السياسة

طلحة جبريل يكتب: عبدالإله التهاني

بقلم: طلحة جبريل الجمعة 03 يناير 2020
files-7
files-7

AHDATH.INFO

كان مساءً حزيناً .

في حدود التاسعة ليلاً غادر عبدالإله التهاني مقر وزارة الإتصال في مدينة العرفان .

كان في وداعه الطاقم الإداري الذي عمل معه سنوات. كان التهاني يتأبط بعض مقتنياتها الشخصية من بينها كتابين ، ألقى نظرة على المبنى الشاهق الذي تحول من "وزارة" إلى "قطاع" ضمن أربع قطاعات تقرر ضربة لازب دمجها، ثم إلى السيارة نحو أسرته الصغيرة في بناية لا تبعد كثيراً عن"الحي الجامعي مولاي إسماعيل" .

سبق ذلك المشهد، مشهد آخر حفل توديع داخل مباني الوزارة ، بمبادرة تطوعية من الموظفين الذي إقتطعوا تبرعات من رواتبهم ليكون حفلاً مبهجاً على الرغم من لحظات مشوبة بالحزن.

بحكم موقعه خاصة عندما كانت لديه صلاحيات بشأن منح "البطاقات الصحافية " فإن "نعم" كانت تجعله محبوباً، وعندما يقول "لا"يصبح خصماً، على الرغم من أنه كان يستند دائماً إلى القوانين، ويجتهد عندما تسمح الواقعة له بالاجتهاد. إِذَا وَعَدَ وَفَّى حَالًا وَإِذَا كَانَ يُرِيدُ الرَّفْضَ قَالَ " لنَدْرُسُ الأَمْرَ ".

كان أيضاً مسؤولاً عن "صورة المغرب" في الإعلام الداخلي والخارجي ، كما كانت له علاقة ليست عضوية أو إدارية  في مسألتين وهما "الدعم المالي للصحف" و" الجائزة الوطنية للصحافة".

الذين يعرفون التهاني عن قرب يعرفون جيداً ثلاث خصال: المثابرة، والنزاهة، والكثير من الإباء وعزة النفس.ظل غيوراً على صلاحياته وسخياً بأفكاره.، يتميز بذكاء مرهف وروح مرحة ويشيع الابتسامة والتفاؤل ويميل  إلى أجواء المرح حتى أثناء الاجتماعات. عندما يشارك في إجتماع فإنه لا يستعجل في طرح المواضيع الأساسية، وفي أغلب الاحيان لا يكون هو أول الداخلين في صلب الموضوع.

ربما  تكون نقطة ضعفه مبالغته في الحذر . كان ينأى بنفسه عن أي تصرف يمكن أن يجلب له مجرد تلميحات بأنه يبحث عن مصلحة شخصية..أعتقد كثيرون بانه سيبقى في منصب المدير العام للمكتبة الوطنية، لكنه رفض رفضاً قاطعاً أن يطلب الموقع لنفسه، لذلك أنجز مهمته وعندما طُلب منه الانتقال مجدداً إلى "مدينة العرفان" امتثل دون أي لجلجة.كل شيء له ثمن بالنسبة إليه وليس كل شيء بأي ثمن كان.

يتابع أهدافه بعناد وله القدرة على التحليل بدقة ووضوح براغماتي. يتصدى للحقائق بلا أفكار مسبقة او مواقف جامدة يتعامل في داخل توازن القوى القائمة.  يسيطر على نفسه مادياً ومعنوياً بطريقة مدهشة.

يعرف كل ملفاته معرفة تامة وبالتفصيل عن ظهر قلب. يقرأ كل شيء يكتب المذكرات الإدارية بنفسه.

هاهي السنوات تتوارى دفعة واحدة ، لكن ذلك لم يؤثر على عبد الإله التهاني في الأساسيات.

 إِنَّهُ حَقًّا عنيد .