مجتمع

"المكتوب"...لماذا أزعج؟

المختار لغزيوي - الأحداث المغربية الخميس 21 أبريل 2022
4203925E-3E8C-48D9-9C1A-18CECF0A3066
4203925E-3E8C-48D9-9C1A-18CECF0A3066

AHDATH.INFO

أزعج مسلسل مغربي يعرضه التلفزيون المغربي خلال شهر رمضان الفضيل الحالي المتطرفين.

فجأة نسي القوم كل شيء في الدنيا والدين وانتبهوا إلى أن أخطر مايهدد الأمة وثوابتها هو مسلسل تخيبلي عابر تبثه قناة بنسب مشاهدة غير كبيرة.

تجاهل هؤلاء الأسعار التي يكتوي بلهيبها الفقراء، وتناسوا كل الأمور الكبرى التي تشغل بال الشعب حقا، وتفتقت عبقريتهم عن الانتباه إلى أن فيصل العرايشي (مسكين) مدير القناة الثانية الأكبر قبل سليم الشيخ باعتباره مدير القنوات التلفزيونية المغربية كلها يستهدف أخلاق المغاربة بتقديم مسلسل يتناول حياة مغنية شعبية أي "شيخة".

لماذا؟

ما الذي أثار حنق المتطرفين إلى هذا الحد وجعلهم ينسون كل شيء ويتذكرون فقط دنيا بوطازوت ودور الشيخة الذي تلعبه بإتقان كبير في هذا الشهر على الأولى؟

الجواب هو: نجاح دنيا بالوصول بهذا الدور إلى الناس.

أعترف أنني لم أكن أشاهد المسلسل في البداية، ولم تكن لدي نية المشاهدة هاته، إلى أن قالت لي سيدة متقدمة في السن من العائلة في إفطار أسري " تبارك الله على بوطازوت، هي راس السوق هاد العام فالتلفزيون، نساتنا فالسي الطيب (بطل بنات العساس العام الفارط)".

مثل هاته الآراء الشعبية التي لايكترث بها علماؤنا في صحافتنا تشكل لي مقياسا ثابتا في متابعة الأعمال التلفزيونية أو الفنية إجمالا، منذ كنا نشتغل في ملحق التلفزيون في هاته الجريدة.

لذلك انتبهت للمسلسل منذ تلك اللحظة. وجدت فيه ما سيثير غيظ المتطرفين فيما بعد: إعادة الاعتبار لصورة الفنانة الشعبية، البسيطة، الخارجة من رحم مجتمعها، التي لايكفي فقط أن نسبها أو أن نعتبرها ساقطة لكي نتوهم أنها غير موجودة أصلا.

نعم، لدينا في مجتمعنا شيخات كثيرات احترفن الغناء الشعبي، وولدن رجالا ونساءا تميزوا في مجالات متعددة لاحصر لها.

نعم ليست كل الشيخات عاهرات ولا ساقطات. نعم هن فنانات يقدمن تراثا مغربيا أصيلا يحيا في دواخلنا، ويحرك "السواكن" في 99% من أبناء هذا الشعب.

نعم، نحضرهم إلى حفلاتنا نحن المغاربة العاديون، تماما مثلما نحضر "الطلبة" وحفظة القرآن في نفس الحفلات. نرقص ونغني معهن بعد أن نتبرك بالآيات البينات من الذكر الحكيم، وبعد أن نتضرع إلى المولى عز وجل بصادق الدعاء، ولانجد أي تناقض في كل هذا لأننا قوم دين ودنيا، عكس المتطرفين تماما.

لعل هذا التذكير هو ما أزعج المغالين من دنيًا في تألقها وهي تؤدي دور حليمة في "المكتوب".

لعل تذكيرهم بأننا قوم دين وقوم دنيا هو مايغيظهم ويدفعهم إلى كل هاته المغالاة المرة بعد الأخرى.

المشكل أنهم سيواصلون الغلو في الدين فذلك ديدنهم وتلك عادتهم.

والجميل مقابل هاته المشكلة هو أننا سنواصل عيش ديننا ودنيانا بالطريقة المغربية التي ورثناها عن أجداد الأجداد، الذين علمونا أن الإسلام دين تيسير لاتعسير، قبل زمن اليوتوب والشو عبر الأنترنيت بزمن طويل.