ثقافة وفن

مبروكي يحلل نفسية المطالبين بالإعدام .. قد تكون هناك رغبة في الانتقام بعد تعرض لاغتصاب سابق!!

أحداث أنفو السبت 19 سبتمبر 2020
جواد مبروكي
جواد مبروكي

AHDATH.INFO - بقلم جواد مبروكي*

كلما احتلت قضية اعتداء جنسي (مع أو بدون جريمة قتل) على قاصر عناوين الصحف، يصرخ جزء كبير من الشعب المغربي من أجل حكم الإعدام على البيدوفيل. وبعبارة أخرى، يستبدل الناس المحكمة ويعلنون حكم الإعدام بالرجم في مكان عام حتى يكون هذا الحكم عبرةً لكل من أراد ممارسة الجنس مع الأطفال. ولكن تاريخ البشرية أظهر لنا أن هذا الشكل من العقاب لم يقلل أبدًا من الجريمة.

في أعقاب هذه الحالة الأخيرة للطفل عدنان في طنجة، رحمه الله وأعان والديه وعائلته، لاحظنا جميعًا دعوة المجتمع إلى إصدار حكم الإعدام بحق البيدوفيل. ولذا حاولت تحليل هذه الرغبة العميقة في قتل شخص حتى لو كان بيدوفيل وقاتل. لكن قبل تقديم تحليلي أقترح عليكم بعض الأرقام التي يجب تذكرها.

بالمغرب 3 أطفال يتعرضون للاعتداء الجنسي كل يوم وفقا للائتلاف المغربي ضد الاعتداء الجنسي على الأطفال(1) في تقرير نشر في 2015.

و وفقًا لما ذكرته جمعية كولوسْ أوبْيي دارْجيلْ(2) في فرنسا، فإن المعتدي هو جزء من حاشية الطفل في 94٪ من الحالات، و 9 مرة من أصل 10 حالات اعتداء جنسي لم يتم إبلاغ السلطات عنها. والأخطر من ذلك أن 20٪ من المجتمع تعرضوا لاعتداء أو لمس جنسي.

ومع أخذ كل هذه الأرقام بعين الاعتبار، فإن هذا يعني أنه من بين أولئك الذين يطالبون بعقوبة الإعدام في حق البيدوفيل، ربما نجد عدد كبير منهم (20٪) ضحايا اعتداء جنسي خلال طفولتهم وضحايا سفاح القربى ولم يبلغوا السلطات بتعرضهم للإيذاء الجنسي.

ولذلك أستنتج أن طلب الإعدام ليس مطالبة بالعدالة، بل هو رغبة في الانتقام! وبعبارة أخرى وبصورة أوضح، لقد وقع في المجتمع عدد ضخم من ضحايا الاعتداء والاغتصاب الجنسي أثناء الطفولة دون أن يتمكنوا من التنديد بالمعتدين عليهم وبالتالي يتم إسقاط ألمهم وإحباطهم على البيدوفيل المعتقل من طرف الشرطة حيث الحكم عليه بالإعدام سوف يُمكّن كل الضحايا من استرداد تعويضاتهم النفسية!

ولكن ماذا عن المعتدين الآخرين الذين لم يتم الإبلاغ عنهم؟  في رأيي، بدلاً من طلب هؤلاء الضحايا الصامتين بإعدام البيدوفيل سيكون من المفيد لهم ولمجتمعنا أن يذهبوا الآن و فورًا لتقديم شكوى للسلطات حتى لو وقع لهم الحدث المؤلم قبل 10 أو 40 عامًا.

إن السلاح الوحيد ضد البيدوفيليا هو كسر حاجز الصمت والتنديد بالمعتدين ولا يهم إن كانوا من الأقرباء (90٪) أم لا ولا يهم متى وقع الاعتداء الجنسي ولا يهم إن كان المعتدي قد مات أو أصبح شيخا على باب الموت! و أؤكد لكم أن هذه العملية التي تتطلب شجاعة كبيرة سوف تكون عبرة لكل بيدوفيل أكثر من الإعدام وسوف يصبح عدد الضحايا معروفا في مجتمعنا!

المغربي يْفْضّلْ الموت عوض الشّوهَة قْبالْتْ الناسْ!

Coalition marocaine contre les abus sexuels à l’encontre des enfants (1)

Association Colosse aux pieds d´argile (2)

*خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي