ثقافة وفن

بعد اتهامه ب"تبرير الاغتصاب" وربطه بالعلاقات الرضائية .. خالد فتحي يوضح ما اعتبره"التباسا" في الفهم

سكينة بنزين الجمعة 19 يونيو 2020
IMG-20200618-WA0047
IMG-20200618-WA0047

AHDATH.INFO - حاورته سكينة بنزين

تدوينات غاضبة تتقاسم عريضة لجمع توقيعات تطالب بمنع طبيب من الظهور إعلاميا، بسبب "تبريره لاغتصاب النساء"، هكذا بدأ النقاش خلال الأسبوع الماضي على مواقع التواصل، لتطفو معه على السطح نفس المواضيع الحاضرة يوميا، والمثارة موسميا، كظاهرة الاغتصاب، والمساواة، والحريات الفردية، والعلاقات الرضائية ... وغيرها من المواضيع التي طرحت هذه المرة بجانب اسم الدكتور خالد فتحي،بروفيسور الولادة والنساء، بعد مشاركته في نقاش خلق الكثير من الجدل .

في هذا الحوار حملنا عددا من الانتقادات والتساؤلات للمعني بالأمر، لمعرفة رده حول سيل من الانتقادات التي وجهت له، بعد أن رأى عدد من موقعي العريضة، أنه ربط بين الاغتصاب وتشجيع العلاقات الرضائية، والتي أشار أنها وليدة التباس أو توجيه مقصود.

 تم خلال الايام الماضية إطلاق عريضة تتهمك بتبرير اغتصاب النساء، ما تعليقك حول الموضوع؟

بداية، ورغم أنني لست ملزما أن اوضح امرا بديهيا إلا أنني اقول: انني كطبيب وككاتب وكإنسان لا يمكنني أبدا أن ابرر الاغتصاب أو أي فعل جرمي ضد المرأة او الرجل أو الطفل أو أي كائن كيفما كان نوعه، ولو كان كائنا فضائيا..

نعم ،رأيت هذه العريضة على مواقع التواصل الإجتماعي، لكني لم افتحها، لكي لاأصدم في أسماء احترمها ،خصوصا إن كانت من النخبة، و تسرعت في الحكم علي كغيرها دون تثبث أو تروي من التدليس فأصاب بجهالتها . ولذلك اردت ان تبقى على نفس الصورة في قلبي ،خصوصا وأن هناك من يوقع دون أن يحاول التقصي، وهناك من يوقع تعصبا لجهة ما ،او لأنه يعتقد واهما أنه بهذا التوقيع يبرهن للآخرين أنه ينتمي للحداثة ، ومن يوقع فقط لأنه رأى الآخرين يوقعون ،وهم الأكثرية، ومن هؤلاء من اعتذر لي عن ذلك فعلمت آنذاك فقط انه قد وقع.

ومن يوقع أيضا لأنه رآني مخطئا وهذه أقلية لها منطلقها الايديلوجي، لكنها اخطأت الطريق والتعبير ، لأن الصواب هو مقارعة أفكار الآخر . هناك انسياق أعمى أحيانا داخل مواقع التواصل الإجتماعي. شيء ما شبيه بعقلية الجموع التي هي عقلية لاعقلانية. حيث قد تصوب النيران تجاه من يجب أن نقابلهم بالاحترام والتقدير، وولذلك لا أكترث كثيرا لمثل هذه الامور.لأن الحق حق بذاته وليس حقا بالأغلبية وتحشيد الإمضاءات ، وخصوصا لما يتعلق الأمر بالأفكار .

كان بإمكاني أن أطلق عريضة مضادة ولكن هذا مضر بالديمقراطية وحرية التعبير. لسنا في عصر داحس والغبراء حتى نسبب لبلدنا سباقا او تقاطبا حادا نحن في غنى عنه .كل شيء يحل بالحوار .وإذا ظهر أن الاغلبية هي لفائدة فكرة ما ، علينا أن نعتمدها بالتصويت الحر غير الموجه ، ولكن هل يدري هؤلاء الموقعون أنهم يزكون بهذا التوقيع تيارا يناهض هوية الأمة؟؟؟. هل نسوا أن الرأي يدحض بالرأي ؟؟؟وليس بالتجييش والامضاءات الغبية وباستغلال التكنلوجيا بعقلية القرون الوسطى .إنها للأسف حسبة جديدة على الأفكار تتهددنا،قد عانى منها فيما مضى الكثير من العلماء والمفكرين من شتى الأمم . سقراط ،غاليليو، ابن حنبل، البخاري، ابن سينا ،ابن رشد ،الحلاج،وابن خلدون ، طه حسين، نصر حامد أبو زيد. ... ومؤخرا ديدي راؤول ..الخ، بل حتى رسولنا الكريم صلعم وقعت ضده عريضة لإخراس صوته ومحاصرته ومقاطعته وأصحابه في شعب أبي طالب.

الفرق هو أن الحسبة كانت تتم سابقا بسبب فهم متطرف للدين. الآن أصبحنا نرى الحسبة كما فى حالتي تتم بسبب فهم متطرف للمدنية والعلمانية وحقوق الانسان التي يفرغها بعض المتنطعين من مدلولها التنويري الصافي الأول، بل تحولت أحيانا في عقولهم إلى حزبية ضيقة ،إلى دين وضعي ، أو إلى ريع ووسيلة لفرض الاستبداد والحجر على فكر الآخر.

وهذا مأزق خطير يتهدد النضال الحقوقي انبه له المناضلين الصادقين على هذه الجبهة، وما أكثرهم، لكي يحافظوا للنضال الحقوقي على رونقه وبهائه. وها انت ترين مثلا كيف أن مطلب العريضة هو منعي من وسائل الإعلام. وهذا غير ممكن في هذا العصر .ولا علاقة له بحقوق الإنسان والحرية الفردية التي يتبجح بها مهندسو هذه الهجمة المشبوهة ...هجمة على فكري أولا، ثم شخصي ثانيا. مما يثبث أن المجتمع المدني اذا اعتبرنا هؤلاء تجاوزا ممثلين له قد يسقط أحيانا في فخ الديكتاتورية والقمع حين لا يطهر صفوفه من الانتفاعيين و من الذين يسيؤن تحديد الأهداف النبيلةلحقوق الانسان .هذه مفارقة علينا ان ننكب على دراستها.

كيف يطلب دعاة الحرية الفردية إطلاق العنان للأعضاء التناسلية للناس خارج كل الحدود الاخلاقية والدينية والذوقية ،و يطالبون في نفس الآن بلجم لساني؟.إن هذا المطلب يعريهم ويفضحهم أمام الجميع.

وهم يفعلون ذلك من خلال الافتئات على رايي والافتراء عليه بهدف تجريمه.وهذا مس خطير بالحريات العلمية والأكاديمية.

الموضوع الذي أثار كل هذه الزوبعة الطارئة كان قد طرح لنقاش فكري بين جامعيين، وكان عليه أن يبقى في إطار ذلك. فالحوار يثمر في ظل الحرية و التناظر،و ليس في ظل الترصد وتجييش الرأي العام على رأي قيل في اطار نقاش وجدال بحثا عن الحقيقة او عن الاقتراب من الحقيقة .ما أخشاه على مغربنا الحبيب بمناسبة ما لاحظته خلال هذا التشهير المدبر، هو أن نكون متجهين نحو مجتمع افتراضي تسوده محاكم التفتيش،بحيث يأخذ المواطن الرقمي مكان القضاء،ويبدأ في إصدار أحكامه المطالبة باعتقال هذا وعزل هذا من مهنته لمجرد ادلائه رأيا نختلف فيه معه.

نحن لم نتخلص بعد من قضاء الشارع حتى سقطنا فيما هو أفظع منه: قضاء الفايسبوك و تويتر وانستغرام. وقد قررت إصدار كتاب في هذا الشأن للوقاية من هذا المنحى الخطير للعبة العرائض التي أصبحت مثل "دارت" كل يوم تستقصد شخصا، أحيانا على صواب وأحيانا كثيرة تكون عبثية مارقة عن المنطق وخصوصا عندما يمسك خيوطها من لا ضمير ولا خلاق لهم . لقد حاولوا طحني بين تيار تطرف في اغترابه وتيار تطرف في لامبالاته وسطحيته.

لكن ما تعتبرها هجمة موجهة ضدك حسب قولك، بنيت على أساس مقطع فيديو  وليس مجرد ادعاءات؟

أولا : هذا الفيديو من دقيقتين هو مجتزأ ومبتور بفعل فاعل من حوار طويل تم بثه قبل ستة أشهر .وإخراجه الآن وتقديمه هكذا مبتورا منزوعا من سياقه، ثم تأويله بهذا الشكل، وبعد ذلك ترويج هذا التأويل من خلال شبكات ومجموعات منظمة تألب علي، يدل على قمة سوء النية خصوصا وانه بث في وقت مأساة الطفلة المغتصبة إكرام لأجل استغلال حالة التعاطف الشعبي معها من خلال إيهام الرأي العام أن التصريح هو وليد هذه اللحظة لتجييشهم ضدي . وإيهامهم أنهم عندما يوقعون ضدي إنما يتضامنون مع اكرام التي كنت أول من تأثر لقصتها، هذه حيلتهم النفسية ،وكأني بهؤلاء الذين لم يفعلوا شيئا لإكرام وتركوها لمصيرها إلى أن احتج بسطاء الشعب، يريدون أن يحولوا الأنظار عن خذلانهم وتقاعسهم بالبحث عن كبش فداء معتقدين اني الحائط القصير.

ثانيا: يتعلق الأمر ببرنامج تلفزيوني سجالي يتبنى وجهات نظر متعارضة، ولذلك يكون عادة ساخنا ومتشنجا . وفي هذه الحلقة، كنت انا امثل وجهة النظر المدافعة عن قيم الأسرة والزواج، وكانت الضيفتان تمثلان وجهة النظر التي تدعو لما يسمى بالعلاقات الجنسية الرضائية.واذا كان يفهم بداهة من هذا التقابل وجها لوجه، اني أعارض العلاقة الجنسية غير الشرعية المبنية على الرضا ،فكيف والحالة هذه سأقبل وأبرر الفعل الجنسي المبني على الاكراه الذي هو الاغتصاب،من يرفض حتى الرضا كيف سيقبل الإكراه؟؟؟. الامور واضحة لمن أراد أن يفهم.

ثالثا : هذا التوجه أعطي له حق التعبير عن أفكاره في البرنامج، بل و مثل بضيفتين، اي انه قد أعطي له ثلثا وقت البرنامج رغم أن أفكاره ودعواته تناقض قيم المجتمع و تخرق الدستور المغربي الذي ينص في الفصل 32 على أن الأسرة القائمة على الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع ،وعلى ان الدولة تحميها وتحافظ عليها بمقتضى القانون . ولكن هذا الاتجاه الذي كان عليه أن يستغل هذه الفرصة ليتعايش مع القيم السائدة داخل المجتمع، ويجد له موطأ قدم بصيغة ما ،أراد بدلا من ذلك أن يصادر القيم الأصيلة للبلاد ،بل و أن يكمم الأفواه، ويمارس الديكتاتورية من خلال المطالبة بمنعي من وسائل الإعلام ،فقط لأن طرحي يلتزم بثوابث البلاد، و لايروق له .وهذا يعطي فكرة عن مشروعه الاستئصالي الجهنمي الذي لا يقبل بالاختلاف، والذي يسعى لإزالة القيم الموجودة ، وأولها قيمة الحرية التي يراها في الجنس فقط ولايراها في التعبير ، ولذلك يريد أن يغتال فكريا كل المعارضين الذين يختزل في أشخاصهم كل المعركة.

فعندما تهدم أو تغتال الفكر يسهل عليك الباقي .ان هذا ما يسمى ديكتاتورية الأقلية أو سذاجة الأغلبية ،التي تسقط في فخ أن تسود قناعاتها داخل المجتمع ، وتكون القوانين والقررات وفق قناعات الأقلية لأنها تستقوي بالخارج ،بحيث قد يصبح هدف التشريع للأسف ليس احترام الاقلية وحمايتها بل وفرض آرائها على الأغلبية .لكن المصيبة العظمى في هذه الأقلية التي تحاربني انها تروج كبديل للنموذج الأسري المغربي نموذجا آخر مائعا متفسخا منحلا يمول من الخارج لضرب النواة الصلبة للمجتمع التي هي الأسرة. القضية أكبر من مجرد منع الدكتور خالد فتحي من وسائل الإعلام بل هي الشجرة التي تخفي الغابة ،حيث يريد هذا التيار أن يوجهنا نحو الفوضى والعدمية والمسخ والتيه الحضاري عن طريق ترهيب فاشي مستعملا الأسلحة الخسيسة.

منذ بداية الجدل يلاحظ انك اخترت عدم التعليق، كما أن القناة التي عرض فيها اللقاء أصدرت بلاغا تعتذر فيه وتسحب الحلقة مثار الجدل التي عرضت منذ ستة أشهر، أليس هذا اعترافا ضمنيا بوجود خطأ ما ؟

نحن بخصوص كيد منظم وتضليل للرأي العام وسعي لإخراس الآخر. بمعنى أننا بصدد مواجهة غير شريفة تغيب التناظر والحوار والقبول بالاختلاف . فأنا احضر البرنامج دائما بصفتي مفكرا وباحثا و ليس بصفتي طبيبا أو تابعا للقناة، وأتحمل مسؤولية أفكاري لوحدي. فوضعي الأكاديمي لا يجعلني أقبل بوصاية أحد .القناة تعطي الكلمة للكل وخصوصا للأقليات، وهذه الحلقة خير مثال، وبالتالي دورها ينحصر في تيسير و إثارة النقاش لتحريك المياه الراكدة داخل المجتمع لاغير.عندما شاهد المغاربة والعالم الحلقة بأكملها، لم تثر ثائرة أحد، لأنهم اطلعوا على كامل سياق الحلقة.

الآن يتم عرض مقطع صغير من قبل هذه الجهات مع توجيه التعليق عليه ، وبالتالي تحدث كل هذه الضجة المثيرة للإشفاق والغثيان . إنه لعب صغار . أما فيما يخص القناة فهي حرة في تقدير قراراتها وتحديد استراتيجيتها .و أخيرا أنا مستعد لمناظرة كل من لا تعجبه أفكاري سواء في باحة الجامعة أو على وسائل الإعلام او في اي منبر كان؟؟. عفوا ،لقد نسيت هم يريدون ان لا أتكلم. لقد نصبوا المشانق وانتهى الأمر بالنسبة لهم .ياللعجب.

بعيدا عن الالتباس وإخراج الردود عن سياقها كما وقع وفق تعبيرك خلال التعاطي مع مداخلتك خلال الحلقة، ما موقفك بوضوح من ظاهرة التحامل على المرأة في موضوع الاغتصاب؟

إذا كنت تقصدين بالتحامل أن نعتبر المرأة سببا في اغتصابها فأنا ضد ذلك بداهة : أظن أنه يتعين أن نفرق في الاغتصاب بين أسباب مباشرة و أخرى غير مباشرة.الأولى تتعلق بواقعة الإعتداء او الإكراه على الجنس في حد ذاتها .هنا لا يمكن بداهة تحميل المسؤولية للضحية أيا كانت: سواء كانت امرأة وهي الحالة الغالبة نظرا لطبيعة الفعل الجنسي او كانت طفلا او رجلا او طفلة .وبالتالي لا يوجد عاقل يتحامل على المرأة وهي ضحية.فالاغتصاب قتل للإنسان. والعقاب ينصب على الفعل المجرم فكيف نتحامل على المراة!!!،هذا مستحيل.

ثم هناك الأسباب غير المباشرة التي تخلق البيئة الحاضنة لظهور الفعل المباشر أو حالات الاغتصاب . وهنا تتعدد العوامل وتختلف حسب السياق،هناك ،المخدرات،الكحول، المرض والاضطراب النفسي و السلوكي، ثم غياب الأسرة كلبنة للمجتمع وتآكل وظائفها مما ينتج كل هذه الأوبئة ،هذا الغياب هو الذي تطرقت له لأننا كنا بصدد الحديث عن ضمور الأسرة بسبب العزوف عن الزواج او بسبب تعويضه بالعلاقات الرضائية او العشوائية نتيجة التشبع مثلا بعقيدة حرية الجسد التي لازالت محط سجال فلسفي للان في كل العالم.

وهو السجال الذي يظهر جليا في مسألة الإجهاض . وعندما كنت اتحدث في البرنامج ،فأنا كنت أواجه ضيفتين تدعوان لحرية الجسد. و لذا ينبغي وضع كلامي في هذا السياق . ولاينبغي تغييب الضيفتين ونموذجهما حين الاستماع لكلامي وتحليله.إنه تلفزيون وصورة ومشهد وحلقة من 50دقيقة وليس نصا في كتاب ياسادة.

رأيي جاء في سياق تحليل ظاهرة العلاقات الرضائية ونتائجها البعيدة المدى التي من ضمنها زيادة معدلات الاغتصاب.ولم أدع للاغتصاب، وهل يدعو له من يحض على الزواج؟؟؟. كنت أحذر من المستقبل القاتم الذي يطل بين ثنايا حديث المتحدثتين .ومثلما نجد البحث الاجتماعي في سياق تحليله لظاهرة الفقر والبطالة يبين نتائجها الخطيرة على المجتمع المتمثلة في الانحراف والجريمة.فهل الباحث الاجتماعي في هذه الحالة الذي يربط بين الفقر والجريمة يشجع الجريمة!!!!.

هل من يرى ان التطرف والإرهاب تغذيه الأمية والتعليم المتخلف ويدعو لتجفيف ينابيع الإرهاب انطلاقا من التعليم .هل هو بذلك يبرر الارهاب؟؟؟.كلا ثم ألف كلا: الاغتصاب والإرهاب والسرقة والقتل ....كلها جرائم تحارب بما ينص عليه القانون، لكن يجب أن نعرف أسبابها وينابيعها في المجتمع لنجففها ونقضي عليها، وهذا ما جاء في المداخلة التي أثارت حفيظة دعاة عدم الحفاظ على قيم الهوية و الأسرة.: حيث تبين أن انتشار العلاقات الإباحية وتهميش الأسرة والعزوف عن الزواج ...كلها أمور وراء جزء من ظاهرة الاغتصاب. نعم هناك أسباب أخرى لأن الاغتصاب شأنه شأن الإرهاب وكل الظواهر ظاهرة مركبة .

لقد اعتبر علماء النفس ومنهم سيغموند فرويد أن المجتمع يوظف قيمه وثقافته في تربية الافراد من أجل جعلهم يتغلبون على غرائزهم الجنسية ويكبتونها حتى يتم تصريفها بشكل شرعي وقانوني يقبله المجتمع، وذكر سيغموند فرويد أنه لولا تلك القيم التي يربى عليها الأفراد، لانتشر الاغتصاب منذ القديم وانتشرت الفوضى في المجتمعات والحضارات.وهذه القيم عندما نبحث فيها في الحالة المغربية نجدها في الدين والأخلاق والأسرة.

إن ما يدل على صحة هذا الرأي هو أن أكثر المجتمعات التي تستفحل فيها ظاهرة الاغتصاب هي أكثر المجتمعات تهميشا للأسرة واقبالا على العلاقات الجنسية الإباحية أمريكا ألمانيا فرنسا كندا ...ومعظمها مجتمعات غربية متطورة.

لكن يبدو من خلال المقطع الرائج أنك استخدمت كلمة اغتصاب، في سياق رأت فيه فئة المنتقدين أنه تبرير لتصريف رغبات جنسية منفلتة من سلطة العرف والدين؟

أولا، لا يمكن تفسير الاغتصاب بعامل واحد .نحن كنا بصدد نقاش عمل فني حول الاغتصاب مع دعاة للعلاقات الرضائية .ولهذا أنا كنت أتناوله من هذه الزاوية فقط لا غير. اي من زاوية محددة، وهي أن العلاقات الرضائية عامل آخر سيزيد من معدلات الاغتصاب .

كنت بصدد محاججة. أغلب التعليقات اكتفت بالتفسير الظاهري لكلامي ولم تبحث عن العمق الفلسفي فيه .أغلب الناس لم ينتبهوا لكلمة إرجاء وهي موجودة في الفيديو ،ويمكن الرجوع له . هناك من لم يفهمها لأن من يحاربونني- وأقصد المخططين- أغلبهم لا يعرف اللغة العربية ،وهذا طبيعي فيهم لأن العربية جزء أيضا من الهوية التي يتنكرون لها.لاحظي أن العريضة لم تكتب بالعربية وهذا يظهر لك نسبها اللقيط ، اما الموقعون فأغلبهم ممن أطلق عليهم قبيلة سمعنا ان ... أو قبيلة قالوا لنا ...أي أولئك الذين لايتحرون لأنفسهم ويعتمدون على غيرهم... التابعون... إذا شئت ، وأغلبهم طيبو النية ،وهناك طبعا من لم ينتبه فقط لكلمة إرجاء بينما هذه الكلمة كانت هي مفتاح السر لكل كلامي الذي كنت اقوله تحت وابل من القصف الكلامي للضيفتين.

ما صرحت به هو أن الغريزة الجنسية طاقة مادية يستحيل كبتها ،ولكن يمكن عقلنتها لتصريفها بشكل رشيد وسوي .وفي هذا الإطار، للأسرة وظيفة لا ننتبه لها ،وهي وظيفة الإرجاء ،اي تأخير و تأجيل تفجير الطاقة الجنسية إلى حين تكوين أسرة.بمعنى أن الأطفال بالخصوص وكذلك كل الناس سواء، خلال عيشهم داخل الأسرة أوداخل مجتمع يقدس الاسرة ينمون جميعا و دون أن يشعروا خبرة اساسية وهي أن الاسرة هي المكان الطبيعي للجنس. وهكذا نقوم بإرجاء رغبتنا الجنسية انتظارا للزواج وتكوين الأسرة .

لكن اذا تم تهميش الاسرة وتبخيسها من خلال إحلال العلاقات الرضائية كما يريد هؤلاء، فسنضيع على أفرادنا وعلى مجتمعنا وظيفة الإرجاء تلك الوظيفة المسداة من طرف الأسرة .انذاك سيعتبر البعض بأنه لا سبيل للزاوج في المستقبل بسبب الصعوبات القانونية أو الاقتصادية أو بسبب الأفكار الرائجة حول العلاقة الرضائية،و سيقتع بالتالي بأنه لا فائدة من الإرجاء الذي يصبح أمرا لامنطقيا بالنسبة له،وكذلك لأنه لم يتعلمه بسبب غياب الأسرة أو تفككها .. وآنذاك سيسعى للتفجير الفوري للرغبة الجنسية وقد يكون من أشكال هذا التفجير الفوري الاغتصاب.وبالتالي اذا اعتمدنا النموذج الذي دعت له الضيفتان خلال تلك الحلقة وهو النموذج المتفلت من الحدود الأخلاقية والدينية والإنسانية سنسقط في فخ تضييع الاسرة و تضييع مهمتها الإرجائية للغريزة ،ومن مضاعفات ذلك قد يكون الاغتصاب الذي له بالتأكيد أسباب أخرى إضافية.

سأزيد الشرح، لا يمكن أن تقنع شخصا بعدم الإشباع الجنسي الفوري الا باسم شيء له قيمة تعلو على قيمته هو كإنسان ، كالدين مثلا ،والشرف، والثواب في الاخرة. ولكن عندما ننزل إلى الحضيض، ونعدم هذه القيم كما هو الحال في العلاقة الرضائية التي لا تتم تحت مسمى شيء مفارق للإنسان بل فقط تلبية لنداء الغريزة التي هي غير مفارقة للانسان، على عكس الارجاء الذي يكون انصياعا لقيمة مفارقة للانسان ، آنذاك يصبح لا مناص من الإشباع الفوري الذي من أشكاله الاغتصاب ،اذن هذه العلاقات الرضائية ستمهد لظهور الاغتصاب أكثر في المجتمع.

أنت من الأصوات التي تشارك بنشاط في عدد من النقاشات حول الطابوهات، وربما تخصصك كطبيب نساء يجعلك معني بكثير من المواضيع ذات الحساسية الشديدة.. كالاغتصاب، العذرية، الاجهاض،الاغتصاب الزوجي ؛ والتي تشكل في النهاية ممارسات تستند على افكار مغلوطة اتجاه الجنس وجسد المرأة ودورها ... لكن البعض يتهمك بأنك لا تمتلك أدوات نقاش ذات بعد حقوقي اجتماعي وتتمسك بتمرير افكار تنتقص من صورة المرأة.. ما تعليقك؟

هؤلاء الذين يتهمونني ويكيلون لي هذه الانتقادات يعتبرون أن هناك منهجا معرفيا واحدا هو المنهج التغريبي المبني على الحداثة المنفصلة عن القيمة ،بينما انا اعتمد منهجا اخر مبنيا على الحداثة غير المنفصلة عن القيمة، أولا أنا متعدد الاهتمامات العلمية ، وأقرأ في كل الاتجاهات ،وهذا يمكنني من رؤية شمولية لكل موضوع مما قد يجعل البعض يراني لا أتمثل مبادئ حقوق الانسان، بينما العكس هو الصحيح، لان اول حق للإنسان هو الحق في أن نراه بشكل شمولي وان لا نعاكس فطرته.

لذلك يحضر في المشروع الفكري الذي انحثه. مفهوم الثنائية .كيف؟؟؟.انا افكر انطلاقا من الإنسان ذاته ولا أنساق وراء نظرية لحقوق الإنسان تجعلني أضيع هذا الإنسان الذي إذا تطرفنا في حقوقيتنا وحولناها إلى مجرد ترف نظري بارد دون روح ، قد نزج به في الاغتراب ثم الضياع. الثنائية هي سمة هذا الوجود،: هناك الخير والشر، العدل والظلم ،الجبل والسهل، الليل والنهار، الروح والمادة، وأيضا هناك الرجل والمرأة.انا اقدس حقوق الإنسان ،ولكني ابقى يقظا متأهبا فكريا لكي لا تسقط حقوق الإنسان بدورها في منطق السوق والببغائية فتنتج لنا حقوقا لايريدها الإنسان لانها تعارض كينونته وطمأنينته الداخلية.... حقوقا تحسن الصورة من الخارج وتصلح كشعارات، ولكنها قد تدمر الإنسان من الداخل بأن تغرقه في بلاء التعاسة والعدمية والشقاء . من هذه الزاوية أتصدى لمناقشة المواضيع التي تعنى بالرجل والمرأة ،من خلال إخضاعها لنموذجي المعرفي في الإدراك والتحليل الذي هو الحفاظ على طبيعة الأشياء وعدم مسخها.

سأوضح أكثر، لا يمكن مثلا أن نناقش موضوعا من خلال التحليل المباشر. سيكون تحليلا سطحيا، ولكن اذا كبرنا الصورة تحت مجهر نموذجنا الإدراكي سنصل إلى الاستيعاب الفعلي لأي ظاهرة .المنهج المعرفي يؤدي إلى معرفة المعنى الكامن أو الأسباب الكامنة وراء كل حادثة أو ظاهرة. فمن خلال إعماله اعرف هل هذا الأمر يحقق سعادة الإنسان سواء كان امرأة إم رجلا؟؟ هل يطور سجيتهما ام على العكس يمسخهما؟ أنتبه ما إذا كان الحق الذي نحن بصدده ليس سوى مجرد اطراد لا منطقي إنسانيا لايديولووجية او عقيدة معينة ؟؟ و بالتالي أتمكن من إيجاد الأجوبة وتحديد موقفي خلال النقاش.ولذلك أستطيع ان أحاور في عدة قضايا مختلفة بل و في كل المواضيع لأنني في النهاية أخضعها لمشكاة تحليلية واحدة وهي أن ابحث عن المعنى الكامن فيها .

سأوضح بمثال،لنأخذ موضوع العذرية..إنه بالتأكيد ليس مسألة غشاء بكارة و الذي أعرف قبل غيري أنه غشاء لا قيمة له من الناحية التشريحية،ولكن موقفك منه محدد لانتمائك الهوياتي ولأنموذجك الانساني،أو بالأحرى لنموذجك المعرفي.المرأة التي تحتفظ ببكارتها هي امرأة ربيت على مبدأ الإرجاء وبالتالي هي تريد غالبا أن تمارس الجنس في إطار الزواج . بينما نرى أن المرأة الاخرى التي تتبنى العلاقة الرضائية تستعجل الجنس ولا تعطي اعتبارا للبكارة. إذن وراء كل سلوك رؤية مختلفة للحياة، وفي النهاية الكل حر في أن يحتفظ بعذريته أم لا، مثلما أن الكل حر أن يتزوج عذراء أو لا.

مثال آخر ...ارتفاع معدل الطلاق قد يراه البعض حرية، انا اعتبر الظاهرة ارتفاعا في منسوب الأنانية والفردانية داخل المجتمع،و وضربا بعرض الحائط بمصير الأطفال،هذا هو المعنى الذي أستخدمه من نموذجي الإدراكي .ارتفاعه أيضا أفسره بأن الاسرة من كثرة التدخلات والتعديلات والفلسفات التي طالتها، وهذا منحى عالمي، أصبحت تتعرض لتداعيات خطيرة أخذ يستوعبها الغرب نفسه حاليا ، أبرزها أنها لم تعد تبنى على الرحمة والمودة ،بل على التعاقد، وهذا غير جيد في نظري، لان الاسرة التي اعتبرها مؤسسة إنسانية لا يمكن أن نشرع لها كما نشرع لشركة أو كما نضع قوانين داخلية لمؤسسة سياسية :الشركة مؤسسة اقتصادية تسير بقوانين العرض والطلب و مفهومي الربح والخسارة ...الخ والحزب أو البرلمان مثلا هما مؤسستان سياسيتان تشتغلان بالديمقراطية.

لايمكن مثلا أن نطلب بأن على الاسرة أن تكون ديموقراطية ولا حتى أن نطالب بأن تكون غير ديمقراطية،هذا خطأ ونقاش مغلوط،لماذا؟؟؟: لاننا نستعمل مفهوما أو قيمة في غير مجالها .الأسرة يجب أن تكون إنسانية تسير بالرحمة و بالتفاهم، والسكينة وبالمودة بين الزوجين والأبناء.البعض لا يؤمن بهذه القيم لأنها معنوية غير كمية لا يستطيع حسابها .وتلك مشكلته، ولذلك أصبح الزواج للأسف كمثل العقود الاخرى مما يهدد بفقدانه لماهيته الحقيقية .

مهمتي أنا أن أدق الجرس وأنبه لاغير ،فالاسرة ينبغي أن تشيد على أساس التعاليم الدينية، لأن ذلك يجعلها منسجمة مع طبيعتها الإنسانية و مبنية على قواعد مفارقة لنا أي على القيم الزوجية العليا .الأسرة اساس المجتمع، ولا ينبغي أن نتركها عرضة للتقلبات التشريعية أو الأهواء الحزبية. على قوانينها أن تكون مستقرة مما سيمكنها من الثباث والصمود ،وان لا تكون محلا لاقتراحات اي كان .هي مؤسسة مطلقة غير قابلة للعجن والتعديل حسب نتائج الانتخابات،ولذلك ينبغي أن نشتغل أكثر على سلوك الزوجين بالتربية على القيم الزوجية التي هي قيم مطلقة.

بالحديث حول سلوك الزوجين، والتربية على القيم، هناك من يرى أن مؤسسة الزواج تشكل امتدادا لأفكار لا تؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة، بمعنى أنها تعطي جرعة من "المشروعية" لممارسات تنافي قيم المساواة؟

المرأة والرجل هي الثنائية التي تشكل الإنسان. كلاهما شرط لوجود الآخر وبالتالي المرأة مساوية للرجل من حيث القيمة والكرامة الإنسانية هذا أمر لاشك فيه.

ولكن اذا كانت المساواة هي أن اوافق على ما يدعو له البعض من مطابقة المرأة بالرجل فهذا عبث وضحك على الذقون. اذا كانت المساواة أن يحمل الرجل أيضا جنينا في أحشائه او تنبت المرأة ذقنا وشاربا وتتذكر ويؤنث الرجل، فهذا ما لا استسيغه أبدا.البعض يعيب علي مثلا أني استعمل لفظ العنوسة للتعبير عن التأخر في الزواج، وهذا يجعل بعض النساء ممن لايفهنني يعتقدن اني اتعمد ان أستفز المرأة او أني أحط منها ولا أساويها بصنوها الرجل المتأخر أيضا في الزواج .ولكن هذا غير صحيح، المرأة هي الحضن وهي الأصل. انا أن أى عن المصطلحات المخدرة، و أستعمل عوض ذلك مصطلحا صادما لهدف توعوي وتربوي هو دفع المرأة للتفكير في الزواج قبل أن يفوت قطار الحياة والإنجاب. لأن التأخر في الزواج لايعاش بنفس الكيفية عند الرجل والمرأة.

من على الضفة المناقضة لأفكاري يعرف جيدا أن مثل هذا الاسلوب سيجعل المرأة تفيق من سباتها بعدما تم تضليلها والزج بها في متاهات بل وخلق الشقاق بينها والرجل، بل ويظهر واضحا انه بعدما تعذر الزواج، واستفحل الطلاق بسبب أفكارهم، كان لابد أن يقدموا حلا فاختلقوا لها بدعة العلاقات الرضائية بعدما لعبوا أيضا على المصطلح.انه حديث ذو شجون .

اعود فأقول أن المساواة هي أن نعامل كلا من الرجل والمراة باحترام وكرامة طبقا لفطرة كل منهما.الخلاف بيني وبين هؤلاء الذين يناصبونني العداء الفكري هو خلاف عميق ولذلك يعدمون رؤيتي، هم يمرون بحالة إنكار لفشلهم واغترابهم وعجزهم ولذلك يقترحون الفوضى على المجتمع. خلافنا هو بين رؤيتين لحقوق الإنسان: رؤية غربية علمانية تهمش البعد الروحي في الإنسان و وتكابر وتدعي مع ذلك انها كونية، ونحن نرى الآن أعطابها في الغرب ذاته من خلال احتجاجات السود ضد العنصرية ، هذه الرؤية تضخم من بعد الإنسان المادي الغريزي الاستهلاكي ومن ثمة تفصل بين الأخلاق والحقوق وهذه هي رؤية هؤلاء ..

في مقابل ذلك هنالك رؤية إيمانية حديثة تجمع بين العقل والنقل وتعتبر الإنسان كائنا متعدد الأبعاد بما في ذلك البعد الروحي ولهذا تقيم نظريتها في الحق على نظريتها في الأخلاق وهذه هي رؤيتي لحقوق الإنسان التي ادافع عنها.رؤيتهم أحادية ورؤيتي توفيقية تركيبية.وهي التي في نظري نحتاجها في المغرب لنتخلص من هذا الاستقطاب الحاد الذي يعيقنا عن التقدم إلى الأمام.

الآن، وبمناسبةوباء كورونا،آنتبهت البشرية أنها دمرت البيئة، وستنتبه قريبا إلى أن الحضارة المادية دمرت الإنسان من الداخل. وستعرف ربما بعد فوات الأوان ان كل شيء ينبغي أن يكون له حدود :العلم، الغريزة حقوق الإنسان.

عندما نتجاوز هذه الحدود والتي هي الأخلاق فإننا نقامر بمصير النوع الانساني وهذا ما ينطبق على العلاقات الرضائية .الان هناك مثلا حديث في الغرب عن ضرورة العودة إلى الاقتصاد الأخلاقي أي الى جذوره فالاقتصاد الذي انتهى الى الليبرالية المتوحشة كان قد نشأ كفرع من فروع الفلسفة الأخلاقية ، الآن، الجري وراء الربح جعل كل شيء يسلع فى عالمنا : المرأة، الدين، الرجل حقوق الإنسان. ماذا ينفع المرأة مثلا اذا حازت كل الحقوق التي تدور في عقل المتحذلقين وخسرت نفسها وطبيعتها.

في النهاية أنا مثقف عضوي تمرست بالميدان وكونت أفكارا واقعية ولدي آرائي في كل المجالات و التي اطرحها ليراها السياسيون، و قد يأخذون بها أو لا يأخذون،ذلك أمر ليس من اختصاصي. اما لماذا أتحدث في كل شيء، سأعطيك السر وهو اني ابحث عن المعنى الكامن في الظواهر وبالتالي كل قضية ،حدث أو واقعة يحملون دلالة، وهكذا ادرس الدلالات وبذلك تتوحد العلوم لدي.

وحدة العلوم وصل إليها كبار الفلاسفة منذ زمن .ثم ما العيب في الموسوعية .هل تعرفين أن هناك  الآن علما اسمه علم التعقيد ويعني أن المحلل الحقيقي هو الذي يتداخل في تحليله السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالمنتخب بالمالي بالعلمي بالأسرة بالتقنية.انا لدي هذه القدرة بل ولي ملكة طرح أفكار تأصيلية او تأسيسية.وهذا مالايستسيغه البعض من الذين قد يشعرون بضحالتهم الفكرية عندما يعملون على اختصاص واحد يعاقرونه طوال حياتهم. هؤلاء الحساد دائما مايعترضون سبيل الكبار،فيألبون عليهم ،وفي حالتي هذه لم يجدوا كتبا ليحرقوها،ولذلك أرادوا حذفي من الإعلام، لانهم يعرفون سلطان الصورة عندما يستثمرها المثقفون الحقيقيون، انا أطلق أفكارا و لست مشرعا لكي يشن علي كل هذا الهجوم .قد اكون مخطئا في تحليلاتي ولكن هذا حقي في الخطأ امارسه في باحة الفكر ولا أفرضه على احد، واحترم الكل واناقش الكل حتى من هم على النقيض من قناعاتي.فكيف القى جزاء سنمار؟؟؟.

مشكلتنا في العالم العربي اننا نعادي الناجحين ونقتل الابداع، ثم نندب حظنا ونتساءل لماذا تخلفنا؟؟؟. لدينا نخبة مستلبة، و عامة يسهل قيادها، و قد زادت وسائل الاتصال الاجتماعي في تسهيل سبل تحريضها على ذوي الأفكار الخلاقة ، وهكذا يتفرق دم المبدع على الجمهور المخدر الهائج في شوارع الفايسبوك ؟ من أسباب محنتي أن خصومي ينتمون لتيار يعادي العربية قبل أن يعادي الأسرة، تيار لا يعرف فحوى ما أقول لأنه يجهل لغته ويتنكر لهويته؟؟.هناك من بحقد علي فقط لأنه يزعجه أن يرى طبيبا يتكلم العربية بطلاقة وفي كل المجالات العلمية بما فيها الطب فيسعى لوأد مثل هذا النموذج ليرتاح نفسيا ويمنع انبثاق وعي وأفق جديدين . إنني خلال الحجر الصحي تدخلت170 مرة عبر وسائل الإعلام الوطنية والدولية .هذا يثير حفيظة البعض ممن روجوا العريضة ولذلك يسعى هذا البعض لأن يضع لي كمامة على الدوام. ربما قد يكون استئناس هذا البعض مع الكمامات الواقية من كوفيد 19 جعله لا يقدر خطورة المطالبة بتكميمي ،وهذا من المضاعفات النفسية للحجر ولذلك أعذرهم قليلا.الإعلام وسيلة لخدمة الفكر والوطن ونشر الثقافة بين الناس وهذا يتطلب مني جهدا مضنيا على عكس ما يتخيله البعض. وهنا يحضرني قول الشاعر:

ماذا لقيت من الدنيا وأعجبه...... اني مما أنا شاك منه محسود.

واخيرا انبه الى أن المرحلة ليست مرحلة الملاسنات والجدال العقيم بل مرحلة التجند واقتراح الحلول الصائبة للخروج من التداعيات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي خلفتها الجائحة والحجر الصحي.انه وقت العمل لا وقت الجدال. علينا أن نستفيد الدروس من الوباء ،وأولها درس ماحك جلدك مثل ظفرك ، العالم دخل في حالة مراجعة للمسار .فهل ننتظر أن يراجع الآخرون ونقلد نحن مرة اخرى، أم تغتنم الفرصة التاريخية وندلي بدلونا في تحديد القيم الجديدة التي ستحكم العالم.

علينا أن نبين للنافذين دوليا بعض أخطائهم التاريخية ، ولعلهم واعون بها الان، بكل اختصار علينا أن نعثر على الصيغة المناسبة لنا من خلال التفاعل مع العالم ومن خلال عدم التفريط في جواهر أرثنا التاريخي المجيد ولا نعدمه كما ينادي البعض .هذا هو خالد فتحي ليس متطرفا ولا هاوي لغة خشب بل رجلا يشتغل فكريا على مصير الأمة الحضاري. فمن أحبني فمرحبا به ،ومن أبغضني فليناقشني، فأفكاري ليست بنهائية ولا مطلقة