الكتاب

جرعات التطمين

أسامة خيي الثلاثاء 10 نوفمبر 2015
جرعات التطمين
benkirane

AHDATH.INFO – خاص

السيد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران يحكي النكت داخل قبة البرلمان و خلال اجتماعاته الحزبية بصفته رئيسا لحزب العدالة و التنمية. و هل هو مؤشر انفتاح و اعتراف بالواقع الذي يسعى الحزب إلى خضوعه بأي شكل للإيديولوجيا و المعتقدات التي يدافع عنها ، أن يقول " الزعيم السياسي" مخاطبا أفراد حزبه: " المرا تاتكايس الصاحبة اللي تاسوا غالية!" ؟ و في مناسبة أخرى داخل البرلمان حكى رئيس الحكومة نكتة حامضة ،على حد تعبيره،  مفادها أن الرجال طالبوا أن يكتب على قسم الأمومة بالمستشفى قسم الأمومة و الأبوة، معلقين أنهم معنيين أو مساهمين بشكل من الأشكال. استعمل رئيس الحكومة في نكتته مفردات و عبارات بالفرنسية، سعينا إلى ترجمتها بشكل تقريبي "تعميما للفائدة".

 و لعل ما نستفيده من نكت السيد رئيس الحكومة و خطابه أنه يستعمل احالات "جنسية" و اعترافا بعلاقات توجد داخل المجتمع خارج مؤسسة الزواج، و هو ما كان يرفض الإخوان في الحزب مشاهدته في فيلم أو الإطلاع عليه في رواية.

تعديل الخطاب هو نوع من الماركوتينغ السياسي المدروس لدى حزب المصباح و رئيسه. يسعون إلى تذكيرنا مع قرب كل محطة انتخابية أنهم في نهاية المطاف مغاربة مثل باقي المغاربة يمارسون السياسة داخل هئا البلد.

ينتهي خطاب الدعوة اذن أو يتوارى لما فيه خير لمصلحة الحزب. لكن هذه السنة الباقية في عمر الحكومة تعرف تحديات حقيقية قد لا تكفي النكث و خطاب التطمين لحلها. مجموعة من القوانين ينتظر عرضها على البرلمان الذي يجب ان يعد و يصادق خلال السنة الباقية في ولايته التشريعية على مجموعة من القوانين التنظيمية تفعيلا للدستور الجديد. تدابيرهامة يجب اتخادها في وقت تعيش فيه الحكومة على ايقاع خلاف جديد بين رئيسها و وزير السياحة الذي تفاجأ رئيس الحكومة بكونه الآمر بالصرف في صندوق دعم العالم القروي الذي تخصص له عشرات الملايير. هكذا مررت الأوراق من على طاولة الحكومة دون أن ينتبه رئيسها لما "دس" في وسطها بعناية.

ليست المرة الأولى التي ينساق فيها المواطنون المغاربة وراء خطاب محاربة الفساد. و ليست المرة الأولى التي يعلقون فيها آمالهم على حزب "بدون سوابق" و على رئيس حكومة يقود تجربة جديدة. لكن المغاربة يريدون الملموس الذي قد يترائى في الصناديق الإجتماعية و تجاوز عجز الميزانية في عز الأزمة. لكن الضرائب لازالت تثقل كاهل دافعيها و فواتير الخدمات الأساسية ترتفع .

 و جودة هذه الخدمات لازالت قاب قوسين أو أذنى من الانحطاط. على رئيس الحكومة ان يعلم أنه يتمتع باحترام كبير من خصومه قبل مناصريه، لكونه أول رئيس حكومة في ظل الدستور الجديد قادته صناديق الاقتراع للممارسة السلطة في ظل تطورات ديموقراطية ايجايبة، و لا يحتاج للنكت الحامضة لكي يدعونا إلى الإنسجام مع تصوراته. قليلا من العمل يكفي لإقناعنا، أما التعايش بين الإيديولوجيات و الأفكار،  فداخل الجسم الحكومي نفسه خير دليل على ذلك. الزمن زمن العمل الميداني و البراغماتي، فلقد استهلك المواطنون ما يكفي من جرعات التطمين.

أيوب العياسي