آراء وأعمدة

الحولي ديالنا أحسن من الحولي ديالكم (قصة حقيقية)

أسامة خيي الأربعاء 01 أكتوبر 2014
الحولي ديالنا أحسن من الحولي ديالكم (قصة حقيقية)
Capture d’écran 2014-10-01 à 11.12.26

AHDATH.INFO - خاص

منذ أيام حل بمنزلنا. استقدمه الوالد المسكين بعناء شديد هو وإثنان من أبناء الجيران. أدخلوه الباحة الداخلية للبيت، ورمقني أحدهم بنظرة كلها فخر أنه استطاع جر "الحولي" والصعود به كل هاته الأدراج وقال لي "الله يجعل كلشي مبارك ومسعود".

هذا الدعاء "بان لي فشكل". لم أدر إن كان يتحدث عن الحولي أم يتحدث عن رغبة سابقة وقديمة ظل يعبر عنها كلما عبرت أمامه في الحي "الله يهديك عليا آبنت جيراننا نسترو بعضياتنا". المفضوح ينسي أنه دون عمل وأن الهواية الوحيدة التي يمضي فيها أوقات فراغه هي "الفتيخ" منذ بداية الصباح وحتى إسدال الليل لخيوطه الأولى على المجال.

ماعلينا، دخل الحولى إلى الدار و"اللي عطا الله عطاه"، أصبحنا ملزمين برعايته، بإعطائه ماتيسر من العلف وبسقيه بماء كثير لئلا يموت عطشا وبمده بقليل من الفول لكي يكون شحمه كثيرا مثلما قال الوالد هداه الله وأًصلحه.

أسوأ ما في الحولي حين يدخل إلى المنزل هي رائحة روثه.

لا مشكل لدي مع رائحة الروث، لكنني لا أستطيع العيش معها.

أفضل أن تكون بعيدة عني، هناك في مكان ما في الزريبة أو في الحظيرة أو في مكان إلقاء الروث وبقية الفضلات.

العيش مع حولي، رفقة روثه رفقة التبن رفقة العلف رفقة الماء المتسخ ورفقة السمفونية التي يقترحها كل مساء حين يقرر أن يبدأ "البعبعة" أمر يبدو لي غير قابل للتحمل كثيرا.

"ماشي مشكل" أقول مع نفسي. الأهل يتحولون خلال هاته الأيام إلى لحظات "العروبية" الجميلة التي يشتاقون لها قبل أن يهاجروا في ستينيات القرن إلى المدينة وقبل أن يحولوا أسماءهم من ولد فلان إلى بن فلان مع اللثغة المدنية الضرورية.

هاجرنا من القرية لكنها لم تهاجر من عقولنا، لذلك لا استغراب أن يبدو لك يوم العيد بالتحديد شباب يحملون مختلف أنواع الأسلحة البيضاء ويلعبون بها. هم لا يدركون أن الصور التي التقطوها في غمرة الحماس والفرح بالذبح ستصبح فيما بعد مرافقة لكل المقالات الصحفية المنشورة في البلد عن التشرميل بالكاراميل.

في النهاية منطق الحولي يسري علينا جميعا في الشارع العام،وفي صحافتنا ولدى طبقتنا المخملية أيضا.

يروقني مشهدهم وهم يشدون الرحال إلى الفنادق الفخمة الأيام الثلاثة التي يدومها العيد، لكنهم وبمجرد الاستقرار في "الأوطيل سانك إيطوال" يسألون خادم الغرفة "كتديرو بولفا نهار العيد؟"

مادمت تريد بولفاف نهار العيد لماذا هاجرت إلى الفندق ياهذا؟

من أجل تفادي أوساخ الدوارة وما إليه من أحشاء ومصارين البهيمة.

البهيمة. تروقني الكلمة كثيرا وتبدو لي معبرة عن عديد الأشياء.

في منزلنا هاته الأيام بهيمة.

نعطيها أكلا كثيرا وماءا باردا وغير قليل من الفول من أجل أن تسمن في هاته الساعات الأخيرة قبل الذبح ونجد فيها شحما نلفه حول الكبد ونأكله وننام.

العيد الكبير سنة مؤكدة، وهي لدى المغاربة شيء أكثر من الفرض، لذلك يهرب الكل إلى القرض، ولذلك الكل يسألك هاته الأيام الإعانة ويقول لك "عاوني نشري الحولي الله يستر عليك".

الحولي. لا أدري لماذا تعجبني هاته الكلمة كثيرا.

الحولي . سأظل أرددها إلى أن تمر الحمى ويستعيد القوم علاقتهم بالطبيعة بشكل آخر مباشرة بعد انتهاء آخر عظم من آخر ترقوة من آخر كاحل من هاته البهيمة المسكينة المسماة الحولي.

كل عام وأنتم قادرون على إدخال العلف إلى منازلكم، دون أدنى إشكال.

عيد مبارك سعيد

زاوية تقترفها : سليمة العلوي