السياسة

نساء الفيزازي وحجاب صابرين وجيل الضباع

من صميم "الأحداث المغربية" عدد الإثنين ١٩ نونبر الثلاثاء 19 نوفمبر 2019
received_3138277436204890-703x405
received_3138277436204890-703x405

AHDATH.INFO

في مصر، الخبر الأكثر شيوعا وتعليقا في مواقع التواصل الاجتماعي كلها هاته الأيام ليس هو غلاء المعيشة، أو النقاش السياسي المستعر، أو شد وجذب سد النهضة مع إثيويبا ولا أي شيء من هذا القبيل…

الخبر الأكثر تعليقا الذي يتحدث عنه الصغير والكبير هو خلع الفنانة صابرين لحجابها بعد أن ارتدته لفترة من الوقت (!!!!)

في المغرب النقاش الأكثر شيوعا في مواقع التواصل الاجتماعي ليس نقاشا سياسيا ولا اقتصاديا ولا ثقافيا ولا حتى رياضيا. النقاش الأكثر إثارة لانتباه قوم الفيسبوك وتويتر هو زواج الفيزازي من شابة بورقة مصادق عليها في مقاطعة (!!!!)

النموذجان ممعا لايشكلان أي استثناء. هما اليوم القاعدة في عوالم التواصل الاجتماعي هاته التي فهمت أنها لاقبل لها بالنقاشات الجدية، ولا تمتلك أدواتها ولا تستطيع الدخول فيها، لذلك اختارت التفاهة نمط عيش، ومجال مناقشة يومية، ومكان ترصد وتلصص على حياة الناس.

طبعا سيقول القائل إن الصحافة الجادة، أو تلك التي تعتقد نفسها جادة تركت المجال فارغا، ما أتاح لهاته المواقع أن تلعب دورها وأن تملأ عقول الناس بالفارغ والتافه و « العبيط » حتى أصبح النقاش العام هو هذا بالتحديد. لكن قائل هذا القول يلوي عنق الحقيقة فعلا ولا يقول كل شيء..

الصحافة الجادة والمقروئية بصفة عامة للكتب والمجلات وبقية موارد المعرفة، لم تعد موضوعا ذا قيمة منذ تخلت المدرسة ثانيا، والأسرة أولا، عن دوريهما الأساسي في إقناع الصغار بأن العلم نور فعلا وبأن الجهل عار.

الطرفان معا: الأسرة أولا والمدرسة ثانيا تنافسا مع بعضيهما لكي يدخلا إلى ذهن النشء أن العلم والدراسة وبقية هاته الأمور هي مجرد طريقة للإثراء ولتغيير الوضع الاجتماعي، وإذا لم تصلحا لهذا الأمر فمن الواجب تغييرهما فورا بطرق أخرى للوصول إلى هذا الإثراء وتغيير الوضع الاجتماعي، بالهجرة وإن كانت سرية، ببيع النفس والجسد أحيانا أخرى، بالسرقة والاختلاس في أحايين ثالثة وبطرق غير واضحة في كثير من الأحيان

فهم الصغار والأقل صغرا أن العلم لم يعد ذلك النور الذي تحدث عنه القدامى، وأن الجهل إذا كان مصحوبا ببعض المنافع المادية فلابأس به في نهاية المطاف.

النتيجة تحدث عنها منذ زمن بعيد أستاذنا جميعا محمد جسوس وهو يحذر من جيل للضباع نرعاه ونصنعه بأيدينا، ولا نريد أن نسب أو نشتم أو نصف هاته الأجيال بأي وصف، لكننا بالفعل مرتعبون من نوعية النقاش السائد، ومن شكل الجدال الدائر ولله الأمر من قبل ومن بعد بطبيعة الحال في البداية وفي الختم ووسط كل الأشياء..