ثقافة وفن

عقوبة الإعدام مرة أخرى

حكيم بلمداحي الاثنين 21 سبتمبر 2020
5c41fe31d43750611f8b45e4
5c41fe31d43750611f8b45e4

Ahdath.info

بعدما هدأت النفوس بعض الشيء عقب الترويع الذي خلفته جريمة اختطاف واغتصاب وقتل الطفل عدنان، يمكن طرح موضوع عقوبة الإعدام بشيء من الهدوء المطلوب في مثل هذه القضايا.

بداية، لابد من التأكيد على أن مطلب إلغاء هذه العقوبة لم يكن وليد اللحظة، بل هو مطلب يعود إلى سنوات خلت، بعدما تم اعتبارها عقوبة لا إنسانية في أدبيات حقوق الإنسان دوليا.

ثانيا، لا يمكن لأي شيء كان أن ينزع عن جريمة قتل الطفل عدنان وحشيتها وبشاعتها، ولا يمكن الحديث بخصوص هذه الجريمة النكراء عن التسامح أو التساهل أو التخفيف. كما لا يمكن لأي كان هنا أن يحل محل القضاء الذي يمتلك الكلمة الفصل، وسيحكم بما يراه مناسبا احقاقا للعدل وحماية للمجتمع.

لكن كل هذا لا يمنع من الحديث عن عقوبة الإعدام كعقوبة غير رادعة أولا وكعقوبة لا إنسانية ثانيا.

عقوبة الإعدام تتنافى مع الحق في الحياة وهو حق طبيعي إنساني لا يحق لأحد أن ينتزعه. كما أن الدفع ببشاعة الجريمة لا يسمح بالدفع ببشاعة العقاب، لأن مقترف الجريمة مجرم خارج عن القانون، أما المجتمع فينزع نحو التحضر والإنسانية.

المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام لا يعني التساهل مع الجريمة ولا يتعارض مع سن قوانين صارمة تقوم على عزل المجرم وإبعاده عن المجتمع. قوانين تجمع بين العقاب والردع دون المساس بالقيم الإنسانية.

أما الخطورة في عقوبة الإعدام، إلى جانب لا إنسانيتها، فتكمن في هامش الخطأ الذي يمكن أن يقع ولن تكون هناك فرصة التراجع أو المراجعة. وهناك أمثلة لأناس حكم عليهم بالإعدام لتتبين في ما بعد براءتهم من الجريمة التي حوكموا بها. وهناك مثال في المغرب لحسن الحظ لم ينفذ الإعدام في حق أصحابها لتوقف تنفيد هذه العقوبة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي.

كما أن عقوبة الإعدام يمكن استغلالها في قضايا سياسية لتصفية الخصوم، والتاريخ مليء بالأمثلة من هذا النوع.

صحيح أن هناك تململا في بعض البلدان التي ألغت عقوبة الإعدام منذ سنين، والآن بعض المجتمعات تطالب بعودتها في بعض الجرائم، لكن هذا لا ينفي عن عقوبة الإعدام بشاعتها ولا إنسانيتها وعدم جدواها في الردع.

تبقى الإشارة إلى أن بعض الجرائم البشعة مرتبطة بأشياء معقدة تتطلب الوقوف عندها بالتحليل والدراسة بعلوم الإجرام والسوسيولوجيا والسيكولوجيا، وهي جرائم ترتبط بتركيبة بعض الناس النفسية والاجتماعية، مع العلم أنها جرائم لا يمكن أن توقفها عقوبات زجرية وستستمر باستمرار وجود أناس مرضى سيكوباتيين في كل مجتمعات البشرية.

ونعود للتذكير بأن ما حدث للطفل عدنان صادم وبشع ولا يمكن التساهل معه، لكن هذا لا يناقض استمرار المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام وسن قوانين رادعة متحضرة...