السياسة

رئيس استئنافية الرباط الإدارية: إجبار القاضي الإدارة على تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها عنوان الحقيقة القانونية

رشيد قبول الثلاثاء 01 ديسمبر 2020
Screenshot_20201201-090207_WhatsAppBusiness
Screenshot_20201201-090207_WhatsAppBusiness

Ahdath.info

أكد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط "محمد الصقلي الحسيني"، أن الهدف المتوخى من اللجوء إلى القضاء هو تنفيذ أحكامه، بحيث لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له، كما أن عدم التنفيذ أو التأخير فيه يلحق ضررا جسيما بالمحكوم لفائدته، مما يؤثر سلبا على مصداقية الأحكام ومعها يفقد المتقاضون الثقة في السلطة القضائية.

وفي سياق متصل، أوضح الحسيني خلال مداخلته في اللقاء الدراسي المنظم نهاية شهر نونبر، من قبل مؤسسة وسيط المملكة حول موضوع (مدلول الآثار القانونية في مجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام)، بأن هذا الموضوع يكتسب راهنية متجددة، لاسيما ما يرتبط بإعادة بناء المسار المهني للموظف وإدماجه من جديد في أسلاك الإدارة عقب تنفيذ الحكم النهائي القاضي بعزله، كما أن الحكم القاضي بالإلغاء ذي خصوصية لكونه يعتبر حجة حيال الكافة فيما فصل فيه من حقوق، كاستثناء من الأثر النسبي للأحكام القضائية التي لا تلزم سوى طرفيها، مشيرا إلى أن بعض الفقه الفرنسي ذهب إلى خلاف ذلك على غرار الفقيه (Jèze) الذي شدد على الحجية المطلقة التي يتمتع بها الحكم القضائي.

أما الحجية النسبية، يقول الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، نقلا عن الفقيه المذكور "تمثل استثناء على الأصل العام، بما يترتب عن ذلك من عدم جواز الطعن من جديد ضد القرار الملغى وذلك لانعدام موضوعه، أو الاعتراض عليه بعدما أصبح عنوانا للحقيقة القانونية ووسيلة لضمان المشروعية وإنما صيرورة كل جهة إدارية ملزمة بتنفيذه، وترتيب آثاره القانونية".

وأوضح المسؤول القضائي ذاته في نفس السياق، أن تذييل الاحكام القضائية أسست له محكمة النقض بصفتها مرجعا لباقي المحاكم، مفسرا ذلك بفسح هذه المحكمة المجال أمام الإدارة لاتخاذ الإجراءات المتوجبة لإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار الملغى.

وفي مقاربة نوعية، طالب محمد الصقلي الحسيني بضرورة التمييز في ترتيب الآثار القانونية الناجمة عن إلغاء قرار إداري في مجال الوظيفة العمومية بين الحالة التي يتم فيها إلغاء القرار لعيب في الموضوع وبين الحالة التي يتم فيها إلغاء القرار لعيب شكلي، مستدلا في هذا الشأن بعدة اجتهادات قضائية مغربية وفرنسية تم الفصل فيها وفق مقاربة تراعي التوازن بين مصالح الموظف المتضرر من القرار وحماية المصلحة العامة والمال العام، حيث اعتبر الحسيني بأن الحالة الأولى التي يتم فيها إلغاء القرار لعدم مشروعيته أو للغلو فيه باستعمال السلطة يترتب عنها إعادة إدماج الموظف بأثر رجعي في إطاره الأصلي، تجريدا من الإدارة للآثار الناشئة عن تنفيذ قرارها الملغى لعيب في الموضوع والذي ينزل منزلة القرار المعدوم.

كما تكون الإدارة في هذه الحالة ملزمة بإعادة تأسيس المسار المهني للموظف المستفيد من الحكم بإلغاء العقوبة التأديبية وبالتالي إلغاء جميع القرارات الموالية والمتصلة بالقرار الملغى.

وأشار المتدخل ذاته إلى أن القضاء الإداري أقر احقية الموظف المتضرر في الاستفادة من تعويض عن الأضرار المادية والمعنوية المترتبة عن العقوبة التأديبية الملغاة، مما يبرر في بعض الحالات تمكين الموظف من الامتيازات المالية التي كان يستفيد منها كأجور قبل صدور القرار.

وفي هذا السياق ذاته فإن الموظف المبعد بطريقة غير مشروعة عن الوظيفة العمومية والمستفيد من حكم بإلغاء العقوبة التأديبية الصادرة في حقه، لايمكنه البتة - في غياب خدمات منجزة - أن يستفيد من حساب أجرته النظامية عن المدة التي كان متوقفا فيها عن العمل ولو كرها، لكنه في المقابل، يتابع المسؤول القضائي ذاته "يكون محقا في تعويض لجبر الضرر الذي تعرض له والمترتب عن توقيع العقوبة التأديبية غير المشروعة، وهذا هو التوجه الذي استقر عليه الاجتهاد القضائي الفرنسي منذ سنة 1933".

أما الحالة الثانية والتي يكون فيها إلغاء القرار بسبب عيب في الشكل أو في الاختصاص، فتكون بذلك العقوبة مبررة والخطأ ثابت مما يحيل إلى إمكانية اتخاذ الإدارة لعقوبة تأديبية مماثلة للعقوبة الملغاة، وبالتالي يكون القرار مبررا موضوعا بعد تجاوز الإدارة للعيوب الشكلية التي أدت إلى إلغائه، وبالتالي لا يترتب عن هذا الإلغاء أي حقوق لفائدة الموظف، موضحا بأن العمل القضائي الإداري على مبدإ "كون الإدارة ملزمة بتنفيذ القرار القضائي القاضي بإلغاء قرار العقوبة التأديبية قبل اتخاذ القرار التأديبي الجديد إن كان له محل".

وفي معرض تعقيبه على بعض المداخلات أكد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الضرر المترتب عن اقتراح حلول من شأنها اطالة النزاع وتعقيده بمساطر جديدة من شأنها التأثير السلبي على المسار المهني للموظف المتضرر من العقوبة الإدارية دون مراعاة القوانين الجاري بها العمل في مجال الوظيفة العمومية.

وبعدما جدد الحسيني، تأكيده على أن إجبار القاضي الإدارة على تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، امتثالا منها لأحكامه التي هي عنوان الحقيقة القانونية، معلنا رفضه للرأي الذي ينهي مهمة القاضي الإداري عند الإلغاء والذي شبهه بعض الفقهاء بذلك الشخص الذي يجتث الشجرة دون إسقاطها تاركا هذه المهمة لعواصف الشتاء.