ثقافة وفن

زينب والآخرون والأخريات…عندما نصدر حمقانا إلى الخارج !

بقلم: المختار لغزيوي الجمعة 22 نوفمبر 2019
video-la-police-doit-tirer-a-balles-reelles-le-derapage-hallucinant-de-zineb-el-rhazoui
video-la-police-doit-tirer-a-balles-reelles-le-derapage-hallucinant-de-zineb-el-rhazoui

AHDATH.INFO

لم يجد المنشط التلفزيوني الشهير سيريل هنونا على قناة c8  الفرنسية يوم الخميس الماضي من كلمة يصف بها زينب الغزوي الناشطة المغربية المقيمة في فرنسا تحت حماية الشرطة الفرنسية إلا أنها "خرقاء"، "c‪'‬est une tarée"

هكذا قالها سيريل، وهكذا صادق على كلامه كل الحاضرين ف البرنامج الذين لازالوا لم يستفيقوا بعد من صدمة الدعوى التي أطلقتها الصحافية المغربية سابقا، والتي طلبت فيها من الشرطة الفرنسية أن تطلق الرصاص الحي على المتظاهرين في أحداث الشغب التي تعرفها ضواحي المدن الفرنسية

الذين استمعوا لزينب وهي تطلق هاته الدعوى عبر برنامج صباحي في "cnews" فركوا أعينهم والآذان مرارا وتكرارا، وهم لايصدقون أن تند دعوى مثل هاته عن سيدة تقول إنها هربت من المغرب لأنها اضطهدت بسبب دفاعها عن الحريات الفردية، والتي تدعي أنها ناجية من مجزرة شارلي إيبدو المريعة، علما أنها لم تكن في مقر المجلة الشهيدة لحظة قتل رساميها وفنانينها وكتابها الكبار، والتي تحيا الآن تحت حماية الشرطة الفرنسية، وتتلقى راتبا شهريا من الدولة هناك، وتقطن في شقة على حساب دافي ضرائب الجمهورية.

إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في الضواحي. كيف يمكن أن يصل الحمق بصاحبه هذه الحدود التي لاعودة منها؟ وكيف يمكن أن يصبح الرسم التجاري الذي يرتزق منه الإنسان في ديار الغربة، وإن لم تعد غربة بعد أن أصبحت زينب مواطنة فرنسية الآن تتحدث عن بلادها فرنسا، دافعا لمزيد من الدعاوى الحمقاء التي لايمكن للعقل السليم أن يتقبلها لا هنا في المغرب ولا هناك في فرنسا ولا في أي مكان في العالم؟

الجواب هو أن هاته القنوات الأجنبية التي تفتح أبوابها دائما للأصوات الخرقاء القادرة على قول أشياء "مبهرة" في رعبها هي السبب الأساس وراء هذا الأمر. ويكفي هنا أن نأخذ نموذجا بسيطا لقناة مثل "فرانس ٢٤" التي تختار ممثلي المغرب "على الفرازة" مثلما يقال وتعطيهم دوما فرصة التنظير للبلد ولأحوال البلد وهم بعيدون عنه، أو هاربون منه، أو يحتفظون تجاهه بمشاعر لا تقترب من الود كثيرا.

القناة هاته، وغيرها كثير من المؤسسات التي يفترض فيها أن تكون قدوة  لنا - نحن مساكين العالم الثالث - في احترام أخلاقيات المهنة، وبسط الرأي والرأي الآخر، هي أول من يخرق كل هاته الشعارات حين لا تساير هواها وحين تكون راغبة في تقديم وجهة نظر أحادية إلى مشاهديها مبنية على موقف سياسي مسبق لا تغيره كل الحوارات وكل الاختلافات…

المشكلة التي تقع فيها هاته القنوات فيما بعد هي أنها تصنع من العدم كائنات مثل زينب الغزوي وغيرها تتمادى في الإبهار المرعب إلى أن تصل إلى تصريحات مثل تصريح إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في الضواحي.

متظاهرون أغلبيتهم يتحدرون من بلدان مغاربية مثل البلد الذي تتحدر منه زينب أو من القارة الإفريقية التي تحسب عليها السيدة ذاتها، لكن عقدة التقرب للسيد الغربي تذهب بعيدا ببعض بني الجلدة حد تجاوز السيد الغربي نفسه، وإبهاره ودفعه إلى قول ماقاله سيريل هانونا والمشاركون معه في برنامج الخميس : إنها خرقاء، وهذه دعوة مباشرة للقتل وكفى.

نفهم هاته الحاجة إلى الاطلاع على أصوات قادمة من بلداننا هناك، ونفهم أن يقبل البعض على نفسه لعب دور "le beur du service" الذي يهاجم النظام ويهاجم الدين ويهاجم الأخلاق، ويصل في امتداداته حين يصدق نفسه ويتصور أن كلمته أصبحت مسموعة يشرع في مهاجمة أسس النظام الجمهوري ذاته الذي يسمح له بالكلام. لكننا نفهم بالمقابل أن داخل الإعلام الفرنسي، في قنواته وجرائده وإذاعاته أناسا عقلاء سيضعون ذات يوم عنهم هذا التصور العنصري جانبا، وسيحاولون الإنصات إلى عقلائنا عوض الاكتفاء بفسح المجال لحمقانا لكي يعيثوا فسادا في الأرض وفي الفضاء وفي الأنترنيت وفي كل مجالات الحديث المتاحة أمام الجميع اليوم…

ربما تلك هي الحسنة الوحيدة للنداء الأخرق الذي أطلقته زينب: أن يتحسس مسؤولو الإعلام في فرنسا رؤوسهم، وأن يطرحوا السؤال جديا هاته المرة على بعضهم البعض: لمن نفتح بلاتوهاتنا والقنوات أيها السادة؟ وهل يليق بنا أن نستورد من المغرب ومن غيره من البلدان المشابهة الحمقى فقط؟

في انتظار العثور على جواب ما، رحم الله من استشهدوا حقا في مجزرة شارلي إيبدو الرهيبة، ولاسامح الله من يستفيد من كل ذلك الدم الذي سال شقة وراتبا شهريا وحماية بوليسية، وفتح مجال لقول كل الحماقات...