آراء وأعمدة

يونس دافقير يكتب: فلسطين ليست قضية دينية

دافقير يونس الاحد 13 ديسمبر 2020
FB_IMG_1607881961190
FB_IMG_1607881961190

AHDATH.INFO

منا من يعتبر فلسطين قضية دينية وايديولوجية، ولذلك فهو يستعيد كل تاريخها -الذي تختلط فيه فلسطين القضية بإحباطات الإسلاميين والقوميين- من هذه الزاوية الوجدانية.

ومنا من يرى فلسطين قضية سياسية تجيب عن سؤال كيفية استعادة حقوق الشعب الفلسطيني من خلال دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وهو يستعيد تاريخها من خلال الإمكانات المتاحة واقعيا، وبناء على ميزان قوى سياسي محدد.

أنا واحد من المواطنين الذين يعتبرون فلسطين قضية سياسية، أكثر منها دينية أو إيديولوجية، الجانبان الأخيران حاضران، لكن دون أن يكونا مهيمنين، فتعمى بذلك البصيرة والبصر.

ونحن نعرف منذ زمان وليس اليوم فقط، أن الدينيين والإيديولوجيين متعصبون لعقائدهم ويصعب إقناعهم، هذا ليس جديدا نكتشفه اليوم، لكن على الأقل وجب أن يتفقوا معنا على رفع بعض التضليل من خطابهم:

أولا: كلنا، ومهما كانت مواقعنا وتوجهاتنا، مع الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، لكننا نختلف في الإجابة عن سؤال الممارسة وليس النظرية، سؤال كيف ذلك؟ وبالتالي نحن في نقاش سؤال الأدوات وليس في نقاش بمرجعية الولاء والخيانة.

ثانيا: كلنا ضد التطبيع مع الحركة الصهيونية، لكننا نميز سياسيا بينها وبين دولة اسرائيل، ونحن نقول "إسرائيل" وليس "الكيان الصهيوني" لأن إسرائيل ليست كلها صهيونية، وحتى الآن لم يحدث تطابق تام بين الحركة الصهيونية كإيديولوجية وبين إسرائيل كدولة سياسية، ويوم يحدث هذا التطابق في الكنيست ورئاسة الوزراء وتحالف الحكومة والجيش، سنكون أمام واقع اخر بموقف آخر.

ثالثا: النقاش كله يتم حتى الآن على أساس مضلل: "التطبيع". ما حدث الخميس الماضي ليس تطبيعا، بل استعادة أو استئناف للاتصال الديبلوماسي الذي كان بين 1994و 2000. والمغرب لم يعترف بدولة إسرائيل هذا الأسبوع فقط.

ثم لماذا تفكر الناس بعقلية شيك على بياض، كل الدول تبرم اتفاقات قابلة للمراجعة أو التجميد والإلغاء، ولنا سوابق كثيرة في ذلك حين لا يلتزم الطرف الآخر بفلسفة الاتفاق، ومنها إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط سنة 2002 بعد أن تحللت إسرائيل من التزاماتها تجاه السلام.

ومصطلح التطبيع لم يعد يجمعنا ويوحدنا كما في السابق، تم شحنه نكاية في الخصوم بحمولة قدحية، وهو أصلا مثقل بمضمونه الإيديولوجي، ناهيك عن أن استعماله يتم خارج سياقات إنتاجه الأصلية.

هذا هو أصل الحكاية: نختلف لأننا نتناقش بمصطلح متجاوز وسيء النية. وبكثير من تصفية حسابات الداخل بأوراق الخارج، وإلا ما معنى أن يتفهمنا الفلسطينيون ويثور في وجهنا الأوصياء على فلسطين؟