الكتاب

لاعبين العشرة

أسامة خيي الخميس 28 يناير 2016
لاعبين العشرة
Hatim

AHDATH.INFO خاص

نحن جيل "لاعبين العشرة"، التطور التكنولوجي سهل علينا الوصول إلى المعلومات فكدنا نخال أننا نفقه في كل شيء. و بعيدا عن الثقافة الموسوعية بمفهومها الحقيقي العميق، أغلبية جيلنا لها ثقافة لا تعدو أن تكون ثقافة فهرست أو ما نسمية بثقافة ويكيبيديا: قليل من المعلومات عن كل شيء، لكن في غالب الأحيان معلومات سطحية و غير مدققة. و مع ذلك نخال أن النضال بدأ معنا، و كأننا لا نعلم أن ضريبة النضال كانت غالية جدا بالنسبة لآبائنا و أجدادنا، الذين كانوا يتعرضون للمضايقة لمجرد أنهم يقرؤون الجريدة. أما الآن فلكل مواطن جريدته و حائطه الخاص ينشر فيه بنات أفكاره و الغسيل المتسخ للمسؤولين. و من هنا صار الكل مناضلا دون الإنتماء بالضرورة لحزب أو خلية، لكن فقط خلف الحاسوب. هذا هو جيل "لاعبين العشرة" ، الجيل "الفهاماتور"، جيل البودكاستات و كتاب الرأي على الفايسبوك. لكنه جيل التأتأة و المزج بين اللغات في جملة واحدة و الإبداع الذي يقاس بسرعة اللاياكات بدل أن يقاس بالصدى الذي يعبر المدى و الأسماء التي تحفر على الصخر بثقل ما تقدمه للمجتمع و ما تقترحه على العالم. و لقد شاهدتم كيف طلع علينا فنان "غير طبيعي" (عن جد، بلغة إخواننا اللبنانيين) و هو يخبرنا عن فتحه المبين و عن الإشهاد العجيب الذي قدمه له أحد فطاحلة الرياضة دليلا على رشاقة أغنيته المصورة، حيث وضع الرياضي العالمي كرستيانو رونالدو أصبع لايك على فيديو كليب الأغنية الجديدة للفنان، الذي يبدو فيه يصنع الكفتة في محل جزارة.

إنها فأرة الحاسوب من تحدد أسهم المبدعين و عدد معجبيهم! و هكذا جاء الفنان الموهوب إلى نشرة الأخبار بالقناة الثانية، صانعة نجوميته، ليخبرنا عن الإنسان الذي عض الكلب و عن اللايك الذي لدغ حسابه على الأنستاغرام. وسط كل هذه اللخبطة الإعلامية، نفرح قليلا على غير عادتنا بمنتوج تلفزيوني جديد إقترحته علينا قناة ميدي1 تيفي في حلقاته الأولى و هو برنامج "جينيراسيون تين" أو "جيل العشرة" الموجه أساسا للشباب و كذلك لذويهم بالطبع. برنامج جاء بتلبيس جيد و ديكور متميز للبلاطو، وهو ما عودتنا عليه قناة ميدي1 تيفي، لكنها لم تنجح دائما في مضامين برامج "التولك شو" سواء التي سبق أن اقترحتها في شهر رمضان في مواسم سابقة أو التي اقترحتها بشكل يومي مباشر كل مساء.

هذه المرة الذي يثيرنا في هذا البرنامج الجديد من تنشيط أسامة بنجلون و سناء فاضل و النورس، بمساهمة آخرين، هو أنه ناهيك عن تحدثه بلغة التكنولوجيات الحديثة من هاشطاگ و بودكاست و غيرها، فهو ذو مضمون تربوي واضح و هو ما صار يغيب عن تلفزيوننا بشكل كبير، و يتجلى هذا المضمون أساسا في فقرة المناظرة التي يتقابل فيها شابين يتحدثان عن موضوع راهن في ثلاث دقائق مقسمة على ثلاث مراحل لكل مشارك ، بهدف الإقناع بوجهة النظر التي يتبناها كل واحد، وهنا يأتي التقييم من طرف الجمهور الحاضر بأصابع اللايك، لكن بعده من طرف خبيرة في التواصل ليس من حيث من أقنعنا بوجهة نظره و لكن من حيث من كان أكثر ضبطا لخطابه على مستوى أدوات التواصل و طريقته. هنا يعترف معنا البرنامج أن جيل العشرة هو جيل التأتأة كذلك، عليه أن يصير أكثر إقناعا و بلاغة و أن الكلام أمام الجمهور و التناظر للدفاع عن الأفكار ليس بالسهولة التي نعتقدها. مع بداية بث حلقات البرنامج، نشجع فريق عمله لأننا لامسنا أنهم أدركوا أن "التولك شو" ليس مجرد حديث كحديث الأصدقاء داخل المقهى و لكنه أحاديث ترجى منها الإستفادة و التثقيف إلى جانب الترفيه، حتى لا يستقيل التلفزيون من هذا الدور الأساسي و يصير مجرد علبة فارغة من المضامين.

أيوب العياسي