مجتمع

ربيعة الناصري:مبدأ القوامة مازال مهيمنا ويحد من الاستقلالية الاقتصادية للنساء

فطومة نعيمي الاحد 19 يناير 2020
Capture
Capture

AHDATH.INFO  

بشيء من الحسرة، قالت الفاعلة النسائية، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ربيعة الناصري، أن ما قد يندم عليه مجموع، الذين ساهموا في بلورة مدونة الأسرة، هو التغاضي عن الدفاع عن التمكين الاقتصادي للمرأة.

 وأوضحت الناصري، التي كانت تتحدث في لقاء مخصص لتقديم نتائج التقريرالموضوعاتي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة بعنوان "الأسرة في عالم متغير"، الجمعة 17يناير 2020 بالرباط، أن مدونة الأسرة، التي تم اعتمادها في 2004 ورغم أنها شكلت ثورة حينها، إلا أنها "صانت وكرست التبعية الاقتصادية للنساء داخل الأسر بما أنها لم تعالج الأبعاد الاقتصادية في العلاقات الأسرية وفي ارتباطها بالاستقلالية المادية للمرأة".

وزادت الناصري مؤكدة أن المدونة " لم تفكك مبدأ القوامة والحال أنه المبدأ الذي تنبني عليه هيكلة الأسرة ويؤثر على قوانين أخرى ذات الصلة بالمرأة ".

وأضافت الناصري بأسف ظاهر :" صحيح أن الظرفية حينها ما كانت تسمح بالجرأة اللازمة للخوض في هذا الأمر لكن الآثار السلبية ما لبثت أن برزت مع توالي تنفيذ مقتضيات المدونة والإشكالات، التي ظلت تطرحها الوضعية الاقتصادية للمرأة داخل الأسرة".

وأضافت الناصري مشيرة إلى أن مختلف التحولات، التي عرفتها البنية الأسرية، والتعددية التي أضحت تسم الأسرة وكذا التحولات القيمية المرتبطة بمركزية الأسرة، إلا أنها التحولات، التي لم تنتج " تغيرات على مستوى الوضع الاقتصادي للمرأة ولم تحد من تحكم مبدأ القوامة وإنما أنتجت مرونة وليونة لهذا المبدأ ليس إلا"تقول الناصري.

كذلك، لفتت الناصري إلى ما وصفته ب"الازدواجية الوطنية، التي تعاني منها المرأة حيث أنها ضحية تناقضات تتحدى كافة القوانين الموضوعة لفائدتها ". وأردفت الناصري منبهة إلى أن الوضعية الاقتصادية للمرأة تشكل المؤشر الأبرز على الازدواجية والتناقض حيث يتم تسجيل تراجع مقلق للنشاط الاقتصادي للنساء وأيضا حيث يتم تسجيل انخفاض لسن أول زواج عند الفتيات بما يعكس إقبالهن على الزواج بدل استكمال تعليمهن وولوج سوق الشغل. وهو المؤشر، الذي نبهت الناصري إليه واعتبرته غير مسبوق ونادر الوقوع بعد تسجيل ارتفاع في سن الزواج .

واعتبرت الناصري أن عمل المرأة مازال يرادف في الذهنية المغربية "شرا لابد منه" مما يضع النساء كمنافسات "غير شرعيات " في سوق الشغل للرجال، الذين لهم الأولوية في المجال المهني.

وفي ما يتصل بالتقريرالأممي الموضوعاتي،الذي نشرفي يونيو 2019،وقدم بالمغرب الجمعة حصريا بمنطقة مينا تحت عنوان "تقدم المرأة في العالم 2019-2020؛الأسرفي عالم متغير"، فيسلط الضوءعلى الأسرة،مع اعتبار تنوعها. ويقدم توصيات لضمان دعم القوانين والسياسات العمومية للأسر في تنوعها والإسهام في تجويد وضعية النساء داخل الأسرة وجعلها مصدر نجاح وقوة للنساء والفتيات .

وفي هذا الصدد، أشارت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة بمنطقة المغرب العربي،ليلى الرحيوي،إلى أن "التقرير يقدم تحليلا لتطور المجتمعات وتنوع الأسر ، ويسلط الضوء على التحديات التي يجب التصدي لها"،مضيفة أن هناك  "تنوعا أسريا يستلزم تقديم إجابات خاصة تتناسب والأوضاع الحالية".

وتابعت الرحيوي " نعيش واقعا متناقضا حيث أن بعضا من الأسر التي يفترض أن تكون فضاء للسلم والتضامن والحب،صارت فضاءات لتعنيف النساء والفتيات"،موضحة أنه "يجب أن نعي ما تمثله الأسرة باعتبارها الفضاء الاجتماعي الأول في المجتمع،وأن نكيف السياسات العمومية من أجل ضمان في كنفها السلم والعدالة والكرامة والمساواة للجميع".

وفي السياق ذاته،نوهت الكاتبة الرئيسية للتقرير، وممثلة الأمم المتحدة للمرأة، لورا توركي، إلى أن إصدار هذا التقرير يركز على الأسر في عالم متغير،ويروم أن تشكىل الأسرة "مؤسسة وفضاء أساسيا  للمحبة والمودة والأمن" للنساء والفتيات. لكنها لفتت إلى أنه الفضاء، الذي أضحى يشكل "مصدر عنف ولا أمن ولا أمان للنساء".

وأضافت المسؤولة الأممية أن هيئة الأمم المتحدة للمرأة تعتبر الأسرة "فضاء للمساواة والعدل والإنصاف والاستقرار" لذلك  يقترح التقرير مجموعة من التوصيات، التي يتعين أخذها بعين الاعتبار في وضع سياسات عمومية تخص النساء .

ودعت توركي الحكومات إلى وضع سياسات عمومية تضمن حقوق النساء وكذلك تحميهن من أشكال التمييز والعنف داخل الأسر .

وأبرزت توركي توصيات التقرير،  التي قالت إنه يجب الانتباه إليها خلال صياغة القوانين، مشددة على وجوب اتباع سياسات صديقة للمرأة، وإنهاء عدم المساواة بين الزوجين، مع تأمين السلامة الجسدية والاقتصادية للنساء؛ وأكدت أيضا على وضع قوانين أسرة قائمة على عدم التمييز، والاعتراف بأشكال متنوعة من العلاقات، مع الاستثمار في الخدمات العامة.

كذلك،أكدت لورا توركي على التنوع، الذي يسم الأسر حاليا . وأوضحت الفاعلة الأممية إن نوع الأسر المرتكز على أبوين وأطفال لا يمثل سوى 38 بالمائة عبر العالم، فيما تمثل الأسر، التي تعيش مع العائلة أو أقارب آخرين نسبة 27 بالمائة، وتشكل الأسر المتكونة من الزوجين فقط نسبة 13 بالمائة، وهي نفس نسبة الأسر المكونة من شخص واحد، فضلا عن الأسر المتكونة من أم أو أب وأطفال وتبلغ نسبتها 8 بالمائة عبر العالم.

وشددت  توركي على أهمية الأخذ بعين الاعتبار هذا التنوع .وتدعو هيئة الأمم المتحدة،من خلال هذا التقرير،الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص إلى إدراك التنوع الغني للأسر،والدورالذي تضطلع به في ولوج النساء إلى الحقوق والفرص،وكذا العمل معا من أجل جعل الأسرة فضاء للمساواة والعدالة يوفر للنساءوالفتيات،والأفرادعموما،فرصة العيش الكريم وتحقيق الذات في منأى عن العنف والفقرواللامساواة.

ووفق أرقام إحصائية، يبلغ عدد الأسر بالمغرب 7.3 ملايين أسرة، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 13.9 ملايين في 2050.