ثقافة وفن

الدكتور سالم الكتبي يكتب.. زيارة مهمة للشيخ محمد بن زايد إلى باكستان

أحداث أنفو الأربعاء 09 يناير 2019
Capture d’écran 2019-01-09 à 08.49.33
Capture d’écran 2019-01-09 à 08.49.33

 

AHDATH.INFO

 

بقلم/د. سالم الكتبي

يدرك المراقبون والمتخصصون قوة ومتانة روابط العلاقات التي تجمع بين دولة الامارات وجمهورية باكستان الإسلامية، كما يدرك الجميع أيضاً تنامي مستوى التعاون الاستراتيجي بين الامارات والهند.

وعندما قررت أن اكتب عن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى باكستان، اتجهت إلى جزئية اثق انها تراود شريحة ليست قليلة من المهتمين باتجاهات السياسة الخارجية الإماراتية.

فبمجرد ذكر خبر زيارة باكستان لاحظت أن البعض يتحدث عبر "السوشيال ميديا" عن نقاط تتكرر مع كل زيارة لمسؤول اماراتي إلى أياً من الهند أو باكستان، أو زيارة لمسؤول من هاتين الدولتين للامارات، حيث يعتقد البعض ممن ليسوا على المام تام بمبادئ السياسة الخارجية لدولة الامارات منذ تأسيسها، أن الزيارات تعبر عن تغير في أنماط التحالفات التقليدية، وأن هناك تغيير لدفة للتحالفات وما إلى ذلك من تحليلات ورؤى وتصورات يعود الكثير منها إلى حقبة الحرب الباردة وانهيار ماكان يعرف بالاتحاد السوفيتي السابق، وماقبل الألفية الثالثة، حيث سقطت فكرة معسكرات التحالف بشكل تام وأصبح للمصالح المشتركة بين الدول والشعوب مساحة كبيرة في العلاقات الدولية، وهي بطبيعة الحال مصالح متشابكة ومعقدة ويصعب تفكيكها وتسييرها في مسارات متوازية، فهي تتقاطع أحياناً وتلتقي أحيان أخرى.

ومن ثم فإن من الطبيعي أن تتداخل حسابات المصالح الاستراتيجية للدول، بما ينسف أي فكرة تتمحور حول وجود الهند في معسكر وباكستان في معسكر معاد! فالقوتان الاقليميتان نفسيهما باتا على تواصل وحوار يمتد أحياناً ويغيب أحياناً أخرى ولكنهما يحتفظان بخطوط مباشرة ودائمة للتواصل والتعاون والتفاهم حول مختلف القضايا الاستراتيجية.

الامارات تمتلك علاقات استراتيجية متنامية مع الهند، وقد تجلى ذلك خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الامارات في فبراير من العام الماضي، حيث عكس حجم الاستقبال والاتفاقيات الثنائية التي تم توقيعها النقلة النوعية الكبيرة التي تشهدها علاقات البلدين الصديقين.

ومثلما قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارتين مهمتين إلى الهند في فبراير 2016 ويناير 2017، حيث كان ضيف شرف الهند في احتفالات يوم الجمهورية الـ68، وما نتج عن ذلك من تغير كبير في علاقات البلدين، اللذين بلغت تجارتهما المشتركة نحو 53 مليار دولار عام 2016، فإن زيارة سموه أيضاً إلى باكستان هي زيارة بالغة الأهمية لدولة تمتلك علاقات تاريخية قوية مع الامارات، ومن ثم فقد أعرب سمو ولي عهد أبوظبي في مستهل زيارته عن تقديره واهتمامه وحرصه على تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الصديقين.

باكستان تعيش مرحلة تاريخية جديدة بتولي عمران خان رئاسة الوزراء، بحكم ما يمتلك من طموحات تنمية كبيرة تستدعي تعزيز العلاقات مع الدول ذات العلاقات المتميزة مع بلاده، ومن ثم فإن المراقب يلحظ أن هناك تركيز على تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية خلال السنوات المقبلة، كما اعلنت دولة الامارات بالإعلان عن وديعة بقيمة ثلاثة مليارات دولار في المصرف المركزي الباكستاني دعما للاقتصاد الباكستاني، وتأكيداً على التزام ووقوف دولة الإمارات الدائم منذ عهد الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" بجانب الشعب الباكستاني.

الحقيقة أن الامارات قوة تنموية صاعدة ومؤثرة عالمياً، وتفكر بطريقة تستهدف تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وتولي اهتماماً بالغاً لدعم جهود تحقيق التنمية والأمن والسلم من خلال مبادراتها البناءة الهادفة إلى تحقيق الاستقرار والازدهار لجميع شعوب العالم بجانب دعواتها المستمرة لتعزيز قيم التسامح والحوار والتعايش والتعاون في مواجهة مختلف التحديات الإقليمية والدولي كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

كان من الواضح من تأكيدات عمران خان خلال المحادثات مع سمو ولي عهد أبوظبي أن بلاده تكن تقديراً خاصاً لدولة الامارات، وللقائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان يولي اهتماماً خاصاً للعلاقات مع باكستان، لذا فإن له، طيب الله ثراه، مكانة خاصة في قلب كل باكستاني ويبقى في الذاكرة ولا يمكن نسيانه، وأن الشواهد عديدة وكثيرة على ما قدمه المغفور له إلى باكستان من دعم على كافة المستويات كما قال رئيس الوزراء الباكستاني.

الامارات قوة امن واستقرار وسلام، ورسالتها إلى العالم أجمع قائمة على التسامح والتعايش والعطاء ونشر الخير، وتتحرك تجاه كل دول العالم، وفق مبادئ وثوابت راسخة، مدعومة بقوة أخلاقية معنوية هائلة، لذا فهي تكتسب احترام وتقدير دول العالم أجمع، ومن ثم فإن الخيارات الصفرية القائمة على، إما هذا الطرف أو ذاك، لا مجال لها ضمن الخيارات الاستراتيجية دولة تنظر إلى الدول بمنظور قائم على تنمية المصالح المشتركة والعمل من أجل خير وازدهار الشعوب وسعادتها وضمان الازدهار للأجيال المقبلة.