الكتاب

كولوار السياسة

أسامة خيي الاحد 20 سبتمبر 2015
كولوار السياسة
Elections Maroc 2015 (20)

AHDATH.INFO خاص

هل لازال بامكاننا أن نستمر في قراءتنا للمشهد السياسي المغربي على ضوء ما أفرزته صناديق الإقتراع في الإنتخابات الجماعية و الجهوية الأخيرة؟ فبعد أن برز من خلال هذه الإنتخابات حزبان قويان هما العدالة و التنمية و الأصالة و المعاصرة سيقودان التقاطبات المقبلة، حيث يبرز تيار محافظ في مقابل تيار حداثي، بعدما كانت التصورات القديمة تسير في اتجاه قطب يميني محافظ و قطب يساري حداثي.

غير أن واقع الحال أن الأحزاب التاريخية التي كانت ستقود هذين القطبين فقدت بريقها و دخل بعضها غرفة الإنعاش، أما ما تبقى من اليسار فبالكاد يضع رجله في الخريطة السياسية أو لا يعدو أن يكون جزءا من التحالفات المقبلة.

بعد هذه المعطيات الجديدة، انطلقت التحالفات داخل مجالس الجماعات و مجالس الجهات بمنطق انتخابي و ليس بمنطق سياسي، و هذا مفهوم في هذا النوع من الإنتخابات بالضبط. غير أن الغير مفهوم هو أن يطلع علينا السيد الأمين العام لحزب الإستقلال بقرار جديد هو خروجه من المعارضة و دخوله إلى موقع المساندة النقدية للحكومة. قرار مفاجئ بكل المقاييس، غدا معه الحزب كمن يتنقل بحسب أهواء رئيسه في " كولوار السياسة"، بعدما سبق للسيد الأمين العام لحزب اللإستقلال أن أعلن عن استعداده للإستقالة إذا لم يحصل حزبه على المرتبة الأولى في الإنتخابات الجماعية و الجهوية، و ها هو يستقيل بالفعل من ممارسة مهمة المعارضة. هل من السهل البحث عن منطق سياسي في وسط هذه الضوضاء؟ و هل من منطلق سياسي لهكذا تموقعات؟!

في ديمقراطية عتيدة كنموذج الولايات المتحدة الأمريكية، الناس يصوتون في كل مرة للحزب الذي يقترح البرنامج الذي يرونه الأنجع بالنسبة لإنتظاراتهم و لا يظلون وفيين في تصويتهم للإطار السياسي. عندنا لازالت البرامج فضفاضة – إن وجدت- و الأحزاب نفسها ليست وفية لتوجهاتها السياسية.

ما يقع الآن في المشهد السياسي المغربي هو تطور صحي في حميع الحالات، و لا يمكننا أن نتبنى رأي السلبيين الذين يرون أن تغيير المواقع و التحالفات التي قد تبدو عشوائية بلا منطق، مبرر لرأي تلك الأغلبية التي لا تصوت و أنه لم يكن بإمكانها أن تمنح ثقتها لناس لا يسيرون على نفس النهج و لا يفون بكلمتهم. الوضع صحي من حيث أن الأوهام و الإيديولوجيات الواهية إنزاحت في مقابل برغماتية قد تبدو عمياء، لكننا لا نطلب منها إلا خدمة مصلحة المواطن بدل الأنانية المطلقة لزعماء مزعومين لا يرون إلا ذواتهم و منطقها الخاص.

لازال تمرين السياسة صعبا و هو بالكاد يبدأ في بلد على المواطن أن يبدل فيه مجهودا مضاعفا ليفهم أبجديات اللعبة السياسية. لكن على السياسيين بدورهم أن يفهموا أنه لا يمكن استثناء المواطن في معادلة السياسة. و المواطنون الذين صوتوا على أحزابكم –على قلتهم- يحملونكم مسؤولية فهم توجهاتكم على الأقل.

ترى بعض التحليلات أن المواطنين في البوادي لازالوا يصوتون بمنطق التقرب من دوائر النفوذ و" المخزن". و في المقابل ترى نفس التحليلات أن المواطنين في المدن صوتوا على مرشحين لامسوا فيهم قربهم من الله و استبعدوا من هذا المنطلق أن يخون هؤلاء المرشحون الأمانة الملقاة على عاتقهم. في المستقبل علينا أن نصوت كمواطنين فقط على مرشحين لديهم علاقة جميلة مع الوطن و يسعون إلى التقرب منه أكثر و خدمته أكثر فأكثر. هذا الذي يلزمنا الآن. الإنتصار للوطن و المواطنة.

أيوب العياسي