الصحراء

الصحراء المغربية بين الحرب والسلم

حكيم بلمداحي الاثنين 18 يناير 2021
المسيرة-الخضراء
المسيرة-الخضراء

في الوقت، الذي تعمل فيه المملكة المغربية على البحث عن حل سياسي سلمي وعادل ودائم لقضية الصحراء المغربية، تشتغل جبهة البوليساريو على التجييش من أجل الحرب.

المملكة المغربية نظمت اجتماعا وزاريا دوليا حضرته أربعون دولة لمناقشة مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية المغربية، وهو المقترح الذي وصفه المنتظم الدولي ومجلس الأمن بالجدي وذي المصداقية. في المقابل تعطي جبهة البوليساريو تعليمات لتجييش سكان المخيمات والاستعداد للحرب.

التعليمات الجديدة للبوليساريو تأتي مع استمرار الدعاية لحرب ضارية وهمية تقع في الصحراء. وعلى الرغم من كون العصر لا يقبل الكذب لوجود مسارات متعددة للولوج إلى المعلومة، إلا أن جبهة البوليساريو مدعومة بالإعلام الرسمي الجزائري تواصل الترويج لبطولات دونكيشوطية يجهل الهدف من ادعائها، سوى كون الجبهة تتخبط في العبث.

لقد حققت القضية الوطنية للمملكة المغربية انتصارات حقيقية على أرض الواقع. انتصارات توجتها وقائع على الأرض بفتح عدد مهم من الدول عربية وإفريقية وأمريكية، قنصليات في الأقاليم الجنوبية. ودعمها اعتراف من الولايات المتحدة الأمريكية، القوة العظمى في العالم، بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية للمملكة. وفي نفس المسار يأتي الاجتماع الوزاري حول الحكم الذاتي، الذي ينتظر أن يدعم توجهه من قبل دول أخرى أوروبية على الخصوص.

بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، ولو أن المقارنة لا تستقيم، هناك تناقض بين نزوع نحو السلم ودعوات إلى الحرب.

المملكة المغربية، صاحبة القضية العادلة، تدعو إلى السلم والتنمية الاقتصادية والمجالية والبشرية. وجبهة البوليساريو تدق طبول الحرب وتسير في اتجاه الإلقاء بالصحراويين نحو التهلكة بتوجه خبرته المنطقة وكانت الحرب فيه خراب وضياع رجال في معارك كان فيها ابن العم يقصف ابن عمه ليخسر الجانبان.

بين نزوع المملكة المغربية نحو السلم والتنمية وتوجه البوليساريو نحو الحرب يكمن السر. فهناك من يعرف خلاص المنطقة ويعمل جاهدا على تحقيق هذا الخلاص. في المقابل هناك من لا يرغب في حل المشكل وهذه هي النية التي قامت عليها فكرة إنشاء مخيمات تيندوف وتحوير جبهة البوليساريو نحو حركة تخدم أجندة جيواستراتيجية لجهات تعتبر المملكة المغربية عدوها الأبدي.

لا غرابة في أن يكون هذا هو توجه جبهة البوليساريو اليوم، فالقيادة التي توالت على الجبهة منذ التخلص من الولي مصطفى السيد ليست سوى مجموعة من الموظفين عند حكام الجزائر. وبالتالي فإن هؤلاء الموظفين لا يملكون استقلالية القرار، بل هم يأتمرون بأوامر المخابرات العسكرية الجزائرية وينفذون ما يمليه عليهم حكام الجزائر العسكريين.

من هذا المنطلق يمكن فهم التناقض بين المملكة المغربية وبين جبهة البوليساريو وهو في الحقيقة تناقض بين المغرب والجزائر.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن جبهة البوليساريو لا تمثل كل الصحراويين سواء الموجود منهم في مخيمات تيندوف، أو الذين هم في الشتات أو الصحراويين الوحدويين.

بين أقصاف جبهة البوليساريو والنزوح نحو السلم والشرعية وعدالة القضية والتنمية تتلخص قضية الصحراء المغربية وما بلغه مسارها. هذا المسار الذي بلغ من التطور ما يفيد أن الحل النهائي وشيك جدا. فبعد قرابة نصف قرن من الاستنزاف والقلق بدأت تظهر بوادر الحل الشامل للقضية. وفي كل الأحوال فالمسيرة مربوحة على حد قول الفنان فتح الله لمغاري في أغنية نداء الحسن، ولم يبق هناك سوى تحدي التنمية وخدمة الإنسان المغربي. أما الوحدة الترابية وسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية فتلك مسألة حسمت منذ سنة 1975.