ثقافة وفن

الداخلية تقاضي زيان: المغرب المؤمن بالمؤسسات

افتتاحية "الأحداث المغربية" - عدد الأربعاء 13 يناير 2021 الثلاثاء 12 يناير 2021
ziane-1
ziane-1

AHDATH.INFO

مامعنى لجوء مؤسسة كبرى في البلاد، مثل وزارة الداخلية، إلى القضاء لمواجهة ماينشره المحامي محمد زيان منذ أشهر طويلة من اتهامات في حقها وفي حق مؤسسات أخرى عديدة في البلد؟

يجب فعلا طرح السؤال بكل هدوء ويجب التفكير في الجواب عليه بكل هدوء وعقل أيضا، لا الهروب إلى استعمال العبارات الإنشائية الساذجة والبسيطة، « من البنعلة إلى البغللة » التي يستعملها هواة الكلمات والمشتقات التي لاتعني شيئا…

أهم شيء يعنيه هذا اللجوء المتحضر إلى القضاء، هو أن المغرب بلد قانون وبلد مؤسسات.

من حق الشخص فيه ومن حق المؤسسة أيضا المكونة من أشخاص أن يلجآ إلى التقاضي بطريقة قانونية متحضرة لإثبات أو نفي أي اتهام يوجه لها. وهذا عمق وروح وجوهر دولة الحق والقانون التي نطمح لها ولتكريسها جميعا.

في زمن آخر لن يتذكره ربما جيل الفيسبوك وتويتر وسناب شات وتيك توك وبقية منصات « الصحافة المواطنة الحديثة » (رجاء لا تضحكوا)، كان محمد زيان وزيرا، وكان وزير الداخلية آنذاك يستطيع أن يرسل في طلب صحافي مرموق مثل خالد الجامعي (والد أبوبكر الجامعي للإشارة وللصدفة التاريخية الماكرة) لكي يأتي إليه في مكتبه، ولكي يطرح الوزير رحمه الله وغفر له ماصنع على الصحافي السؤال بكل وقاحة ردا على مقال كتبه الجامعي حينها « شكون نتا؟ ».

اليوم، لا أحد يرسل في طلب أحد إلى مكتب أحد في المغرب، لكي يتعامل معه بوقاحة ويسأله « شكون نتا؟ » مثلما كان يقع أيام كان محمد زيان وزيرا…

اليوم المؤسسات التي تتعرض للتطاول، أو للتشهير، أو للابتزاز، أو للضغط بالجنسيات الأجنبية الكثيرة، أو للانتقام الشخصي الفارغ، أو للهوس المرضي وما أكثر المصابين به بيننا، تختار اللجوء إلى مايفرضه مغرب سنة ٢٠٢١: تذهب إلى القضاء.

تعتبر هاته المؤسسات أن مسؤولها أو مسؤوليها تعرضوا لحملة تشويه تمسهم عبر الأنترنيت، وعبر صحافة المؤلفة جيوبهم ممن لم يكتب لهم تطور الأشياء أن يصلوا إلى ماكانوا يرغبون في الوصول إليه، ومن طرف الطابور الخامس، وهو موجود وعليه علامات ودلائل كثيرة، وتقرر بشكل وطني ومواطن أن تطلب الإنصاف من قضاء بلادها.

دلونا، أيها المتعالمون علينا بالشعارات، على طريقة أكثر تحضرا من هاته للفصل بين المختلفين. أعطونا طريقة أخرى أكثر انتماء لعصر الناس هذا تفصل بين مطلق الاتهامات وبين من توجه إليه هاته الاتهامات الكاذبة دون دليل.

إذا أعطيتمونا بديلا آخر صمتنا، بل شجعناكم وانخرطنا معكم في جوقة « الهاشتاغات » المضحكة. ماذا وإلا فإننا نطلب منكم صمتا كثيرا، وهدوءا أكثر، وانتظارا للكلمة الفصل التي لا يمكن أن تصدر إلا عن قضاء هذا البلد ذي السيادة الكاملة غير المنقوصة، مهما حاول العديدون تخيل أمور غير ذلك…