بوابة الصحراء

نوفل البعمري يكتب: ما بعد قرار مجلس الأمن حول الصحراء

نوفل البعمري الاثنين 06 مايو 2019
1556706978_650x400
1556706978_650x400

أصدرت الأمم المتحدة قرارها حول الصحراء الذي يحمل عدد 2468 يوم الثلاثاء 30 أبريل، و هو القرار الذي يحمل في طياته نفس العناصر التي أكد عليها قرار أكتوبر الماضي 2440 اللذين أكدا معا على ضرورة التوصل لحل سياسي،واقعي متوافق بشأنه، و على مركزية دور دول الجوار على رأسها الجزائر التي و بلاشك وضعيتها السياسية المفتوحة على المجهول قد تؤثر سلبا في الملف خاصة على مستوى التقدم في العملية السياسية، إذ أن النظام الحالي الذي التف على مطالب الشعب يعتبر نزاع الصحراء جوهريا و ورقة داخلية يستعملها في تجاذباته الداخلية و صراع أجنحته حول السلطة،وهو ما سيؤدي حتما إلى

دفع البوليساريو للتشبث بفكرة استفتاء تقرير المصير لعرقلة أي تقدم في النقاش الذي سيجري في جولة جنيف 3 من جولات المائدة المستديرة التي أعلنت عن انطلاقتها الأمم المتحدة.

و إذا كان القرار في محمله يدعم التصور السياسي للمغرب باعتبار أن الطرح المغربي للحل يستجيب للمعايير التي وضعتها الأمم المتحدة على رأسها ما سمته بالبحث عن حل واقعي، بروح و دينامية جديدة، و هي المفاتيح التي تشكل المدخل للحل السياسي،الديموقراطي لهذا النزاع، و على عكس ما روجت له وكالة الأنباء الجزائرية قبيل استصدار القرار إلى أن هناك توجه أمريكي و أممي للبحث عن آلية اممية لمراقبة حقوق الإنسان بالاقاليم الصحراوية،فالقرار لم يأتي على ذكر أي مقترح بهذا الشأن و بإستثناء موقف جنوب أفريقيا المعادي للمغرب لأسباب اقتصادية اكثر منها سياسية بفعل تحول المغرب لقوة اقتصادية إفريقية صاعدة تزاحمها في الأسواق الأفريقية خاصة بعد العودة القوية للمغرب، فجل الدول التي صوتت بالإيجاب على القرار و حتى روسيا التي امتنعت عن التصويت لم تناقش هذا المقترح و لم تقدمه لإيمانها العميق بالدور الذي تقوم به المؤسسات الوطنية في حماية حقوق الإنسان بالصحراء و اشتغالها وفقا للمعايير الدولية الحمائية للحقوق و الحريات خاصة منها الأساسية.

الآن و بعد أن صدر هذا القرار، كيف يمكن التعامل و التعاطي معه و مع مختلف التحولات التي يعرفها الملف و المخيمات، هنا لابد من تحديد هذا التعاطي في ثلاث أوجه:

أولا: علاقة بالمسلسل السياسي: من المعلوم أن هناك لقاءات عبارة عن مباحثات أولية تجري بحضور مختلف الأطراف على رأسها الجزائر، و قد أكد تقرير غوتيريس كذا قرار مجلس الأمن على ضرورة انخراط الأطراف بحسن نية فيها، و إذا كان المغرب قد أبدى أكثر من مرة على تعاونه و تعاطيه الإيجابي و النوعي مع الأمم المتحدة لإحراز التقدم المأمول، فلابد من الإشارة هنا إلى كون اللقاءات التي ستجري مستقبلا يجب الإنتباه جيدا إليها حتى لا تتحول إلى مجرد مناسبة لتجديد شرعية قيادة الجبهة فقط المفتقدة داخل المخيمات،أو إلى مسلسل من الموائد المستديرة العبثية في ظل تعنت الجزائر خلفها البوليساريو و تمسكها بفكرة الاستفتاء التي تجاوزتها الأمم المتحدة و أسقطتها من حساباتها السياسية،بالتالي ستدخلنا في نفس المسار الذي دخلنا مع مفاوضات منهاست.

المغرب في هذا الاتجاه و هو يعد العدة للجولة الثالثة عليه أن يطرح مع الأمم المتحدة كل الجوانب المتعلقة بجنيف3، و جدول أعمالها الذي يجب أن نتقدم فيه و أن نخرج من مناقشة العموميات إلى نقط محددة،بل يجب أن يكون المغرب هو السباق لاقتراح مناقشة ما تطرحه الجزائر و ما نطرحه نحن، أن يبادر إلى مناقشة استفتاء تقرير المصير خاصة و أنه أبدى مرونة كبيرة و انفتاح على مستوى ما ناقشه في الجولة الثانية حيث كشف وزير الخارجية المغربي عن مناقشته لتقرير المصير و هو تقدم مهم في خطاب المغرب و اقتحام الحصن الذي ظلت الجزائر تختبئ وراءه معتقدة أن ورقة تقرير المصير تحرج المغرب، في الجولة المقبلة المغرب عليه أن يقترح على الأمم المتحدة رسميا مناقشة أطروحة الجزائر و أطروحة المغرب وفقا للمرجعية التي تؤطر بها الأمم المتحدة هذا المسلسل، و انسجاما مع روح فكرة تقرير المصير، هذا الأمر هو ما سيقنع الأمم المتحدة بإلزام الطرف الآخر بمناقشة الحكم الذاتي كحل سياسي ، واقعي و المجسد لتقرير المصير و المستجيب لرغبة الأمم المتحدة في الحفاظ على السلم و الأمن بالمنطقة و مواجهة الإرهاب.

ثانيا: الجزائر و معها البوليساريو أكثر ما يخيفها هو التقدم الذي قد يتم إحرازه على مستوى تبادل الزيارات من الأقاليم الصحراوية إلى المخيمات،على اعتبار انه قبل توقفها كانت مناسبة لتقرر العديد من الأسر مصيرها، و تصر على رفض العودة للمخيمات بعد مجيئها للمغرب و اطلاعها على حقيقة الوضع ميدانيا بالاقاليم الصحراوية و اكتشاف اكذوبة الجبهة التي ظلت تسوقها في الداخل، على أن المناطق الصحراوية عبارة عن ثكنات عسكرية و ان هناك ثورة بالعيون،و استنزاف لخيرات المنطقة… و عند قدومها للمغرب تكتشف زيف خطاب الجبهة و دعايته الإعلامية المبنية على تخويف ساكنة المخيمات من المغرب، و تختار البقاء و الاستقرار بإحدى المدن الصحراوية المغربية.

الأمم المتحدة سواء من خلال تقرير الامين العام للامم المتحدة أو قرار مجلس الأمن 2440 و 2468،أكدت من خلالهم على ضرورة انطلاق عمليات تبادل الزيارات الأسرية، المغرب عليه أن يدفع و يطرح في جنيف 3 و قبلها جل النقط المساعدة على انطلاق هذه العملية، لأنها ستحقق أهم شيء و هو دفع ساكنة المخيمات إلى زيارة وطنهم الأم و الاطلاع على حقيقة الوضع، و ستكون البوليساريو سواء قررت تلك الأسر البقاء هنا أو العودة هي الأسرة لأنها في جميع الحالات سيكتشف هؤلاء زيف الدعاية الإعلامية و البروبغندا التي ظلت تسوقها داخل المخيمات طيلة عقود من الزمن.

ثالثا: الوضع الحقوقي بالمخيمات و ما صاحبه من احتجاجات قوية أسقطت جدار الخوف السميك الذي بناه عسكر الجزائر و مليشيات الجبهة،و أكدت على أن الجيل الجديد من شباب المخيمات أصبح قادر على تحدي الخوف و تحدي القمع، و أصبح رافض للوضع الحالي الذي فرضته الجزائر و الجبهة عليه، حيث أن هذه الأجيال وجدت نفسها في ظل وضع إنساني واجتماعي مأساوي، تحولت لمجرد رقم تتسول بهم قيادة الجبهة في الخارج، و إلى ورقة سياسية تلعب بها الجزائر في معركتها ضد المغرب.

المغرب عليه أن يعبئ مختلف آلياته و إمكانياته الدبلوماسية الرسمية و الشعبية،و الحقوقية للترافع القوي و للدفاع عن ساكنة المخيمات من منطلقات انسانية اولا،ثم من منطلق كون هؤلاء يعتبرهم المغرب مغاربة لسبب او لآخر وجدوا أنفسهم هناك رهائن ملف لا يراد له الحل من طرف من تسبب في وجوده، المغرب عليه مسؤولية سياسية و أخلاقية للحديث باسم ساكنة المخيمات، و لدفع الأمم المتحدة من تمكينهم من كافة حقوقهم على رأس هذه الحقوق، الحق في التنقل و هو الحق الذي يؤطر انتفاضتهم الحالية لأنه المدخل لتحريرهم و ضمان حركتهم و حقهم في العودة للمغرب.

ما بعد القرار الحالي، هي جولة جنيف 3،التي على المغرب ان يكون واضحا مع مختلف الأطراف قبل توجهه لهناك، لأنها ليست مناسبة لخلق دعاية إعلانية مجانية للجبهة، بل اما أن تكون مناسبة للدخول في مفاوضات جدية على قاعدة الحكم الذاتي، أو أن تتوقف و يكون المغرب في حل من أي التزام أممي لا يحقق الحل خاصة و ان الأمم المتحدة اعترفت بالحكم الذاتي كحل واقعي، جدي، ذي مصداقية.