الكتاب

حميد زيد يكتب: كرامات الجماعة وفن البلوكاج.. يا ليت 20 فبراير تعود!

أسامة خيي الاحد 19 فبراير 2017
FEV (6)
FEV (6)

AHDATH.INFO  خاص - بقلم حميد زيد

 

يا ليت 20 فبراير تعود!

هبوا يا شباب المغرب. لنخرج صباح هذا الأحد. قم يا نجيب شوقي. تعالي يا وداد ملحاف. انهضوا من نومكم يا ثوار. واستيقظوا لنملأ الشوارع بالهتاف يا نشطاء. ونخلد الذكرى المجيدة.
 لقد اشتقت إليكم وإلى تلك الأيام الجميلة. إيه يا زمن.

كانت الدولة مشغولة بكم وخائفة من حراككم. وكنتم أنتم مشغولين بالنهوض باكرا كل أحد، بعضكم من أجل التغيير. والذين يستيقظون من النوم متأخرين كانوا يسعون ربحا للوقت إلى الإطاحة بالنظام. وكنت أنا أتسلى وأراقبكم. أضع رجلا مع الدولة ورجلا معكم. 
كانت فعلا أياما جميلة.

وكنت غالبا ألتقي بكم يا ثوار في الليل ونناقش الحلول الممكنة. وأطلب منكم أن تتنازلوا قليلا عن مطالبكم وترحموا النظام قليلا. وأن تكتفوا مؤقتا بالملكية البرلمانية. وأعرض عليكم وساطتي. بينما كنتم تريدونها كاملة. وثورة حتى النصر.

 

 

لقد مر وقت طويل. كم سنة. قولوا لي كم سنة. وكم من فبراير. ومنكم من هاجر. ومنكم من طبع مع السلطة. ومنكم من وظفته. ومنكم من مازال قابضا على الجمر. 
أما الآن. فقد زالت كثير من الحزازات والشكوك. وطوينا الصفحة. فلماذا لا ننزل هذا الأحد ونحتفل جميعا بذكرى الحركة المجيدة. أنتم وأنا. والدولة في الجهة المقابلة. ولا شك أنكم تشعرون بنفس الملل الذي أشعر به. فلا جديد في السياسة. والمغرب صار مضجرا ولا إثارة في البرلمان ولا احتجاجات في الشوارع.

تعالوا. تعالوا أيها الثوار. إنها فرصة لصلة الرحم. ولنسقط البلوكاج الغاشم. وبعد أن نتخلص منه. سيسهل علينا حينها إسقاط النظام. موعدنا إذن يوم الأحد. والدعوة مفتوحة لكل المؤسسين. فتعالوا بكثافة لنحارب الملل والقرف والروتين. تعال يا أسامة الخليفي. تعالوا يا منفيي الحركة. تعالوا نلعب لعبة 20، ولنجرب من جديد الحراك المغربي.





أبدا لا يمكن القبض على جماعة العدل والإحسان !

أتحدى الدولة أن تضيق على جماعة العدل والإحسان، وواهم من يعتقد أنه بمقدور بعض القطاعات الحكومية إعفاء أطر ورثة سر المرشد عبد السلام ياسين من مسؤولياتهم الإدارية.
كما لو أن المخزن لم يستفد من تجارب الماضي، حين كان الشيخ عبد السلام ياسين رهن الإقامة الجبرية، وكانت العدل والإحسان محاصرة، فكان الراحل يخترق الجدران، ويلتقي بالرسول، ويحلق في السماء، ويسافر إلى الحج، بينما المخابرات المغربية وكل أجهزتها السرية والعلنية في دار غفلون، ولا علم لها بالمكان الذي ذهب إليه.
وكان إدريس البصري والملك الراحل الحسن الثاني، يعتقدان أن عبد السلام ياسين محبوس في فيلته، بينما هو حر طليق، يتجول ويرشد أتباعه، ويقترب من سدرة المنتهى، ويعود إلى غرفته، حين يشاء ذلك، لينام فيها.

ولا أظن أن الجماعة في حاجة إلى من يدافع عنها، وعبثا يفعل الحقوقيون والصحفيون ذلك، أما في ما يخص أطرها الذين تم إعفاؤهم من مهامهم، فإنهم سيعودون إليها لو رغبوا في ذلك، وقد يتقمصون صور مسؤولين من أحزاب أخرى، كما أنهم ليسوا في حاجة إلى عمل أصلا، بينما يعتقد المخزن لسذاجته أنه تخلص منهم وأعفاهم وضيق عليهم.
ولعلمكم، فالجماعة حاضرة في المجلس الحكومي، وفي رؤوس الوزراء، وفي كل واحد منا، بينما لا أحد يراها، وتعرف عنا كل شيء، وكلما أعفى المخزن الجبان  إطارا من أطرها، تنبت لها أطر أخرى، أقوى وأشد ومسؤولياتها أكبر.

والجماعة لمن لا يعرفها هي كالماء، لا يمكن القبض عليها، بينما تصدق أيها الأبله أنها محتاجة إلى تضامنك ودعمك. إنها خارقة ومكتفية بذاتها، وعندما تشعر بالخطر تتبخر، وتختفي، وتتحول إلى دخان، كما فعلت أيام حراك 20 فبراير، حين كانت تملأ الشوارع والساحات، وتهدر كالبحر الهائج، وفجأة، ودون سابق إنذار، صارت بخارا، وظل حزب النهج يبحث عنها دون جدوى، وكلما خرج اليسار للاحتجاج وجد نفسه وحيدا وقليلا ونادرا، تلاحقه قوات الأمن.

وقد تستغربون أن كل من تسأله الصحافة يقول إنه لا علم له بالقرار ولا من اتخذه، وابن كيران لا يعلم، والذين اتخذوه لا يعلمون من اتخذه، في كرامة أخرى من كرامات الجماعة، كما أن ما أكتبه الآن ليس أنا من كتبه، بل جاءني في المنام، ونقلته إليكم حرفيا، وقد وقف علي الشيخ وقال لي: مغفلة هي الدولة وهي تعفي أطري التي ربيتها، لأنها ستنبت في قطاعات أخرى وستعيش في أبدان ليست لها، وقال لي لا تفشي السر، ولا تنقله ولا تنشره في «الأحداث المغربية»، لكن إخلاصي للدولة، جعلني أقص رؤياي عليكم، متحملا تبعات قراري، والعقاب الذي ينتظرني من الجماعة، كأن أتبخر يوما ما، وأتحول مثلهم إلى دخان، فيبحث عني القراء ولا يعثرون علي.






فن إدامة البلوكاج إلى ما لا نهاية!

البلوكاج فن، وتقنيات تدبيره وإدامته لا يتوفر عليها إلا قلة من الناس في المغرب، وأكثرهم موهبة وإبداعا في هذا المجال هو امحند لعنصر.
فبعد أكثر من أربعة أشهر من الانتظار، وفي تصريح تاريخي، أخبرنا لعنصر أنه اشتاق إلى ابن كيران وزاره في بيته ليشرب معه كأس شاي، دون أن يتطرقا، ولو بشكل عابر، لموضوع تشكيل الحكومة.
كما لو أن نيته مبيتة في أن يشرب علبتي الشاي الجيد اللتين جاء بهما رئيس الحكومة من موريتانيا كهدية، ويفرغهما بالكامل، والأكيد أن شاي ابن كيران لذيذ، وإلا لما كانوا يزورونه في كل مرة، ويتطرقون إلى كل المواضيع ويناقشون كل القضايا، إلا ما يتعلق الحكومة وأزمتها.
يزورونه ويجلسون في صالونه ويشربون شايه ومكسراته وحلوياته، ويصنع لهم رزة في الكؤوس، رافعا البراد إلى السقف، وبعد ذلك ينصرفون، تاركينه في حيرة من أمره، جاهلا ما يخططون له.
ولو استمر الوضع على هذه الحال، فإنه يجب أن تخصص الدولة دعما لبنكيران، لشراء علب الشاي الممتاز، التي يأتي عزيز أخنوش وامحند لعنصر لاستهلاكها، ناهيك عن كعب الغزال، ثم ينصرفان دون أن يتحدثا معه عن البلوكاج وعن مخرج ممكن للأزمة.

فمن بمقدوره أن يصرح بمثل هذا التصريح التحفة، وأي زعيم سياسي يتوفر على برودة الدم هذه، ففي الوقت الذي ينتظر المغاربة حلا، يذهب لعنصر لبيت ابن كيران لمجرد رغبته في شرب كأس شاي منعنع، ولاشتياقه لرئيس الحكومة الذي لم يره منذ مدة طويلة.

لقد أصبح هذا النوع من السياسيين نادرا في المغرب المعاصر، وليس لنا خلف يعوضهم، فلا تشعر بتوترهم، ولا بقلقهم، ويستمر البلوكاج لقرن ولا يتأثر لعنصر، ويحدث زلزال، ولا تعرف ما هو موقفه الحقيقي من الزلزال، وينتبه ابن كيران إلى لعبته، ويمنع عنه الشاي، وقبل أن يفكر رئيس الحكومة في خطته، يفاجئه زعيم الحركة الشعبية، ويطلب فنجان قهوة، فما أبدعه من زعيم، لا يدخل في حروب، ويختفي، ثم يظهر من جديد، وحين يضطر مرغما إلى إبداء رأي في هذا المغرب السياسي المتشنج، يكتفي بالحديث عن الشاي وعن الشوق وعن علاقته المتميزة برئيس الحكومة، وحين الحاجة إليه يكون جاهزا وفي الموعد، وحين يقولون له اذهب يذهب، مرتشفا خلال مساره الطويل الشاي مع كل الأطياف.