آراء وأعمدة

تقرير "سيتيزين لاب" حول بيغاسوس.. إقصاء المشككين والمنتقدين!

طه بلحاج الاحد 21 أغسطس 2022
PEGASUS 1
PEGASUS 1

AHDATH.INFO

تحول تقرير "سيتيزين لاب" حول برمجية بيغاسوس إلى "كتاب مقدس"، التشكيك في معطياته أصبح بمثابة كفر يلزم صاحبه عقوبة شديدة.

وهذا بالفعل ما وقع لباحث أمريكي نشر تقريرا مفصلا تضمن حقائق خطيرة تكذب مضمون تقرير سيتيزين لاب، فوجد نفسه في اليوم الموالي مطرودا من الجامعة بالولايات المتحدة الأمريكية.

العقاب لم يتوقف عند هذا الحد بل تجاوز استهداف الباحث الأمريكي ليطال كل من شاركه أفكاره حول مزاعم "سيتيزن لاب" ومنظمة "أمنيستي" وعبر عن تضامنه معه مثل ما حدث للصحافية الأمريكية إيرينا تسوكرمان.

تفاصيل هذه القضية بدأت عندما نشر جوناثان سكوت تقريرا فضح بالدلائل والحجج العلمية افتراءات "سيتيزن لاب"، وخلق جدلا واسعا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، رافقه توجيه اتهامات بالابتزاز وخدمة أجندات سياسية للمختبر المعروف دوليا ولمجموعة من المنظمات والشخصيات الحقوقية.

الرد على مقال الباحث الأمريكي لم يتأخر كثيرا إذ مباشرة بعد نشره المقال قامت جامعة "نورث سنترال" في ولاية "أريزونا"، على توقيفه، و فصله عن سلك الدكتوراه، بدعوى انتهاكه لميثاق السلوك الخاص بوحدة البحث التي كان ينتمي إليها.

غير أن الكثير من المتابعين ربطوا هذا الإجراء المجحف بالتقرير الذي نشره وبسط فيه بالتفصيل معطيات مشككة لما كشف عنه سابقا مختبر "سيتزن لاب" بشأن التجسس على الانفصاليين الكتالونيين عبر برمجية "بيغاسو" الذي طورته شركة “NSO” الإسرائيلية. وذلك ما أكده موقع "Vilaweb" الكتالوني، يوم أمس السبت 20 غشت الجاري في مقال له يبين أن عزل الباحث الأمريكي جوناثان سكوت من جامعة "نورث سنترال" بسبب نشره لتقرير كذّب فيه ادعاءات مختبر "سيتيزن لاب".

الباحث الأمريكي اعتبر ما تعرض له نتاج ل"ثقافة الإقصاء في أبهى تجلياتها". وأكد تعليقا على طردمن الجامعة في تغريدة على تويتر أن "أصحاب النفوذ والمؤثرين التكنولوجيين على "تويتر"، ربطوا الاتصال بمسؤولين في جامعتي لتحريضهم على طردي بسبب تقرير كنت قد نشرته حول بيغاسوس".

وأصر جوناثان على مواصلة فضح أكاذيب مختبر سيتيزن لاب قائلا : "لقد رفضت قبول أكاذيب مجتمع أمن تكنولوجيا المعلومات والأكاذيب التي يواصل "سيتيزن لاب" نشرها، موضحا: "سأستمر في التحقيق والاستمرار في تفكيك تقارير المنظمات الاحتيالية مثل سيتيزن لاب".

في الحقيقة لم يكن الباحث الأمريكي الوحيد الذي توصل إلى الوسائل الاحتيالية التي يستعملها المختبر المذكور لبلوغ نتائجه المزعومة، ذلك أن ربط معلومات معينة ببعضها بشكل غير منطقي لفرض نتيجة غير دقيقة فضح تقرير برمجية بيغاسوس الذي لا يقوم على منهج علمي.

هذا ما أكده الباحث الأمريكي عندما قال بأنه في البداية وثق في تقارير مختبر "سيتيزن لاب" و هو ما تسبب له في مشاكل مع الشركة المصنعة لبرمجية "بيغاسوس"، غير أن أبحاثه ودراساته أكدت له على أن كل ما جاء في تلك التقارير لم يكن سوى كذب و افتراء، و هو ما دفعه لنشر جميع النتائج التي توصل اليها، تنويرا للرأي العام ودفاعا عن الحقيقة التي يرفض البعض ان يعرفها الناس، كما وعد بأنه لن يتوقف عن فضح من يضلل الناس لغايات خبيثة.

وينضاف تقرير جوناثان إلى ماسبق للعديد من النشطاء أن عبروا عنه بخصوص تقارير "أمنيستي" والمنظمات الحقوقية التي دعمت تقرير "سيتيزن لاب" والذي تفتقد للمصداقية وبلغت حدة الانتقادات إلى حد وصف الساهرين على هاتين المؤسستين بالانتهازيين والاستغلاليين والمبتزين، خاصة بعد الجدل الذي صاحب التسريبات الأخيرة التي أكدت تعامل "NSO" الاسرائيلية مع 22 زبونا داخل الاتحاد الاوروريي وما أحدثه سابقا "سيتيزن لاب" من ضجة غداة اتهامه لعدد من الدول بالتجسس على هواتف شخصيات سياسية باستعمال برمجية "بيغاسوس".

ولم يكن الباحث الأمريكي المذكور وحيدا في محنته بسبب انتقاده "التقرير المقدس" بل تجرعت الصحافية الأمريكية إيرينا تسوكرمان من نفس الكأس، حيث عانت هي الأخرى مؤخرا حيفا شديدا بعد إغلاق حسابها في تويتر بسبب انتقاداتها لمختبر "سيتيزن لاب".

بجرأة ناذرة انتقدت هذه الصحافية ما تعرض له الباحث جوناثان سكوت وعبرت بحدة عن تضامنها قائلة: "تخيل أن الأشخاص الذين أوكلت إليهم أمنك الإلكتروني وخصوصيتك أصبحوا مجموعة مهووسة وفاسدة وجشعة ومتعصبة. مع هذا السلوك الفاضح والقاسي والخبيث، فإنهم يشوهون سمعة بقية المهنيين".

واعتبرت الصحافية الأمريكية أن ما تعرض له جوناثان مثال على الرشوة والفساد الذي يتورط فيه من مِن المفروض أنهم يسهرون على أمننا السيبرياني، وهم بفعلتهم هاته يجهزون على ماتبقى من مهنية ومصداقية.