الكتاب

فضيحة المتلاعبين بالانتخابات!

طه بلحاج الاحد 18 أكتوبر 2015
فضيحة المتلاعبين بالانتخابات!
benkirane chambre representants1

AHDATH.INFO - خاص

وأخيرا قررت الدولة أن تتعامل بصرامة مع المتلاعبين بالعملية الديموقراطية، بإعلانها عن قرارات لضبط جماعة من الذين التجؤوا إلى الأموال لشراء بعض المقاعد في مجلس المستشارين، بمناسبة الاقتراع غير المباشر الذي جرى يوم الجمعة الثاني من هذا الشهر.

وحكاية البيع والشراء في انتخابات الغرفة الثانية حكاية قديمة، حتى أن البعض كان قد أطلق على مجلس المستشارين تسمية مجلس المشترين نظرا لما ظل يواكب الانتخابات غير المباشرة من استعمال واسع النطاق للمبالغ المالية، التي يشتري بها المرشحون أصوات من يسمونهم بالناخبين الكبار

ولقد ظلت السلطات العمومية مع توالي الاستحقاقات الانتخابية، تتجاهل عملية البيع والشراء مما سهل على بعض الأشخاص عملية المحافظة على العضوية الأبدية في الغرفة الثانية، اعتمادا على ما لهؤلاء الأشخاص من ثروات مالية، بدلا من الاعتماد

على المصداقية وعلى ثقة الناخبين والمؤهلات السياسية للمرشحين.

ولاحاجة إلى القول، بأن هذه الفئة من البرلمانيين لا قدرة لهم على تقديم قيمة مضافة إلى التجارب الديموقراطية المتوالية، لأن الأمر في غالب الأحوال يتعلق بأشخاص، يعتبرون كل تجربة ديموقراطية ما هي إلا مجال من مجالات الاستثمار المالي بهدف الحصول على الجاه والنفوذ في الأقاليم، وحتى على الصعيد الوطني.

والحمد لله على أن الدولة قررت هذه المرة أن تتحرك ضد من يلجؤون إلى عملية البيع والشراء، للحصول على مقاعد بمجلس المستشارين في إحدى النشرات التلفزية تم التعرف على قائمة طويلة من المتلاعبين بالانتخابات غير المباشرة، ومنهم من اشتروا مقعدهم وآخرون ساعدوهم أو توسطوا لهم في هذه الممارسة المخلة بالقيم الديموقراطية والحياة البرلمانية السليمة.

يتعلق الأمر بعشرة من الأعضاء القدامى والجدد، يتوزعون على حزب الاستقلال بالدرجة الأولى وبعده العدالة والتنمية، فحزب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار ومن بين المتلاعبين تعرف الرأي العام على نجلي حميد شباط.

ولا حاجة إلى القول بأن السلطات العمومية قد عرفت كيف تستعمل الوسائل الكفيلة بضبط هذه التلاعبات، قبل نشر قائمة المتلاعبين ومن المؤكد أن أول إجراء يقتضي منع الأعضاء العشرة من الاستمرار في عضوية المجلس، وبعد ذلك هناك احتمال إنزال عقوبات أخرى كتقديمهم إلى المحاكمة، على اعتبار مسؤولياتهم في إفساد التجربة الديموقراطية والعمل على تشويه سمعة الهيئات المنتخبة.

والمؤمل أن تستمر الدولة في تعاملها الصارم مع كل من يعمل على إفساد الحياة الديموقراطية، حتى يتمكن المغاربة من الوصول إلى مخرج من مستنقع التعثرات التي تعوق الممارسة الديموقراطية السليمة ببلادنا.

والمؤمل كذلك أن تكون محاكمة المتهمين بالفساد السياسي، فرصة للكشف عن الأساليب التي اعتاد المفسدون اللجوء إليها في حساباتهم التي تؤدي في النهاية إلى إفراغ كل تجربة ديموقراطية من مضامينها، الرامية إلى الانتقال بمجتمعنا إلى مستوى متقدم من الرقي الاجتماعي والنماء الاقتصادي والتطور السياسي.

 

عبد اللطيف جبرو