ثقافة وفن

نوفل البعمري يكتب عن.. الجزائر إلى أين؟

مجيد حشادي الاثنين 25 فبراير 2019
Capture
Capture

AHDATH.INFO

بقلم: نوفل البعمري

 

 

هل يهمنا المستقبل السياسي للجزائر؟

طبعا المغرب يهمه مستقبل الجزائر سياسيا و أمنيا و مؤسساتيا ليس من باب التدخل في شؤونها لكن من باب الاخوة الموجودة بين الشعبين و مصيريهما المشترك، و من باب اي أي انفجار دموي كالذي عاشته في العشرية السوداء قد يصيب المغرب ببعض تبعاته.

إنه جزء من قدر بلدينا، أن يتجاور المغرب مع بلد قيادته السياسية و العسكرية رافضة القيام بأي انتقال سياسي سلمي للسلطة، و الاستجابة لمطالب الشعب الجزائري الإجتماعية في تحقيق الرخاء و إعادة توزيع الخيرات عليه بدل إنفاقها على التسليح و على نزاعات اقليمية لا علاقة للشعب الجزائري بها كالنزاع المفتعل حول الصحراء الذي صرفت عليه الجزائر منذ بدايته إلى الآن اكثر من 900 مليار دولار.

و سياسيا في رغبته الانهاء مع تحكم العسكرفي الحياة السياسية و الحزبية من خلال حزب الدولة ”الأفلان”، و قمع كل معارضة سياسية، فمسيرات اليوم التي انفجرت في الشارع الجزائري و يقودها جيل جديد من الشباب مفصول تماما عن مرحلة الثمانينات و التسعينات، الذي خرج في مظاهرات عفوية فاجئت النظام الجزائري قد أعلنت هذه الجموع ليس عن رفضها فقط للعهدة الخامسة لبوتفليقة لان الجميع متيقن أن وضعه الصحي لا يسمح له بالتعبير عن موافقته او رفضه الترشح.

بل عن رفض للتوافقات التي سبقت هذا الترشيح من أجل اقتسام السلطة و الثروة بين الأجنحة المتصارعة على الحكم، حيث انتهت إلى صيغة بقاء بوتفليقة في الواجهة مع الاستمرار في نفس اللعبة، لعبة اقتسام ”الكعكة” بين المجموعات العسكرية المتحلقة حول الجنرال القايد صالح و المجموعات المختبئة وراء سعيد بوتفليقة.

رفض الشارع الجزائري لإعادة تنصيب بوتفليقة رئيسا على الجزائر هو رفض لهذه التوافقات التي اهتدي إليها الأطراف المتطاحنة على حساب مصالح الشعب الجزائري الذي يعيش حالة تدهور كبير في وضعيته الاجتماعية إلى جانب حالة الاختناق السياسي الذي دخلت فيه الجزائر حيث تم تهميش جل الأصوات المعارضة و إلى قمه و منع الباقي منها.

مسيرات اليوم التي لم تدعي اية حركة انها وراءها لطابعها العفوي هي إعلان عن فشل نموذج الدولة التي بنيت بعد الانقلاب على بن بلة، مؤسسها بومدين الذي بنى الدولة على عقيدتين الأولى الولاء له و للعسكر من وراءه الثانية وجود عدو خارجي هو المغرب، الجزائريين اليوم انتفضوا على هذا النموذج و أعلنوا عن فشله و نهايته لانه لم يحقق اي رخاء اجتماعي او اقتصادي له.

و لم يستطع بناء دولة جزائرية قوية بل كل ما انتهت اليه في النهاية هي دولة منخورة داخليا متهالكة،آيلة السقوط و الانهيار في حال عدم الاستجابة لمطالب الشعب الجزائري الراغب في الانعتاق و التحرر و الاستفادة من الخيرات الكبيرة التي يتوفى عليها و لم تحقق سوى الاعتناء الفئة المتحكمة في القرار السياسي، و لم يستفد منها سوى العسكر المسيطر و المتحكم في مداخيل اغلب شركات الغاز و النفط و العقار المتواجدة في الجزائر،مثلها مثل فنزويلا و جل البلدان الشمولية.

الوضع في الجزائر مقلق و محرج، و نحن نتابع ما يحدث هناك و التهديدات التي أطلقها قيادة الأفلان في ”حفل تقديم ترشيح” بوتفليقة بالعشرية السوداء التي عاشها الجزائر، لن نكون سعداء أمام اي انهيار الدولة الجزائرية، و لا مهللين بأي انفجار اجتماعي و سياسي رغم ما تسبب فيه هذا النظام من آلام للمغرب عند أخلاقه و رعايته للمشروع الانفصال على الأراضي الجزائرية، و للمغاربة خاصة منهم من قام بطردهم من الجزائر ذات صباح بارد دون سابق إنذار، طبعا لن نكون سعداء بأي اصطدام في الجارة لانه في نهاية المطاف من سيدفع الثمن هو الشعب الجزائري وحده من سيكون ضحيته،مع ما يحمل ذلك من تهديدات للمنطقة خاصة و نحن لدينا سابقة في ليبيا القذافي الذي استعمل مليشيات البوليساربو ضد الشعب الليبي و ساهموا في تقتيله،بالمقابل ما نطمح اليه هو أن تتحرر الجزائر و تعيش خطوة جريئة نحو انتقال سياسي و سلمي، ديموقراطي على السلطة يعيد الأمل الجزائريين و يقضي على اية محاولة لإدخاله في الفوضى، و يؤدي إلى بناء جزائر قوية بالديموقراطية، حيث يعود العسكر و الجنرالات الثكنات و يودعون الحياة السياسية و تتحرر المؤسسات الجزائرية من قبضتهم القوية.

على أنه يمكن الجزم في النهاية أن أي تغيير و انتقال ديموقراطي في الجزائر سينعكس بالإيجاب على الوضع في المنطقة،خاصة على مستوى بناء الاتحاد المغاربي لأن اي نظام ديموقراطي سيكون واع ان اي تقدم لن يتحقق الا بالكامل الاقتصادي، و سيكون مقدمة لإنهاء نزاع الصحراء لان اي نظام وطني سيعي الا معنى في الاستمرار بحشر الأنف في نزاع يعطل التنمية في الجزائر أو صرف أموال الشعب الجزائري على نزاع مفتعل كل مؤشرات الأممية تؤكد عن قرب جسمه لصالح المغرب.