أحداث ميديا آرت

لحظة تأمل: يوم انقطع عنا الاتصال وتقطعت بنا السبل...!

من صميم الأحداث. الأحداث المغربية - عدد الأربعاء الأربعاء 06 أكتوبر 2021
FA_f3CGVUAUtb3g
FA_f3CGVUAUtb3g

AHDATH.INFO

فجأة، تذكرنا أن قدرنا ليس أن نبقى رهائن بين يدي هذا الهاتف العجيب المتمادي في ذكائه حد إرسالنا جميعا إلى الغباء.

فجأة وجدنا أنفسنا ونحن ندير الرأس يمنة ويسرة، بحثا عمن نتحدث إليه بعد أن كنا نطأطئ الرأس باستمرار ونبحلق ونحملق بالعينين معا فيما يحمله الهاتف إلينا من أخبار

انقطع الواتساب عن الناس يوم الإثنين، وانقطع الفيسبوك والميسنجر التابع له، وانقطع الإنستغرام، وشرع القوم في اكتشاف الحياة. الحقيقية لا الافتراضية. الواقعية لا التخييلية.

تحدث غير ما شخص إلى أصدقائه حديثا فعليا لا حديث التواصل الاجتماعي الكاذب. التفت غير واحد منا إلى عائلته لكي يدقق جيدا في الملامح وفي المعالم، ولكي يرى ماوراء الدهشة التي علت الوجوه المستغربة/ المستنكرة/ الغاضبة من انقطاع وسائل التواصل عن العمل تواصلا من نوع آخر، حقيقي هاته المرة مع الأقربين إليه.

كانت مجرد مقولة تكتب في الحكم التي يتداولها الناس فيما بينهم: (الهواتف الذكية عوضت آلات التصوير القديمة، وعوضت المذياع، وعوضت مسجلات الاستماع إلى الموسيقى وعوضت التلفزيون، وعوضت الحاسوب، لاتدعوها تعوض عائلاتكم ).

يوم الإثنين الماضي فهمنا حكمة هاته المقولة، ونحن نرى عودة الناس إلى واقعها، تبحث فيه عن شيئ ما تفعله، هي التي تعودت أن تمضي اليوم كله على إيقاع التدوين والتدوين المضاد دون أن تشعر أنها تهدر عمرا بأكمله في كتابة وقراءة مالايستطيع العيش إلا بعض هنيهات ويمضي…

حين انتهاء الأزمة ليلا عاد الناس إلى « الواتساب » لكي يرسلوا لبعضهم البعض رسالة التهنئة بعودة المياه إلى مجاريها.

رسائل شبيهة بالرسائل النمطية المتشابهة التي نرسلها لبعضنا البعض في المناسبات، محزنة كانت أم مفرحة، والتي فقدت معانيها طالما ألا أحد يكتبها بشكل شخصي إلا فيما ندر، بل نستنسخها عن بعضنا البعض ونقوم بإرسالها ونكتفي…

لم نعد نكلف أنفسنا عناء التحول إلى مكان ما لتقديم التهاني أو التعازي. أصبحنا نهنئ ونعزي عبر الفيسبوك والواتساب والإنستغرام.

لم نعد متحمسين لرؤية صغار عائلاتنا وهم يكبرون.

نكتفي بمقارنة الوجه القادم عبر البروفايل مع وجه السنة الماضية، ونقول كالمستغربين « لقد كبر فلان، فلانة أصبحت شابة » قبل أن نضيف « تبارك الله »على سبيل مداراة حرج هروبنا الجماعي الكبير هذا من كل الواجبات…

يوم الإثننين الماضي، وخلال تلك الساعات السبع التي دامها انقطاع الواتساب والفيسبوك والإنستغرام تحدث كثيرون مع الكثيرون، ولو لطرح السؤال عما يقع في مواقع التواصل الاجتماعي، ولماذا هي معطلة؟

حتى هاته المحادثة السخيفة تظل أفضل بكثير من عدم الحديث إلى بعضنا البعض بشكل مباشر واكتفائنا بإرسال كل « الميساجات » عبر هاته الهواتف الذكية التي تؤكد لنا يوما بعد الآخر كل الغباء الذي أصبحنا مقتنعين بأنه قدرنا، وأننا لا يمكن أن نستغني عنه…

ترانا نستفيد من تلك الساعات السبع الخاصة من نوعها؟

ذلك هو السؤال.