تنشر صحافة الكابرانات، عبر المئات من الحسابات المزيفة، في مواقع التواصل الاجتماعي، كل أنواع الكذب الممكن تخيلها حول المغرب، فكيف ترد عليها الصحافة المغربية؟
تنشغل، وتشغل البال، محروستنا الإعلامية الوطنية، بصراعاتها المخجلة، وبوجوه التميز الكالحة فيها التي تملأ الدنيا ضجيجا فارغا فقط، ولايساوي كلامها، مصورا ومكتوبا ومسموعا، عند الناس جناح بعوضة، إلا من رحم ربك، من أهل ندرة واعية ودارسة، أفلتت بجلدها داخل ميدان الجهل و "التسنطيح" هذا، وتحاول تذكر قليل من كثير فات مما تعلمته على يد الأساتذة الكبار الأجلاء، قبل أن تصبح الصحافة حلقة ساقطة من "حلاقي" سوق شعبوي، وليس شعبي، جد منحدر.
يطرح علينا كل تحد من تحديات الوقت السؤال: هل يستطيع المغرب بصحافة، مثل هاته التي أصبحت تقول عن نفسها إنها (الإعلام البديل)، والتي تمطرق الناس يوميا بعشرات الفيديوهات غير القابلة للتصنيف، وتقنعهم بجعل مركب شديد بألا حاجة لهم بإعلام مكتوب وسمعي وبصري احترافي وحقيقي وجيد، أن يواجه أعداءنا الأقرب، أي الجزائر، ثم أعداءنا الآخرين؟
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
يأتي الجواب فاجرا في صراحته: لا، لانستطيع. (بوان.بار).
أصلا، أهل هذا الذي يسمى (الإعلام البديل) يعتقدون ألا معارك لديهم مع أعدائنا الحقيقيين، وأن معركة وجودهم المصيرية هي ضد زملائهم وزميلاتهم هنا في البلد.
ضيق أفق حقيقي، ومستوى معرفي جد بسيط، ثم حزازات شخصية وعقد إنسانية صغيرة، تحرك هذا (الإعلام البديل) وتجعله راغبا فقط في "الانتقام مما فات".
تخيلوا المشهد: لم يعد لدينا في الإعلام إياه صحافيون يوصلون أخبار الناس إلى الناس، مثلما هو تعريف الصحافة في العالم أجمع، بل أصبح لدينا فقط الراغب في الانتقام من "حبسه"، والراغب في الانتقام من فقدان موقعه، والراغب في الانتقام من خسارة راتبه، والراغب في الانتقام ممن سرقوا منه صديقته أو عشيقته، والراغب في الانتقام من زمن كان فيه "بوحدو مضوي البلاد"، وكان يتغنى بالعهد الجديد ويقول فيه الأشعار، وفجأة هرب إلى بلاد الله الواسعة، وصار يسب الجميع، وهكذا دواليك.
فيلم "غرام وانتقام" هذا لايمكن أن يكون جدارا إعلاميا حقيقيا يحمي البلد شر الهجوم من القريب ومن البعيد. وتحولنا جميعا من صحافيين عاديين، مهمتهم فقط الوصول إلى المعلومة وإيصالها لخلق الله، إلى منظرين في شؤون السياسة والمعارضة، نمارسهما من وراء حجاب، أمر في غير صالح المهنة الأصلية التي ندعي، مبطقين وغير مبطقين، ومدعمين وغير مدعومين، وحلفاء للحكومة ومعارضين، أننا نمارسها.
تستطيع أن تقول وأنت مطمئن تماما، إن أغلبية من ترونهم اليوم، وتتفرجون عليهم لاتمارس الصحافة، وأنها تنتظر فقط دورها لدخول البرلمان أو الحكومة أو بقية المناصب، أو في حالات أسوأ وأخطر وأكثر تعقيدا نفسيا، تنتظر أمورا لاتستطيع التعبير عنها، لكي تنتقم منا جميعا.
لذلك يبقى السؤال مطروحا إلى حين: هل نتوفر على صحافة تستطيع، وتريد مع الاستطاعة، خوض معارك البلد المصيرية، لا معارك "شحال شافني من واحد آلخوت"؟، وحروب "أنظر، لقد حصلت على درع جديد من اليوتوب؟".
نطرح السؤال، وننتظر الإجابة أو بعضها، مع أن "ليلة الفضيلة باينة من العصر".