أمنا الأرض

لتجاوز تداعيات التغير المناخي .. المغرب مدعو لإحداث تغييرات جذرية في نمط إعداد السياسات العمومية

سكينة بنزين الثلاثاء 02 أغسطس 2022
الجفاف
الجفاف

AHDATH.INFO

رغم التقارير التي عكفت على دق ناقوس الخطر خلال السنوات الأخيرة، للتعريف بالتداعيات المعقدة للتغير المناخي في العالم، كواحد من أكبر التحديات التي تواجه الإنسانية، يبقى التجاوب مع التوصيات التي تعرف بطرق التخفيف من حدة المشكل بطيئا جدا.

تقرير بنك المغرب لسنة 2021، سلط الضوء على التأثيرات المحتملة للتغير المناخي على المملكة، وذلك على غرار باقي دول العالم التي تواجه مستقبلا مناخيا قاتما، تزداد حدته نتيجة الحسابات الجيوسياسية المعقدة التي تجعل من المناخ أولوية مؤجلة، كما تجعل من الأهداف المرتبطة بالحد من الاحترار المناخي في 1.5 درجة مئوية، مجرد أهداف محط شكوك بالمقارنة بالمرحلة ما قبل الصناعة.

وفي رقم صادم للأجيال القادمة، أشارت دراسة لجامعة ستانفورد سنة 2015، أن الخسارات المتراكمة والناجمة عن التغير المناخ على الصعيد العالمي، تقدر بنسبة تتراوح ما بين 10 في المائة و 50 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي للفرد في أفق 2100،  ونظرا لموقعه الجغرافي، نبه تقرير البنك المركزي إلى كون المغرب معرض بشدة لظاهرة التغيرات المناخية وما يليها من تبعات اقتصادية واجتماعية هامة، بعد أن سجل توجها نحو الارتفاع في درجات الحرارة بواقع 0.21 درجة مئوية كل عشر سنوات، وذلك مابين سنتي  1970 و 2020، مقابل تراجع منحى التساقطات المطرية بنسبة 4.2 في المائة كل عشر سنوات.

في ظل هذه الظروف يتزايد العجز المائي بطريقة مقلقة، تزامنا مع الضغط الديمغرافي والحاجيات المتنامية للقطاعات الاقتصادية، خاصة الفلاحة التي تستحوذ على 88 في المائة من الاستهلاك الوطني للماء، وحسب البنك الدولي، يعد المغرب من ضمن الدول الأقل وفرة للموارد المائية للفرد الواحد مع قدرة مائية محدودة في 645 متر مكعب للفرد في السنة، وفق تقارير 2015، بعد أن كانت الموارد المائية المتاحة بالمغرب تتيح للفرد سنة 1960 حوالي 3500 متر مكعب في السنة، ومن المنتظر أن تتراجع هذه الأرقام خلال السنوات القادمة لتصل إلى عتبة الندرة الشديدة للمياه، ما يتطلب تغييرات جذرية في نمط إعداد السياسات العمومية.

وعلى الرغم من كون المغرب يزخر بإمكانيات مهمة من حيث الموارد المائية غير التقليدية، كتحلية مياه البحر، وفق ما جاء في التقرير السنوي لبنك المغرب، إلا أن القدرات الانتاجية لهذه الأخيرة تبقى ضعيفة بسبب تكلفتها المرتفعة، ولمواجهة هذه الوضعية الصعبة، تؤكد التوصيات الصادرة عن الخبراء على ضرورة اعتماد مقاربة شاملة وصارمة لتعزيز الوعي بالاعتبارات المناخية في أي قرار يؤخذ في المجال العام أو الخاص، وذلك بالموازاة مع رفع استثمارات المغرب في البنيات التحتية المائية القادرة على التكيف، ليتمكن من تقليص خسارات الناتج الداخلي الإجمالي بحوالي 60 في المائة، والتخفيف من الصدمات على الدين العمومي.