السياسة

لغزيوي يكتب: "بونغا بونغا" في بياضة...الحقيقة في مواجهة الكذب !

بقلم: المختار لغزيوي الاثنين 26 أغسطس 2019
ahdath
ahdath

AHDATH.INFO

لو كنت أعلم أن حفلات للجنس الجماعي تقام لدي في مكتبي المتواضع الكائن ببياضة بالدار البيضاء، لاستدعيت العزيز سيلفيو لكي يأتي من إيطاليا لكي يشاركني بعض اللهو والمرح، فهو الأكثر خبرة في هذا المجال، مع علمي أن الكافالييري لم يعد قادرا على امتشاق حسامه إلا بازدراد كل زرقة الكون حبات متنوعة قادرة على رفع رأس المرء ومعها رفع أعضائه الأخرى.

ولو كنت أعلم أنني في نهاية عطلتي السنوية سأجدني، دون سابق إشعار أو إنذار متهما بممارسة أفعال لايمكن تخيلها داخل مكتبي لاخترت عدم الذهاب إلى أي مكان في العطلة، والبقاء حبيس مكتبي مادام يوفر كل هذا الجو من المتعة دون أن أكون على علم بذلك، ومادامت حفلات "البونغا بونغا" أو الجنس الجماعي متوفرة فيه دون أي إشكال...

للأمانة لم أعلم بكل هذا إلا عبر رسالة واتساب سخيفة للغاية، وسمجة للغاية، وخبيثة للغاية، وزعها شخص خبيث للغاية (وهذا وصف وليس سبة)، يسمى جواد الحامدي على خلق الله أجمعين يوم الخميس الفارط، يخبرهم - ويخبرني أنا أيضا بنفس المناسبة - فيها أنه تم ضبطي متلبسا بممارسة الجنس مع زميلتين صحافيتين داخل مكتبي من خلال كاميرا، وأنه تم استدعائي للتحقيق، وأن المخابرات المغربية ضغطت على واحدة من الزميلتين لكي لا تقدم شكاية بي، وأن أشياء كثيرة أقوم بها دون علمي وداخل مكتبي كان ممكنا أن أبقى جاهلا بوقوعها لولا تطوع هذا الشخص للقيام بهاته المهمة "النبيلة" للغاية.

ورغم أن الموقف محزن ومؤلم وباعث على الغضب، إلا أنني ضبطت نفسي أبتسم وأنا أقرأ رسالة الواتساب البليدة التي أنهاها الغبي كاتبها بعبارة "صحفية من (يابلادي)" لكي يعطيها بعض المصداقية المستحيلة..

سبب ابتسامتي هو أنني بسرعة ودون شعور مني قارنت بين هاته الكذبة، وبين القضية الشهيرة الدائرة أمام القضاء المغربي والتي تعرف وجود كاميرات حقيقية، وضحايا حقيقيات، وكنبة حقيقية، وممارسات حقيقية، بل والتي تعرف حكما ابتدائيا ثقيلا صدر في انتظار الحكم الاستئنافي.

ابتسمت للصدفة الماكرة التي ستجعل العديدين يقولون "هاد ولاد مكناس مضروبين على هاد الشي ولا كيفاش؟"، وابتسمت أيضا لأنني لم أتوقع وأنا الذي دافعت عن الضحايا في القضية الشهيرة منذ البدء أن أجد نفسي ضحية خزعبلات مثل هاته لا يمكنها إطلاقا أن تكون حقيقية...

فقدت ابتسامتي وأنا أتذكر أن هذا الخبيث الذي وزع هاته الرسالة ضمنها إسم صحافيتين زميلتين ولقبيهما، وهو أمر خطير للغاية في مجتمع مثل مجتمعنا، مايعني أنه لم يراع وهو يفتري هاته الكذبة الخطيرة حتى سمعة شابتين قرر أن يضحي بها في سبيل دفاعه عن استمرار نصبه واحتياله بحكاية الأقليات والحقوق الفردية.

في اليوم الموالي، استعدت ابتسامتي التي تساعدني على مواجهة بذاءات الحياة، بل عوضتها بابتسامة أكبر وبفرح عميق بعد أن تابعت ردود الأفعال التي أعقبت هذا الاعتداء الصارخ على سمعتي وسمعة زميلتي الإثنتين، وسمعة الجريدة التي ننتسب إليها. زملاء وأصدقاء ومعارف وأناس بعضهم أعرفه جيدا، والبعض الآخر أعرفه بالإسم فقط، وجمعيات ونقابات وأحزاب وهيئات سياسية وعدد كبير من القراء العاديين، كلهم تدبروا بشكل أو بآخر رقم هاتفي الشخصي، وكلهم قالوا لي نفس العبارة "هاد الخبيث ماخصكش تدوزها ليه، خصو يتربا".

عادة، أغلبية من يعرفون هذا العبد لله، يعرفون أنه يصل حتى لحظة الحسم في حكاية رفع الدعاوى القضائية هاته على من ظلموه، ويتراجع ويقول "الله يسامح". لذلك كان إلحاحهم كبيرا : "لا تتراجع، يجب أن يكون القانون فيصلا بينكم وبينه".

طمأنت من هاتفوني أو حادثوني أنني هاته المرة لن أتراجع: سأطلب حقي وحق زميلاتي وحق المؤسسة التي أفخر بالانتساب إليها من قانون بلادي، لأن الكذبة خطيرة، ولأن حجم الخبث فيها والرغبة في الإساءة أكبر من أن يجعل أيا منا يعتبرها أمرا عابرا ويمضي...

لا مجال لأن يكون هناك أي خلط بين من ارتكب جرائم خطيرة في مكتبه ثبتت عليه بالدليل والحجة والبرهان، وبين من قرر له التفكير الخبيث الماكر أن يتم إلصاق التهم الكاذبة به.

سنذهب إلى القضاء، وسنطلب أقصى العقوبات، لأننا نؤمن بدولة الحق والقانون. وسنواصل في الوقت ذاته الدفاع عن الضحايا في القضية الشهيرة (الحقيقية) إياها، لأننا دافعنا عنهن من منطلق الإيمان بقضيتهن، لا من أي منطلق آخر. وسنواصل دفاعنا عن الحريات، ودفاعنا عن المرأة، الطرف المظلوم في هذا المجتمع المريض، وسنواصل جهرنا بما واصلنا الدفاع عنه منذ البدء: شكل مجتمعي حداثي مغربي ديمقراطي، يحترم الاختلاف ويتقبله، ويدافع عن الوطن حتى آخر رمق، ويتصدى للنصابين والصيارفة، والمحتالين ومن اغتنوا على حساب الشعب في كل المهن، ومن تاجروا بالشعارات وهم بها غير مؤمنين، وبقية الشلة التي أخرت تقدم هذا البلد الأمين، الذي يستحق أناسا يحبونه ويشتغلون لأجله، لا أولائك الذين يحلبونه، والذين يشتغلون ضده، والذين لا يقولون خيرا عن المغرب إلا إذا كانوا مستفيدين، والذين يغيرون كتف البندقية في الوهلة الأولى عندما يخسرون امتيازا تافها وصغيرا هنا، أو عندما لا يتحقق لهم هدف عابر هناك.

نعرف أنها ضريبة نؤديها لأجل حب هذا البلد لوجه هذا البلد، ونعرف أن قدرنا هو أن نتعرض لكل هذا وللمزيد، ونعرف أننا من قلب عنادنا المغربي الصميم غير مستعدين - رغم كل الضربات ورغم كل التنويع الذي يمسها-  لتغيير تفصيل صغير من التفاصيل التي رضعناها في هذا الهنا المسمى المغرب، الممتد فينا حد الانتماء كله، إلى حين الفناء.

لذلك سيتعب كثيرا من يريدون إسقاطنا. سنواصل الابتسام ونحن ننتصر عليهم دوما وأبدا مدافعين عن المغرب حالمين بحال آخر له يجعله أفضل بكثير، من الحال الذي يريده له الرديئون…