مجتمع

سيكولوجية العمل.. نحو توفير المزيد من الراحة النفسية للمستخدمين

و م ع الخميس 19 نوفمبر 2020
image
image

ahdath.info

في ظل إدراك المقاولات أكثر فأكثر لأهمية توفير جو من الراحة النفسية لمستخدميها، من أجل تحسين الفعالية الجماعية، أصبحت الصحة النفسية داخل أماكن العمل تستأثر بالاهتمام أكثر من أي وقت مضى.

وتهتم سيكولوجية العمل، وهي تخصص يعالج كافة السلوكات البشرية في سياق الأنشطة المهنية، على الخصوص، بعلاقات الأجراء مع محيطهم الاجتماعي والتقني، وتتدخل لتعديل هذه العلاقات التي قد تشهد اضطرابا ( حادث شغل، تغيب عن العمل، معاناة جسدية أو نفسية..)، ومن تم تحسينها أو إعادة تحديدها من لدن الفاعلين المعنيين.

وبالمغرب، تلجأ العديد من المؤسسات العمومية والخاصة لهذا التخصص، الذي غدا ضروريا داخل نظام اقتصادي واجتماعي يعيش حالة من الغليان.

وفي هذا الصدد، أكدت الطبيبة النفسية المتخصصة في سيكولوجية العمل ومؤسسة المركز الدولي لعلم نفس العمل، غيثة مسفر، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه وعيا منها بالدور المحوري للرأسمال البشري في تطوير البنيات المهنية، انتبهت العديد من المقاولات لأهمية هذا التخصص، الذي لا يمكن إنكار أثره الإيجابي على تطور هذه المؤسسات وعلى الراحة النفسية ورفاهية الأشخاص الذين يعملون بها. وفي السياق ذاته، أبرزت السيدة مسفر أن هذا التخصص يمكن بداية كل مستخدم ب"الشعور بأنه في أفضل حالاته" بكيفية يستطيع من خلالها "إيجاد ردود فعل مناسبة وملائمة" خلال فترات التوتر والضغط أو النزاعات بين الزملاء، ويمكن ثانيا على المستوى التنظيمي، من تحسين ظروف العمل والمناخ الاجتماعي، وبالتالي الوقاية بشكل أفضل من " المخاطر النفسية- الاجتماعية".

ولاحظت أنه "في البداية، كان الإقبال على اختصاصيي الصحة النفسية بأوساط العمل مقترنا أكثر بتقديم المواكبة في إطار عملية التوظيف، وتنشيط الندوات، وورشات التنمية الذاتية والذكاء العاطفي، أو إدارة الضغط، في حين يتم اللجوء إليهم على نحو متزايد، خلال السنوات القليلة الماضية، من أجل إنشاء خلايا للاستماع والمواكبة النفسية داخل المقاولات". وتابعت أن هذه الخلايا تمكن من تقديم الدعم النفسي في الأوقات الصعبة، وتوجيه ومواكبة الموظفين الذين يعانون من ضائقة نحو الحلول المناسبة لحالاتهم ومواردهم الداخلية.

وفي هذا الصدد، أشارت إلى أنه إبان أزمة (كوفيد -19) الفتاكة، حيث "بدأ المسيرون يهتمون أكثر فأكثر بالحالة النفسية لمستخدميهم"، مكنت خلايا الاستماع المستخدمين من مناقشة الاضطرابات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالعزل، والخوف من وجود حالات إصابة في صفوف الزملاء، وصعوبة الحفاظ على التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، أو حتى الطابع المعقد لإدارة العمل عن بعد لمن يعملون من منازلهم. كما أشارت إلى أن هذه الأزمة التي "تزيد من الضغط العصبي على الموظفين"، هي فرصة لأرباب العمل من أجل "التأكيد على بذلهم للجهود الكفيلة بتوفير ظروف سليمة ومناسبة" داخل نشاطهم المهني.

وبخصوص معالجة الإرهاق المهني الذي يطلق عليه عادة "بورن آوت"، سجلت السيدة مسفر أن هذه الحالة المرضية المرتبطة بالوقت المعاصر تصيب الكثير من المستخدمين، لافتة إلى أن "الأكثر ذكاء ونجاحا هم الأكثر تعرضا لها". وعلى الرغم من ذلك، نوهت السيدة مسفر إلى أن العلاج الشامل المقترن بالتدريب (coaching) مكن عددا كبيرا من الموظفين من مواجهة هذا الإرهاق وإعادة الاندماج مهنيا دون أدنى مشكل.

كما أبرزت ضرورة أن يكون الاختصاصي في سيكولوجية العمل مستقلا، وليس موظفا داخل المؤسسة، وذلك من أجل الحفاظ على ثقة الأشخاص الذين يلجؤون إلى خبرته داخل المقاولة، وحتى يتمكنوا من مناقشة مشاكلهم بكل أريحية. من الجلي أن سيكولوجية العمل تتعلق قبل كل شيء بالوعي بتعقيد العمل وصعوباته المختلفة، ولكنها أيضا أداة حقيقية تسمح بالتوفيق بين الحاجة إلى زيادة ربحية المؤسسة والحاجة إلى التطوير الشخصي لموظفيها.