طلب إلى «الجالية»..!

بقلم: المختار الغزيوي الاثنين 14 أبريل 2025
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927

وفي قلب حماسك لقضايا الآخرين، عادلها والآخر الذي يقبل بعض النقاش المشروع، لا يطلب منك الوطن إلا أن تتذكر دوما وأبدا أن «البراني عكوبتو لبلادو»، وأن الآخرين الذين تنتفض لهم ولقضاياهم بكل هذا الحماس، سيشكرونك، وسيحيونك، بل وقد يذكرك واحد منهم في تسجيل صوتي مربوطا، لا مرتبطا، بجاكرتا، لكنهم سينسونك حين قضاياهم هم، وسيعتبرونك مهما تمسحت بهم وتحمست لهم حد نسيان نفسك، مجرد أجنبي ساندهم يوما ما، في أحسن الأحوال. 

لا أحد يطلب منك التخلص من عروبتك، ولا من قوميتك، ولا من هويتك أو هوياتك. ولا أحد ينتظر منك ألا تغضب لقصف مستشفى أو قتل أطفال، أو تشريد شعب بأكمله وجد نفسه بين سندان ومطرقة لا يرحمان. 

وطبعا، هنا في المغرب، دون بقية بلدان العرب الأخرى، ستتمكن من الخروج في كل أنواع المظاهرات التي تشاء، والتي يحبها قلبك أيام الآحاد، وفي كل الجمع، وإن أردت أيضا يمكنك الخروج الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأضف إلى الكل يوم السبت أيضا... إن لم يكن لديك مشكل ما مع هذا اليوم المبارك. 

ثم تذكر دوما وباستمرار، أن بلدك هذا الذي يضمن ويقدس حرية التظاهر من أجل كل القضايا التي تتخيلها، لم يفعل هذا الأمر اليوم فقط، ولا اقتنع به مثل البقية أيام الربيع العربي الكاذب، ولا هو من محدثي الديمقراطية والحرية والتظاهر السلمي في الشوارع والتعبير عن كل الآراء بكل حرية وفق احترام القانون الساري به العمل في البلد منذ القديم. 

لا، بلدنا عتيد وتليد وقديم وعريق في الأمر والشأن، ولم يكتشفه مع من اكتشفوه حديثا. 

لذلك افعل ما بدا لك، وانصر من شئت في بلدان الله الواسعة. غن لأبي عبيدة، وقدس السنوار، وتخشع في محراب هنية والآخرين، وساند نصر الله أو بشار أو أردوغان أو بوتين أو حتى كيم اللطيف في كوريا الشمالية، وتبن قضية البوسنة والهرسك أمسا وقضايا ميانمار وفلسطين والروهينغا حاليا. ضع كوفية فلسطينية أو وشاحا عراقيا، بل ارتد الشماغ الخليجي إن أردت ولن يقول لك المغرب شيئا. 

مسألة واحدة فقط يطلبها منك الوطن، وأنت متعهد الصراخ لأجل الآخرين هنا: عندما نفرح نحن المغاربة لانتصار ما نعتبره هاما وحيويا وأساسيا ومصيريا، في قضيتنا الأولى الحقيقية، قضية وحدتنا الترابية، لا تستكثر علينا هذا الفرح، ولا تقل لنا إننا «مجموعة من العياشة والمرايقية أفرحهم خبر انتصار أكبر دول العالم لقضيتهم الأولى والوطنية والحقيقية». 

احترم حقنا في الفرح لقضايا وطننا، مثلما نحترم حقك في الحزن والبكاء، وأحيانا العويل، لقضايا الآخرين. فقط لاغير. 

تصور أين وصلنا مع «الجالية» المقيمة بيننا: طلب التعادل، بين قضية الوطن والقضايا الأجنبية الأخرى كلها، ومعه طلب الإذن والسماح والتصريح للفرح بقضايا الوطن والانتصار له ولها؟ 

حقيقة ما أقصر العمر حتى نضيعه في الحديث مع «تريتورات» النضال... لأجل الآخرين. 

ما أقصره، وما أغبى الوضع، لكنه واقع الحال، فصبرا جميلا على هذا المآل، فهو حتما، ومعه كل أنواع الغشاوة إلى زوال.