب الهراس لم تخرج عن تلك الاعتداءات التي تتضمنها مخططات الإرهابيين الذين تم اعتقالهم. لقد كانت عملا إرهابيا حقيرا أودى بحياة الحارس الشاب، ليعيد إلى الأذهان العنف الذي واجه به المتهم الملقب بـ«مول التريبورتور» رجال الأمن الذين اعتقلوه حد محاولته بتفجير قنينة غاز، وهي عملية تشبه إلى حد كبير تلك التي نفذها أحد إرهابيي حي فرح سنة 2007 عندما حاصرهم الأمن فعمد إلى تفجير حزامه الناسف بموقع فراره، ما أدى إلى مصرع ضابط شرطة تصدى له بعين المكان وأنقذ بذلك باقي زملائه الذين كان الانتحاري يستهدفهم بالتفجير.

وقبل حتى تفجيرات الدارالبيضاء وبعدها، أيضا، كانت هناك تدخلات كثيرة لمحاصرة عناصر السلفية الجهادية والأشخاص، الذين تم تجنيدهم، والذين واجهوا الأمن بالسيوف والسلاح الأبيض، وكذلك بالرصاص. وسقط الكثير من شهداء الواجب، الذين ضحوا بحياتهم في سبيل استقرار الوطن وسلامة المواطن.

حوادث كثيرة لمثل هذا العنف تتشابه وما على اللبيب سوى أن يجمع قطع البازل لتكتمل الصورة، ويتبين بدون أدنى شك بأن الحرب على الإرهاب لم تنته بعد، وأن عمليات الاعتقال والتدخلات الأمنية، التي تستهدف تحييد الخلايا الإرهابية، ليست أفلاما هوليودية لتزجية الوقت ولكنها صورة حقيقية لجزء فقط من العمل الكبير الذي تقوم به مصالح الأمن مضحية بنفسها من أجل وطن ومجتمع آمن، هذا ناهيك عن باقي المهام الاستعلاماتية، والتي تعتبر الأرضية الصلبة لكل العمليات الأمنية التي بفضلها يتم القبض على المشتبه فيهم، والذين يعرضون بطبيعة الحال على القضاء ليؤكد أو يدحض الاتهامات الموجهة إليهم.

بالمقابل لم ينتظر «مول التريبورتور» كلمة القضاء بل سارع بكل ما أوتي من عنف وتطرف كي يتبث التهم الموجهة إليه باعتدائه على الحارس الشاب حد إزهاق روحه ومهاجمة ثلاثة من زملائه الموظفين حاولوا تخليصه منه.

ليس هناك ما يبرر كل هذا العنف الدامي الذي ينتهي بالقتل فحق الحياة يعتبر أسمى الحقوق كلها. والأصوات التي تنسج المؤامرات والمسرحيات المزعومة وتبخس عمل الأمن لتلويث أفكار الناس لا تنتبه إلى أن الإرهاب لا يفرق بين الضحايا، وأن الدائرة قد تضيق يوما.

رحم الله شهداء الواجب.