ثقافة وفن

سكينة بنزين تكتب :أماني المخذولين لسنة 2020 و ما بعدها

سكينة بنزين الخميس 31 ديسمبر 2020
2020
2020

AHDATH.INFO

عزيزتي 2020 .. ضعي سلاحك وسنضع ممانعتنا، دعينا لا نرهق بعضنا البعض. كسابقتك كنت ممن يهوى وضع الفخاخ، ونحن نحترف القفز مرارا متنقلين بين ثنائية حلوك ومرك.

نحن جمع المخذولين بعد معايدات السنوات الماضية التي لم تنجح في مداهنتك يوما، أدركنا متـأخرين أنك مجرد قناع جديد لسنة واحدة رأت النور منذ الأزل ، سنة لم تجد من خيار لها سوى التوقف بعد كل 365  خطوة، ليتحلق حولها جمع من العابرين ، أولئك الذين أدمنوا ترتيل صلوات الأرقام، وهم شهود على طقوس تغيير ثوب رقم بآخر،وكأنك تنتشين بصفوف الواقفين وأنت تمتصين أحلامهم وأمانيهم .. وكأنك من يعول عليهم لتجديد رغبتك في الاستمرار داخل نفس الحلقة المفرغة التي تسير بك نحو الأبد.

هذه المرة، سنكون بنفس قسوتك .. لن نتمنى أن تكون سعيدة، ذلك شأنك، وباسم كل المخذولين قررنا أن نكون نحن السعداء حين نشهر ألسنتنا في وجه خططك اللامنطقية، سنكون مزاجيين أكثر من مزاجيتك، سنضحك حين تنتظري منا البكاء، ولن نبالي حين تنتظري منا العرفان على شيء لم يكن لك فيه يد ، كمن يدمن المدح على ما لم يفعل.

لن نطلب منك بسذاجة الأيام الماضية، منحنا المزيد من الوقت مع من نحب، فقد أدركنا بغريزة المتعاطف أنك أضعف من أن تحافظي على أيامك وشهورك المنتحرة التي تتعمدي تسميتها بنفس الإسم . نحن اليوم أقوى منذ تعلقت أنامل صبرنا بيد خسارتنا المتكررة، مدركين أن الفوز لمن يقف فوق جراحه بدل الوقوف على عتبات وهمك ..

تملكين الكثير من الأذرع التي اعتدت بها وضع الفخاخ، ومحو أحلام في مهدها، وتملكين ما لا يحصى من أرجل تدوس بقسوة الجنود بذرة البدايات، لكنك لم تجربي يوما ابتسامة المنتشين لأنك بلا ثغر، وكم يروق لنا الوقوف بوجهك الأصم ،مبتسمين أمام حنقك وأنت تتابعين انسلال حزب المخذولين من طقوس بيعتك، أولئك الذين لن يتمنوا لك أن تكوني سعيدة، بدون حروب ولا أوجاع، ولا ظلم ، لأنهم أدركوا أنك تعبثين في أوقات فراغك الدائم بأحلام المعلقين بأهذاب وعودك الكاذبة.

عزيزتي 2020 .. نتمنى أن تسترقي السمع لنا ونحن نضع قواعد اللعبة الجديد، هذه المرة  نحن من سنكون سعداء وقد أدركنا أن الحروب باقية، والرداءة تبسط ذراعيها متعطشة لعناق المارة، وأحلامنا مطاردة في زحمة ما بقي من رغبة الاستمرار داخل هذا المرور المثخن بجراح خربشات أضافرك، حين يستبد بك شغب قطة متوحشة، يستحيل نيل ولائها.

في المساء الموعود، ومن كل بقاع الخذلان، سنخاصم العد العكسي وطقوس تجددك البالية، سنكون ما أردناه في خيالنا، وسنعبث ولو لثوان بخطوط الزمن على جبين شهرك الأول .. سنبارك لبعضنا ونردد الأماني الساخرة ، والكثير من أدعية الأمهات التي تتهاوى أمامها الأسوار العالية .. وفي لحظة صحو سندرك أن  خط هذه العبارات، مجرد اهتمام مستقطع غير مستحق في زحمة يومياتنا الخارجة عن سياج أماني البدايات.

تمهلي في قدومك، أو اقتلعي الباب وأعلني دخولك، الأمر سيان لمن أحرق قواعد العد والحساب. دعيني أخبرك أن للمخذولين ذاكرة يلتهمها البياض، حيث لا حزن يبقى ولا فرح، لينفلتوا من حبالك طوعا، قبل أن يسقطوا فيها سهوا مرددين : سنة سعيدة للساذجين ، سنة سعيدة لسارقي الفرح في غفلة من فصول الحزن، سنة سعيدة لمقتنصي الفرص، سنة سعيدة  لمن يفتش بين الحروف لانتشال آخر معنى، سنة سعيدة لمن لا خيار له إلا أن يكون سعيدا...

مهلا عزيزتي، هذه ليست كلمات مخذولة، بل هي تراتيل من أدرك أن بعد اليسر عسرا، من واظب على الخروج من حلقة الضيق نحو رحابة القادم، ومن يهوى قلب الأدوار بحثا عن نهايات المحال الجديدة ..